أحمد زكارنة
العنوان أعلاه هو الصيغة العربية لأغنية قدمتها الفنانة الأمريكية التقدمية «جوان بايز» إبان حرب فيتنام، وهي في الأصل ترتيل ديني مسيحي، ارتبط بكفاح سود أميركا في مطالبتهم بالكرامة والمساواة، غنتها باللغة الإنجليزية الفنانة الفلسطينية أمل مرقص للمرة الأولى عندما كانت تبلغ من العمر عامين ودون أن تدري معنى ما تقول، كأي طفلة تغني ما يروق لها مما تسمع، إلى أنْ صادف وجود طاقم إخراج أفلام وثائقية فنلندي كان يصور فيلماً عن الثورة الفلسطينية، استمع إلى الطفلة تردد أغنية بايز «We shall overcome”، ما دفعه لأغراء الطفلة بحبة شكولاته لتسجيل الأغنية بصوتها الطفولي. صدفة رتبت لمرقص موعدا لم تكن تحلم به مع الفنانة الأمريكية “جون بايز” التي نما إلى مسامعها بعد سنوات عدة، أن طفلة فلسطينية باتت فنانة شابة، بدأت حياتها الفنية بهذه الأغنية ما دفع “بايز” للاتصال بـ “مرقص” لتصاحبها في غنائها على هامش زيارتها إلى فلسطين لتغني ضد الحرب والاحتلال.
هذه القصة إن دلت، فهي تدل على أن الأحلام الصغيرة يمكن لها أن تتحقق، وإن كانت أحلام يقظة، كما أنها تثبت أن لا شيء يسمى مستحيلا طالما بقى في العروق نبض، ونحن الفلسطينين قصر الزمن أم طال سوف ننتصر يوما ما، ولكن متى وكيف؟ هنا تكمن الأسئلة التي تأتي بعض إجاباتها في سياقات ومؤشرات عدة، منها على سبيل المثال أننا منتصرون لا شك، حين نرى الطفلة “صالحة حمدين” التي خرجت من رحم البادية الفلسطينية بقصتها الخيالية “حنتوش” وهي تحصد جائزة “هانز كريستيان” الدولية للقصة الخيالية من بين 1200 عمل من جميع أنحاء العالم، ولكنَّ سؤال الـ “كيف” هنا يكمن في انتباه رجال الاقتصاد إلى بيئة هذه الطفلة التي لم تتجاوز الخمسة عشرة عاما، وهي تعيش في خيمة إلى جوار سبعين نعجة، وحلمها لا يتجاوز الحياة الكريمة ودراجة هوائية تذهب بها إلى مدرستها.
نكون منتصرين، ونحن نتابع عن كثب انتفاضة شبابنا من فلسطيني الـ 48 وهم يتصدون بكل بسالة للمخطط الاحتلالي التهجيري العنصري المسمى “برافر” ليكسروا قرار وهيبة هذا الكيان المحتل بصدور لا يملؤها إلا الانتماء إلى الأرض هوية وثقافة، ليبقى سؤال الـ “كيف” يترنح على طاولة أصحاب القرار، بأي الوسائل والسبل يجب أن ندعم هؤلاء الشباب الذين أحيوا روح قضيتنا وهم يتصدون بكل عزم وعزيمة لربما لم تحيا هذه أو تلك تفاصيل نكبتنا في العام 1948.
لا ريب سيكون النصر حليفنا ونحن ندعم سواعد أهل قريتي قصرة وجالود، وهي ترد ثمن همجية وخسة المستوطنين الذين اعتادوا الاعتداء على أراضينا وممتلكاتنا في إطار ما يسميه المتطرفون اليهود سياسة “دفع الثمن” الذي لم تنج منه أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، وبالرغم سيبقى أيضا سؤال الـ “كيف” وبعض مثقفينا وصحافيينا منشغلين في جلد أنفسنا بأنفسنا، بمهاجمة هذا المسؤول أو ذاك الزميل على كل فعل وقول، قد يكون بينها ما يستحق النقد، ولكن عن أي نقد نتحدث وكل ما نبحث عنه هي البطولات الزائفة التي لا تخلو من عنتريات لا تمت لأصول النقد من قريب أو بعيد.
نعم يمكننا أن ننتصر حين نرى وزيراً للثقافة يهتم بكسرة خبز بلدي عجن بإتقان دفعه ليحمل عددا من أرغفته، ليتذوقها كل من يصادفة أو يلتقيه عن سابق موعد، وهو ما حدث معي قبل أيام والدكتور أنور أبو عيشة يزودني برغيف خبز خليلي، والفكرة هنا فكرة تمسك الرجل بقصد أو بدون قصد بهذا الموروث الشعبي للطعام الفلسطيني، ولكن سيبقى أيضا سؤال الكيف، ونحن نرى حكومته لم تع بعد ما معنى أن نهتم بالشأن الثقافي، لنخصص له ما يسستحق ويجعلنا بلا أدنى شك نردد أغنية “جوان بايز” سوف ننتصر يوماً ما