الحدث- سوار عبد ربه
تصادف اليوم الذكرى الخامسة على تبني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو"، قرارًا ينفي أي علاقة لليهود في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.
وحول هذا قال الباحث في جمعية الدراسات العربية مازن الجعبري إن هذا القرار، كان مهما في ذلك الوقت، إذ قامت فيه الأردن بالتعاون مع السلطة الفلسطينية ومع بعض الدول الإسلامية، واتخذوا هذا القرار القاضي بعدم وجود علاقة بين ادعاءات اليهود بأن لهم حقوقا دينية أو أي نوع من الحقوق في المسجد الأقصى، وحوله، الأمر الذي أحدث أزمة إسرائيلية أمريكية كبيرة مع اليونيسكو.
وكانت قد صوتت لصالح القرار 24 دولة في اللجنة، بينما امتنعت 26 دولة عن التصويت، وعارضته 6 دول، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح الجعبري لصحيفة الحدث أنه منذ ذلك التاريخ اعترضت "إسرائيل" على القرار ولم تقبل به، ومضت منذ عام 2019 في برنامج حكومي لتغيير الوضع داخل المسجد الأقصى، لأنها ترغب بأن يكون جزءا منه مكان مقدس لليهود، ولأجل ذلك نظمت عملية اقتحام المسجد الأقصى، من خلال التقسيم الزماني المتمثل بالفترة الصباحية والمسائية بشكل منظم ومرتب بحماية شرطة الاحتلال.
وبحسب الجعبري، عملت حكومة الاحتلال أيضا على ما وصفه بالحدث "الأخطر" من ناحية قانونية وسياسية، وهو إنهاء الوصاية الأردنية -التي اعترفت فيها للأردن دور تاريخي خاص- على الأماكن الإسلامية والمسيحية الأمر المنصوص عليه في اتفاقية وادي عربة عام 1994 بين الدولتين، والذي يعطي الحق للأردن في أن تمارس حقها على هذه الأماكن بما فيها الرعاية.
ووفقا ل مازن الجعبري؛ بعدما أنهت "إسرائيل" الوصاية الأردنية عملت على تقليص صلاحيات دائرة الأوقاف الأردينة داخل المسجد الأقصى، وأصبح دورها مقتصرا على رعاية شؤون المسلمين المتمثلة بالصلاة والإمامة.
وأوضح الباحث في جمعية الدراسات العربية أن "إسرائيل" هي المسيطرة على كل النواحي داخل المسجد الأقصى بما فيها قضايا الترميم والتوظيف، ولا تسمح بأي عمليات ترميم ولا صيانة إلا بموافقة ومنها، كما تمنع إدخال أو إخراج أي مواد للمسجد الأقصى، حتى أنها في الوقت الحالي لا تسمح للأوقاف بتعيين موظفين جدد بما فيهم الحرس.
وفي السنوات الأخيرة، حاولت "إسرائيل" أن تعمل تغييرا جذريا على سيادتها داخل المسجد الأقصى، من خلال البوابات الإلكترونية لكنها فشلت بسبب وقوف المقدسيين وهبتهم في العام 2017، إلى جانب محاولتها الاستيلاء على باب الرحمة، لأن هدفها أن تكون موجودة في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى، وفقا للجعبري.
وبدأت معركة البوابات الإلكترونية بالمسجد الأقصى في 14 تموز 2017، عندما أغلق الاحتلال المسجد ومداخل البلدة القديمة ومنع إقامة صلاة الجمعة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ احتلال القدس عام 1967.
وتابع: "هذا العام استطاعت "إسرائيل" أن تعمل تغييرا في موضوع صلاة اليهود داخل المسجد الأقصى من خلال أعيادها، واستطاعت أن تغير من معالم المسجد الأقصى من مكان للمسلمين وصلاتهم إلى مكان يستطيع فيه اليهود تأدية كل الطقوس التلمودية التي شاهدناها خلال الشهر الماضي.
واقتحم مستوطنون، اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك، على شكل جماعات عبر باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، كما أدوا صلوات صامتة في الجزء الشرقي منه، بحماية مشددة من عناصر شرطة الاحتلال.
وأردف الجعبري: "إسرائيل" مستمرة بعمليات التغيير جوار المسجد الأقصى من وادي الربابة إلى سلوان، إلى مقبرة باب الرحمة، للاستيلاء على أراضيها، بالإضافة إلى المقبرة اليوسفية، لأنها تريد أن توجد حزاما حدائقيا توراتيا حول المسجد الأقصى حتى تفرض سيادتها على كل المكان وأن تغير في هوية المكان بشكل كامل من هوية إسلامية عربية إلى هوية يهودية تلمودية.
وأرجع الجعبري السبب لعدم التزام "إسرائيل" بالقرارات الدولية، خاصة قرارات منظمات الأمم المتحدة للدعم الكبير والتحالف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي تنقذها دائما من كل المآزق الدولية التي أوقعت نفسها فيها، إلى جانب قدرة الولايات المتحدة على استخدام حق النقض الفيتو وتأثيرها على الدول الأخرى من خلال نفوذها لحماية "إسرائيل" ما يعني عدم احترام إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية ولا المجتمع الدولي للقرارات التي تتخذها المؤسسات الدولية خاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وحتى الاتحاد الأوروبي.
والسبب الآخر بحسب الجعبري يعود لتخاذل وتقصير الدول العربية بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقضية القدس، ما أدى لتمادي "إسرائيل" في عدم انصياعها للقانون الدولي، كما أنه خلال العامين الأخيرين هناك أربعة دول عربية طبعت مع إسرائيل، وفي صفقة القرن التي وقعت عليها الإمارات ورد بند ينص على أن المسجد الأقصى يجب أن يكون مكانا لكل الأديان.
وفي 15 أيلول 2020، أصبحت الإمارات والبحرين أول دولتين خليجيتين تطبعان علاقاتهما مع "إسرائيل"، تحت رعاية الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب، وأقدمت المغرب والسودان في ما بعد على الخطوة نفسها.
أما السبب الأخير وفقا للباحث في جمعية الدراسات العربية هو حالة الضعف الفلسطيني والانقسام الذي أدى لتمادي إسرائيل بشكل كبير على القانون الدولي، وعلى ما يجري في مدينة القدس.