خاص الحدث
منذ أسابيع قليلة، عُرضت على القطاعات الاقتصادية في فلسطين، مسودة مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، بعد مرورها بالقراءتين الأولى والثانية لدى مجلس الوزراء الفلسطيني، والتي تتضمن بنودا غير واضحة وفضفاضة، ووصف البعض القانون بأنه غير متوازن ولا يحافظ على حقوق المكلفين والمستهلكين والمواطنين ورجال الأعمال، كما أنه جاء لفرض ضريبة مضافة على نشاطات كثيرة تمس المواطن العادي والتاجر ورجل الأعمال، في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيون، واعتبر البعض أن هذا القانون مدمر للاستثمار.
أمين سرّ جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين- القدس، معاوية القواسمي، قال إنهم كانوا متفائلين من طرح القانون في البداية قبل الصياغة التي عرضت عليهم مؤخرا، خاصة وأنه أول قانون فلسطيني يصدر بشأن ضريبة قيمة مضافة، عوضا عن القانون رقم 16 لسنة 1963 الذي يقضي بفرض الرسوم على المنتجات المحلية وقانون الجمارك وقانون توحيد الضرائب رقم 25 لسنة 1966، بالإضافة إلى الأوامر العسكرية الصادرة بالخصوص.
وأضاف القواسمي في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث": كنا ننظر إلى القانون قبل طرحه، على أنه سيأتي لتنظيم وتوحيد الإجراءات بالخصوص، ولكن "للأسف بعد اطلاعنا على القانون الذي مرّ بالقراءتين الأولى والثانية لدى مجلس الوزراء؛ تفاجأنا بأنه يتنافى مع التصريحات التي تطلقها الحكومة، على أنها تحاول خلق نوع من التنمية والتنمية المستدامة، واستراتيجية تنمية العناقيد الاستثمارية.
وبحسب القواسمي، فإن مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة "جبائي فقط، ويفرض أنواعا جديدة من الضرائب، ويلغي بعض الامتيازات التي كانت موجودة بالخصوص". مضيفا: "القانون المطروح لم يعد عبارة عن عملية تنظيمية وإجرائية، بل تجاوز ذلك إلى فرض ضرائب جديدة كقانون جديد، وهناك امتعاض من قبل القطاع الخاص على نص القانون، سواء في القطاعات الصناعية أو التجارية والسياحية والزراعية، لأنه في ظل الوضع الحالي والاقتصادي السيئ والظروف السياسية التي نعيشها، سيزيد العبء على المواطنين، لأنه يفرض ضرائب غير مباشرة (الضرائب التي لا تفرض على الدخل) على المستهلك النهائي، وهذا ما سيتأثر به المواطن العادي والفقراء ومحدودي الدخل".
ووفقا لـ أمين سرّ جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، فإن "موقفنا واضح؛ نحن مع تنظيم الضرائب ولكننا نرفض كل الضرائب الجديدة التي تم طرحها في القانون، وهذا ما ناقشناه مع وزارة المالية التي أبدت استعدادها لدراسة ملاحظاتنا، ولغاية الان لم يرد عليها".
وحول الملاحظات على القانون، أوضح القواسمي، أن ملاحظاتهم تركزت على أنه تمت إعادة تعريف البضائع والصفقات والخدمات بكلمة ممتلكات والتي ضمت الأصول الثابتة، التي تعني فرض ضريبة قيمة مضافة على أي عملية بيع أو شراء بشكل فردي، وإضافة تعريف جديد اسمه (المشتغل)، وفي الأصل كان هناك تعريف المشتغل المرخص، وهو من يقوم بإجراء صفقات تجارية أو خدماتية بشكل مرخص، حيث يشمل التعريف الجديد الصفقات العشوائية مثل الصفقات العقارية أو الخدمات التي تقدم لمرة واحدة، كشراء أرض أو شقة، وهو ما يفرض قيمة 16% زيادة على قيمة التملك.
وأضاف: كانت لدينا ملاحظات على فرض ضريبة قيمة مضافة على القطاع السياحي، الذي كان معفى من الضرائب، لجلب السياح الأجانب إلى فلسطين، ومعظم المستثمرين في القطاع السياحي، حينما أنشأوا مشاريعهم السياحية، افترضوا أنها معفاة من ضريبة القيمة المضافة وتم بناء الجدوى الاقتصادية على ذلك، والقانون أخضع القطاع السياحي لضريبة القيمة المضافة، وهذا الأمر يجب أن تتم مراجعته والحفاظ على هذه الميزة للقطاع السياحي، في ظل وجود شريحة كبيرة تعتاش منه، إلى جانب البعد الديني في ظل أن معظم السياحة لأسباب دينية.
