الحدث – ريتا أبو غوش
بعد انضمام فلسطين رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اختلفت آراء القانونيين والسياسيين حول الوقت المناسب لإحالة الملفات الرسميّة للمحكمة، وإرفاد المدعية العامة بالمعلومات الدقيقة لمساعدتها بفتح تحقيق قبيل عرضه على المحكمة أو الاكتفاء بدراستها من جهة أخرى.
ويرى قانونيون أنّه على اللجنة الوطنية العليا التريّث قبل أيّة إحالة رسمية للمحكمة، والعمل على انتظار نتائج دراسة المدعية العامة لما قد يجنب الطرف الفلسطيني من الضغوط الدولية من جهة، وفي حال حصول المدعية العامة على إذن من الدائرة التمهيدية سيقوي ذلك موقف المدعية في التحقيق من جهة أخرى، على عكس الإحالة التي تقدمها الدولة الطرف التي لا تحتاج فيها لإذن من الدائرة التمهيدية في المحكمة.
وقال الخبير القانوني في مؤسسة الحق تحسين عليان لـ"الحدث" إنّه يجب انتظار المدعية العامة والعمل على تجهيز أبحاث شاملة لكافة الانتهاكات الرئيسية في الأراضي المحتلة التي تقع ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية لتدعيم دراسة المدعية العامة.
وأكد ضرورة التأني في موضوع "الإحالة" حتى كشف ما ستتمخض عنه الدراسة الأولية التي فتحتها المدعية العامة، وفي حال استغراق الدراسة وقتا طويلا، أو لم تتمكن المدعية العامة من الشروع بالتحقيق بسبب عدم حصولها على إذن من الدائرة التمهيدية، يجب اتخاذ قرار بشأن الإحالة.
وأضاف عليان أنّه أثناء ذلك يجب إعداد ملف "الإحالة" بحيث يكون جاهزا لاستخدامه عند الضرورة، وأن تكون الإرادة السياسية متوفرة بشكل دائم للإحالة، مؤكداً ضرورة استعانة اللجنة الوطنية العليا بخبراء متخصصين في الملفات المنوي طرحها (الاستيطان والعدوان الأخير على غزة).
وأردف عليان أن إحالة ملف وحيد قد يكون فيه بعض من "عدم الفهم" على حد قوله، إذ أن التوجه لمحكمة الجنايات لا يعني بالضرورة الحديث عن انتهاك واحد، بلّ إنها مسألة حالة عامة للفلسطينيين، وإحالة ملف بعينه لن يكون كافياً.
وحول ذلك، قال عضو اللجنة الوطنية العليا، نائب أمين عام الجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم، لـ"الحدث" إنّ الفحص الأولي للتحقق من جرائم الحرب التي ارتكبت في المناطق التابعة لدولة فلسطين مازال مستمراً وعلى ضوئه يمكن دراسة إحالة ملف الاستيطان والعدوان الأهير على غزة.
وأضاف عبد الكريم أنّه لم يتم تحديد سقف زمني لإحالة الملف، وعلى الرغم من أن بعض مؤسسات المجتمع المدني تنصح بعدم إحالة ملفات للمحكمة، إلّا أنّ رأي الأغلبية يفيد بالتسريع بإحالة ملفي الاستيطان وعدوان غزة الأخير عقب دخول فلسطين العضوية.
وفيما يخص تغذية المدعية العامة بالمعلومات خلال بحثها، أكد عبد الكريم أن اللجنة ستعمل على تعزيز بحث المدعية العامة "وفق الطلب" إذ أنّها لم تطلب معلومات حتّى اللحظة.
وحول سير عمل اللجنة الوطنية العليا المعنية، قال رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق د. عصام عابدين لـ"الحدث" إنّ عمل اللجنة "غير ممنهج وثمّة إشكالية في مأسسته" على حدّ قوله، إذ يتوجب عليها دراسة وتقييم الملفات وطرحها على اللجان الفنية المختصة قبيل اتخاذ القرار أولا، وعدم الاكتفاء بالدراسة الأوّلية التي تقوم بها المدعية العامة ثانياً، فعلى اللجنة تزويد الأولى بالمعلومات الدقيقة والوافية لتعزيز قرارها بفتح تحقيق بهذا الشأن يُعرض على إثرها لمحكمة الجنايات.
وأضاف عابدين أنّه في حال تأجيل إحالة الملفات الرسمية، فعلى اللجنة استغلال كلّ دقيقة لتحضير الملفات وإخضاعها لدراسة قانونية وافية، مؤكداً أن العملية بحد ذاتها تستغرق وقتاً طويلاً محذراً من أنّ أي خلل في الاجراءات سيؤدي الى خلل في قبول القضية بأكملها.