عندما تداعت دول العالم لتشكيل جسم عالمي عقب الحروب العالمية المدمرة (الأولى والثانية) التي راح ضحيتها ملايين الضحايا من الأبرياء. وفي محاولة لوضع ميثاق عالمي للحد من الحروب والقتل والدمار والنظر إلى المستقبل وتحقيق الاستقرار والتنمية والسلام والعدل بين الأمم والشعوب، التقى ممثلو خمسين دولة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1945 في مؤتمر أُممي أُطلق عليه مؤتمر سان فرانسيسكو وفق مقترحات دومبارتون أوكس ومُعاهدة يالطا، وتم إجراء بعض التعديلات عليها، حيث وافق المؤتمر على ميثاق الأمم المتحدة وعلى بنوده وعلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وتوج التوقيع بعد أربع سنوات من العمل المستمر في 24 من شهر أكتوبر 1945 وكان أول احتفال باليوم العالمي للأمم المتحدة عام 1948، أما الجمعية العامة للأمم المتحدة فأوصت بالاحتفال بهذا اليوم كعطلة رسمية عام 1971.
والآن أصبحت الأمم المتحدة تضم في عضويتها 193 دولة. وهي تتكون من عدة أجسام رئيسية هي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومحكمة العدل الدولية ومجلس الوصاية، والأمانة العامة للأمم المتحدة. ويُعتبر مجلس الأمن هو أهم مؤسسات الأمم المتحدة لما يقع عليه من مسؤوليات أساسية بموجب بنود ميثاق الأمم المتحدة تجاه الحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار العالمي.
ووضعت الأمم المتحدة خارطتها العالمية وأهدافها الكبرى التي تبعث أملًا بعد يأس، وسلامًا بعد حروب ودمار، وازدهارًا وتنمية بعد فقر وجوع، ومساواة وعدلا وحريات بعد الظلم والقمع وغياب القانون.
فبعد 76 عامًا من إطلاق ميثاق الأمم المتحدة وإطلاق الأهداف السامية التي تبعث الأمل بمستقبل خالٍ من الحروب والنزاعات والقتل والدمار والظلم وتحقيق العدالة الإنسانية، هل استطاعت الأمم المتحدة وفي إطار معايير القياس ومؤشرات الأداء أن تنجح في تحقيق أهدافها؟ وماذا قدمت الأمم المتحدة وما هو النجاح الذي حققته وفق ميثاقها الموقع تجاه تحقيق الأهداف المرحلية والاستراتيجية؟
وهل الشعارات الجميلة والاجتماعات الدورية ودبلوماسية القمم والمؤتمرات أصبحت هي السمة الأبرز لعمل الأمم المتحدة؟ أم أن الحفل الموسيقي السنوي داخل أروقة الأمم المتحدة كتعبير عن السلام هو الهدف؟
بعد 76 عامًا هل استطاعت الأمم المتحدة وقف الحروب والنزاعات بين الدول والأطراف المتنازعة والتي يذهب ضحيتها آلاف المدنيين سواء النزاعات داخل الدولة الواحدة أو بين الدول؟ هل استطاعت الأمم المتحدة إنهاء كل أشكال الاحتلال للدول أم توجد معايير وحسابات وتوازنات لوقف ولجم دول الاحتلال وممارساتها تجاه الدول والشعوب المحتلة؟ هل استطاعت وقف كل أشكال القمع والعنف والقتل ضد الأقليات في العالم سواء في الهند أو الصين أو غيرها. هل استطاعت الأمم المتحدة محاربة الفقر والجوع والأُمية في دول العالم؟ وهل استطاعت وقف نهب ثروات الدول الكبرى لخيرات ومقدرات الدول الفقيرة؟ هل استطاعت الأمم المتحدة وقف سباق التسلح وتطوير الأسلحة غير التقليدية التي تهدد العالم بأسره في حال اندلعت حرب عالمية جديدة؟ هل استطاعت إعادة الاعتبار للإنسان وحقوقه المدنية وحقوقه السياسية من حصار وعدوان وسلب لأبسط الحقوق المدنية؟ وكذلك هل تقف الأمم المتحدة في وجه قمع الحريات والعمل على نشر الحريات والديمقراطيات في دول العالم وخاصة دول العالم الثالث؟
بعد 75 عامًا على الميثاق آن الأوان للأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والعمل بشكل جاد لتحقيق الأهداف الكُبرى وإحداث اختراق لحالة عدم الاستقرار واللاسلم والشعور بالظلم والتفرقة وغياب السلم والعدالة الإنسانية. آن الأوان لعدم تعامل الأمم المتحدة بمعايير مزدوجة بين الدول وتطبيق القانون بشكل استثنائي حسب معايير وحسابات الدول الكبرى ومصالحها الاستراتيجية.
آن الأوان لإعادة الاعتبار للدول النامية والفقيرة وتشجيعها على الاستفادة من مقدراتها وثرواتها وتقديم الدعم لها من خلال المال والتكنولوجيا بدلاً من تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لها رغم أهميتها. آن الأوان لتصحيح وتصويب مسار الأمم المتحدة هذه المنظمة العالمية التي تُعتبر الأمل لشعوب دول العالم.