وحول الملاحظات على القانون، تابع القواسمي: قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد يفرض ضريبة على الإعانات الدولية المباشرة للشركات ضمن المنح التي سيتم إخضاعها للضريبة، وهذا مخالف لكل القوانين والأعراف الموجودة حول العالم، والتي يمكن أن تشمل مستقبلا التحويلات البنكية، وفي الأصل النقود لا تخضع للضرائب على خلاف البضائع.
وأشار القواسمي، إلى أن القانون أعطى الصلاحيات بشكل كبير في موضوع التجارة الإلكترونية، لوزير المالية، بترتيبها. وقال إنه في ظل الحيز الذي تحتله التجارة الإلكترونية محليا وعالميا؛ لا يجوز المرور عنها بهذا الشكل، بل يجب تنظيمها وتوضيحها، وعدم ترك الأمر فقط في يد وزير المالية لتحديدها، ونرى أنها من نقاط الضعف في القانون.
وأردف، أن القانون الجديد، أعطى وزير المالية والموظف، صلاحيات عامة، وهذا الحديث بحسب القواسمي، يتنافى مع التوجه العالمي بالخصوص، وإعطاء الصلاحيات للموظفين والوزير يخلق نوعا من المزاجية وهذا أمر غير مقبول، ويمكن أن يؤثر بشكل سلبي على تطبيق القانون.
وأكد أمين سرّ جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، أن هناك جلسات نقاش مستمرة مع وزارة المالية بشأن القانون، لأنه سيؤثر على الاقتصاد الفلسطيني وظروف الناس، "ونحاول عمل مذكرة بهذا الشأن وإرسالها إلى مجلس الوزراء ووزير المالية".
وأبدى القواسمي، استغرابه من مرور القانون بالقراءتين الأولى والثانية كما تم إعلامنا به من مدير عام ضريبة القيمة المضافة دون اعتراض من وزير الاقتصاد ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير السياحة، خاصة وأنه يضيف أعباء إضافية على البلد والمواطنين وسيزيد الناس فقرا، وكذلك مروره على الوحدة الاقتصادية في مجلس الوزراء حيث تطرح الحكومة نفسها على أنها حكومة تنمية، "وكأن القانون مرّ دون أن يراه أحد". مضيفا: نحن كقطاع خاص نتحرك على مستوى جمعية رجال الأعمال والمجلس التنسيقي واتحاد الغرف التجارية لكي لا يمرّ القانون بصيغته الحالية التي تؤثر بشكل مباشر على المواطن والمستهلك النهائي.
من جانبه، يرى مدير عام جمعية البنوك في فلسطين بشار ياسين، أن القطاع المصرفي من أهم مكونات الاقتصاد الفلسطيني وهو يتكامل مع مختلف القطاعات الأخرى، بحيث يتأثر سلبا وإيجابا بما يمس القطاعات الاقتصادية المختلفة، كما أنه قطاع يهتم بالتنمية الاقتصادية ككل، ويساهم في نمو القطاعات الأخرى. مضيفا: عندما تتحقق التنمية والاستقرار الاقتصاديين، ينعكس ذلك على مختلف القطاعات وخاصة على المواطن العادي، الذي عندما تكون حالته الاقتصادية جيدة يتجه إلى الادخار الذي يتمثل بإيداع مبالغ لدى البنوك والتي بدورها تعيد ضخها في الاقتصاد مرة أخرى على شكل تمويل وتسهيلات لمختلف المشاريع.
وأشار ياسين في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إلى أنه "حتى نصل إلى اقتصاد قادر على النمو والاستدامة، هناك مجموعة من الشروط، منها توفر منظومة تشريعات تنظم عمل القطاعات الاقتصادية المختلفة وتحقق العدالة، ومن هناك لنا رأينا في مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة".
وقال، إن جمعية البنوك في فلسطين لديها عديد الملاحظات بشأن مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة المطروح، حيث إنه عبارة عن تجميع لمزيج من اللوائح التنفيذية الموجودة بالخصوص بالإضافة إلى الأوامر العسكرية، حيث تم تجميعها بما لا يتناسب مع التشريعات والقوانين السارية في فلسطين، وكانت هناك فجوة بالخصوص، ونحن نريد قانونا يتناسب مع التشريعات السارية في فلسطين.
وأضاف: القانون لم يستند إلى مبادئ وأعراف دولية متعارف عليها في تطبيق النسب وقانون ضريبة القيمة المضافة، فمرة يتحدث عن فرض ضريبة على الاستهلاك ومرة أخرى على الأجور والأرباح ومرة على بعض القطاعات الاقتصادية ويتطرق إلى المؤسسات غير الربحية، دون وجود معايير واضحة لهذه التصنيفات والنسب، وبشكل عام لا يوجد وضوح في النصوص والمواد، وتُرك المجال واسعا في كثير من البنود للوزير، يحددها حسب ما يراه مناسبا وهذا يعد مخالفة.
وأشار ياسين، إلى أنه "يفترض بالقانون في العادة أن يعد من الجهة المختصة ويعرض على الجهات التشريعية وفي ظل غياب المجلس التشريعي، نأمل أن تكون هناك لجنة مؤقتة مشكلة من مختلف القطاعات الاقتصادية منها القطاع الخاص وبعض الأكاديميين والمختصين، تعرض عليها القوانين قبل إقرارها وتمريرها من خلال مجلس الوزراء وقبل توقيعها من الرئيس لنعوض ولو جزءا بسيطا من غياب المجلس التشريعي في الوقت الحالي".
وأوضح مدير عام جمعية البنوك ياسين، أن القانون يتجه نحو الجباية، وطبق على كل شيء ضريبة بنسبة متساوية وثابتة، ومنح صلاحيات كبيرة للوزير والمدير العام بتحديد الضريبة والقطاعات الاقتصادية التي ستشملها.
وأردف: هناك نقص في تعريف بعض مواد قانون ضريبة القيمة المضافة، منها تعريف النشاط الاقتصادي، ونرى أنه من الضروري جدا تعريف النشاط الاقتصادي تفاديا لفرض ضريبة على أي نشاط أو مؤسسة بقرار من الوزير أو الموظف المختص، فعندما يكون النشاط الاقتصادي واضحا ومعرفا يسهل تطبيق الضريبة. كما ووجدنا أن القانون يخلو من الترابط القوي بين مواده، فهو بحاجة إلى إعادة تعريف وصياغة وربط المواد مع بعضها البعض، كما أن هناك عدم وضوح في الصلاحيات المناطة بالوزير وتسلسلها (من يفرض ومتى يفرض ولأي قطاعات والنسبة التي سيفرضها)، وهناك بعض المواد غير مكتملة وبحاجة إلى إعادة صياغة واستكمال.
وبشان ملاحظات جمعية البنوك، قال ياسين، إن الجمعية ترى أنه يجب أن يستند القانون إلى المعايير الدولية والاطلاع على تجارب الدول الإقليمية والمجاورة بالخصوص، والاستعانة ببعض المؤسسات كصندوق النقد الدولي نظرا لخصوصية الاقتصاد الفلسطيني، حيث لا توجد عملة وطنية ونتعامل مع أربع عملات، ولا نسيطر على المعابر والحدود، فالاقتصاد الفلسطيني له خصوصية معقدة، والاستعانة والاسترشاد في إصدار هكذا قانون خاصة في الأمور الفنية مهمة لإنجاز هكذا مشروع يؤثر على كافة مناحي الحياة وخاصة الأفراد الذين ستمسهم الضرائب بشكل مباشر، فهو قانون يحتاج إلى التروي والدراسة قبل إصداره، خاصة وأن العبء الضريبي سينتقل للناس وسيؤثر على حياتهم الاجتماعية بالنسبة للفئات التي لا تملك دخلا ثابتا وقد يفاقم المشكلات الاجتماعية.
وأشار، إلى أنه "من الضروري تحديد السياسات الضريبية والنسب قبل عمل لائحة تنفيذية، والنقطة المهمة جدا في هذا الأمر، أن القانون يحتاج إلى لوائح تنفيذية تفسيرية، ويجب أن يكون هناك توافق كامل بين اللائحة التنفيذية ومواد القانون، فاللائحة يجب أن تكون مفهومة كفاية حتى للمواطن العادي وقابلة للتطبيق بحيث لا تترك مجالا للاجتهاد لأي كان".
أما بالنسبة لما يخص القطاع المصرفي، فإن جمعية البنوك طالبت بإعفاء اشتراكات صناديق الادخار من ضريبة القيمة المضافة، وكذلك إعفاء أرباح صناديق الادخار العائدة للموظفين والتي تعيد المؤسسة المصرفية استثمارها لصالحهم، لأن المؤسسات المصرفية والموظفون يدفعون بالأساس ضريبة دخل، وكذلك طالب القطاع المصرفي، بأن تتم معالجة أرباح المحفظة الاستثمارية ضريبيا قبل إخضاعها لضريبة القيمة المضافة.
وقال ياسين، إن البنوك تدفع سلفا ضريبية بحوالي 22%، والقانون الجديد طالب برفعها إلى 30%، "ونحن كمؤسسات مصرفية نطالب بوجود حوافز وخصومات تشجيعية في هذا الخصوص".
وأوضح، أن القانون الجديد، ينص صراحة على حق تبادل المعلومات مع الوزارات والدوائر والحكومات والمؤسسات العامة والخاصة وطلب الوثائق لغاية تطبيق أحكام هذا القانون، معتبرا أن هذا البند يمسّ السرية المصرفية وهو بند حساس للغاية، حيث إن أهم ما يميز القطاع المصرفي هو الحفاظ على السرية المصرفية للعملاء، مطالبا بإعفاء القطاع المصرفي منها.
لقاءات متواصلة مع وزارة المالية قبل إقرار القانون
واعتبر ياسين، أن خطوة وزارة المالية بشأن طرح قانون ضريبة القيمة المضافة؛ "خطوة بالاتجاه الصحيح من حيث المبدأ، كوننا لا نملك قانونا فلسطينيا بالخصوص، باستثناء تعليمات صادرة من وزارة المالية بالإضافة إلى بعض الأوامر العسكرية التي فرضت وبقيت لغاية الآن سارية والتي فرضت ضريبة موحدة على كل السلع بغض النظر عن طبيعتها، وكجمعية بنوك، نحرص على أن يكون القانون متكاملا ومتوازنا يستند إلى قواعد مالية وقانونية متناسقة وواضحة ليخدم جميع القطاعات الاقتصادية على حدّ سواء" أردف مدير عام جمعية البنوك في فلسطين.
وقال، مسودة القانون المطروح، تؤثر على جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية في فلسطين، ونأمل أن يكون للقانون دور إيجابي على الدورة الاقتصادية بشكل عام وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وأكد، أن مجموعة من اللقاءات جرت مع وزارة المالية بشأن قانون ضريبة القيمة المضافة بعد مروره بالقراءتين الأولى والثانية لدى مجلس الوزراء الفلسطيني، مشيرا، إلى أن هناك لقاءات قادمة سيتم عقدها بالخصوص لطرح رؤيتنا وملاحظاتنا واقتراحاتنا، التي نأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التحضير لإقرار القانون بصيغته النهائية.
وأشار، إلى أن هناك إيجابية في التعاطي مع الملاحظات من قبل وزارة المالية، وقال: نحن ننظر بإيجابية تامة خاصة وأن وزارة المالية بادرت لأخذ الملاحظات، ونأمل أن يتم الأخذ بملاحظات القطاعات الاقتصادية المختلفة، كونها تؤثر بشكل إيجابي على فاعلية القانون، مشيرا إلى أن القانون بصيغته الحالية قد يكون بيئة سلبية وطاردة في بعض المجالات للودائع.
وعبرت نقابة الخدمات السياحية، عن رفضها لفرض ضريبة قيمة مضافة على مزودي الخدمات السياحية في فلسطين، "لضررها البالغ على السياحة". وقالت النقابة إنها ترى أبعادا لهذه الضريبة غير الصفرية وضررها البالغ على الفنادق والمطاعم والمكاتب السياحية والمواصلات السياحية وورشات التحف الشرقية والخدمات السياحية الأخرى.
وقالت النقابة، إن وزيرة السياحة عبرت عن رفضها لفرض ضريبة قيمة مضافة على قطاعات السياحة الحيوية والقطاع السياحي الخاص. وأكدوا، أن ضريبة القيمة المضافة غير الصفرية مرفوضة جملة وتفصيلا، فالقطاع السياحي الخاص سيعمل ما بوسعه وعلى كافة الأصعده لمنع وإفشال هذا التوجه الضريبي الذي من شأنه ضرب الاستثمارات السياحية في فلسطين الأكثر تضررا من بقية القطاعات الأخرى والتي تعاني أصلا من ديون وقروض متراكمة ومخيفة تفوق التصور.
واعتبرت النقابة، أنه بفضل "القرار المجحف، ستقل أعداد السياح حتما في الفنادق الفلسطينية، حيث إنه في السابق كان 50% من مجموع السياحة الوافدة تقيم في بيت لحم وأريحا والخليل ونابلس ورام الله، وعلى الحكومة ووزارة المالية الفلسطينية التراجع في الحال عن فكرة مشروع قانون فرض ضريبة القيمة الإضافية غير الصفرية والبدء في تشجيع الاستثمار في إعادة تشغيل المرافق السياحية ومنح الحوافز للخروج من المصيبة والكارثة التي بلي بها هذا القطاع.
من جانبه، قال نقيب اتحاد المقاولين الفلسطينيين المحامي أحمد القاضي، في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن القانون المطروح، فيه إشكاليات وثغرات كثيرة ويحتاج إلى مراجعة، وهو قانون تجميعي من مجموعة من الأوامر العسكرية وقوانين من الدول المحيطة، ويرتكز على الجباية بشكل كامل.
وأضاف: قانون ضريبة القيمة المضافة يفتقر لشروط القرار بقانون، التي وردت في المادة 43 من القانون الأساسي المعدل بأن "لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
وبحسب القاضي، فإن طبيعة القرار مرتكزة بشكل كامل على الجباية، ويجب دراسته بشكل مستفيض، لأن فيه العديد من المشكلات في التعريفات، وبعض المواد مبهمة، وهناك مزج بين قانون ضريبة القيمة المضافة ومشروع القانون وقانون ضريبة الدخل وعدم مواءمة بين المواد نفسها داخل القانون، كما أنها غير مبنية بشكل سليم لتشكل قانونا، وهناك إشكالية في صياغتها، بالإضافة إلى الصلاحيات التي أعطيت لمأمور الضبط القضائي وموظف الضريبة.
ومن ملاحظات اتحاد المقاولين على مشروع القانون المطروح؛ تعريف الضريبة، الذي ينص على أن الضريبة "هي ضريبة القيمة المضافة، وضريبة القيمة المضافة على الأجور والأرباح"، وبذلك قد تمت إضافة ضريبة القيمة المضافة على الأجور للمؤسسات غير الربحية والتي تشمل الجمعيات الخيرية المسجلة حسب وزارة الداخلية والجمعيات التعاونية المسجلة لدى وزارة العمل والشركات (حيث كانت تسجل مشتغل معفي). بالإضافة إلى تعريف الخدمة، الذي اعتبره اتحاد المقاولين أنه غير واضح.
وبالنسبة لتعريف الربح حسب القيمة المضافة فقد دمج القانون بين ضريبة الدخل والقيمة المضافة حيث تتم المخالصة مع ضريبة الدخل بالأغلب على نسب ربح ويتحمل المكلف دفعات ضريبة للدخل من أجل مخالصة أعلى من الواقع المفروض وفي حال الدمج يفترض أن جميع المصاريف والإيجارات والرواتب والأجور ملزمة بدفع ضريبة قيمة مضافة حتى يتطابق صافي الربح ضريبة الدخل مع ضريبة القيمة المضافة.
واعتبر الاتحاد أن بعض البنود غير واضحة وأخرى غامضة وفضفاضة بحاجة إلى توضيح واستكمال، مثل فرض الضريبة ونسبتها وآلية التعامل مع المشغل الصغير، وكذلك يفرض القانون ضريبة على جميع المؤسسات غير الربحية والتي تعتمد في معظمها على مصادر التمويل الأجنبية، ويرى الاتحاد أن فيه إجحاف بحق قسم كبير منها من جهة ويمكن أن يخلق إشكالات بين المستخدمين في بعض هذه المؤسسات وبين العاملين لديها من جهة أخرى من حيث من سيتحمل عبء هذه الضريبة، بالإضافة إلى وجود مشاريع مدعومة من البنك الدولي لشركات تدعم المسؤولية الاجتماعية.
وفيما يخص الاستهلاك لأغراض ذاتية، أشار القانون، إلى أن التكليف يسري بدفع الضريبة في الاستخدام وفقا ل: النسبية للممتلكات عند الحصول عليها لاستعمالها، وبالنسبة للعقارات عند وضع اليد عليها بغرض الاستعمال أو عند تسجيلها في السجل العقاري أيهما أسبق، متساءلا: "هل يتم تقييم الممتلكات المستعملة ودفع ضريبتها بفاتورة ذاتية إذا كانت مستعملة، وأيضا بالنسبة للعقارات هل يجب إصدار فاتورة ذاتية حتى يتمكن المشتغل المرخص من استخدام العقار، وهل لا يكفي عقد الإيجار، مطالبا بالتوضيح.
وبشأن الضريبة على أعمال البناء، فبحسب القانون "تستحق الضريبة في أعمال البناء عند إنهاء العمل أو قبض أي مبلغ أيهما أسبق، وإذا كان العمل على مراحل يستحق المبلغ عند انتهاء العمل بالمرحلة أو قبض المبلغ المستحق عليها أيهما أسبق، وهو ما لاقى اعتراضات خاصة وأن قطاع المقاولات تعرض سابقا إلى إفلاس وتعثر مالي لعدد من الشركات بسبب تأخر وزارة المالية بدفع قيمة الفواتير المستحقة، وبهذا فإن المشغل يتحمل دفع التزامات غير مقبوضة.
وقال أمين عام اتحاد الغرف التجارية جمال جوابرة لـ"صحيفة الحدث"، إن الاتحاد لديه العديد من الملاحظات والاعتراضات على القانون، سيفصح عنها لاحقا، لحين اكتمال الملاحظات، حيث تم تحديد اجتماعات قادمة مع وزارة المالية بهذا الشأن.
وفي تعليق نقابة المحامين الفلسطينيين على مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة المطروح مؤخرا، قال عضو مجلس نقابة المحامين أمجد الشلة في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن "نقابة المحامين تؤمن بالفصل التام بين السلطات الثلاث وهذا ما أكد عليه القانون الأساسي الفلسطيني وهذا هو نهج الدول الديمقراطية في كل العالم وبالتالي فإن الجهة الوحيدة المخوّلة بإصدار القوانين والتشريعات هي السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب لأنها تُعبّر عن إرادة الشعب وأن السلطة القضائية تعمل على تطبيق القوانين التي تصدر عن الجهة التشريعية، والسلطة التنفيذية تُنفذ هذه القوانين وتضع اللوائح اللازمة لإنفاذها ومواءمتها، ومن المتعارف عليه دوليا وشعبيا أن قوانين الضرائب كانت ولا زالت محط جدل ونقاش وعادة ما تكون هذه القوانين جزءا من الدعايات الانتخابية للأحزاب المتنافسة و التي يأمل كل حزب سياسي أن يحوز على أصوات الناخبين من خلال ما سيقره بخصوص الضرائب في حال الفوز.
وبالرجوع إلى تعريف قانون ضريبة القيمة المضافة المتعارف عليه دوليا وعالميا ومحليا، أوضح الشلة، أنه ضريبة تفرض على جميع السلع المنتجة محليا بعد خصم المشتريات من السلع الوسيطة وهذا ما عرفه القانون الفلسطيني للضريبة القيمة المضافة وحدد نسبة 16٪ كنسبة لهذه الضريبة.
واعتبر المحامي الشلة، أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة تستهدف عمليات البيع والشراء والسلع التجارية بالدرجة الأولى دون أن يمتد أثرها إلى أي أمر آخر على عكس ضريبة الدخل التي تختص ولا تستثني كل من له دخل وهذه ضريبة عادلة قد لا تكون محط جدال أو نقاش بل هي واجب وطني وأساسي لتمكين الدولة من تغطية المصروفات اللازمة لقطاع الخدمات العامة التي تقدمها للمواطن.
وأردف قائلا: لكن ما نراه في مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة المطروح الآن أنه جاء في البند الأول على سبيل المثال في تعريف قانون ضريبة المضافة أنها الضريبة المفروضة على الأجور والأرباح، وبهذا يكون هذا القانون؛ قد خالف قوانين الضرائب الأخرى ومنها ضريبة الدخل، لأن القيمة المضافة ضريبة يتم فرضها على الأرباح من خلال الصفقات التجارية التي تتم وعمليات بيع السلع ولا يجوز أن تكون مفروضة على الأجور ولا بأي حال من الأحوال، ونلاحظ أيضا أن الغاية من هذا القانون أن لا يستثني أحدا ولا يستثني أي مهنة وشملها بعبارات فضفاضة وواسعة أصبحت تشمل كل من يقدم خدمة، وبالتالي أصبحت محل إلزام لأصحاب المهن الحرة كالمحامين والأطباء وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، وهنا نرى الخطورة في هذا القانون لأن طرح هذا القانون بالصيغة هذه يتعارض مع الأساس التشريعي الذي أوجد أصولا قانون ضريبة القيمة المضافة المختصة بالبيع والشراء والمفروضة على السلع وليس على الخدمات، متساءلا: من ناحية أخرى هل هناك حالة ضرورة اليوم تستوجب سن قانون ضريبة قيمة مضافة؟ وهل تم مشاركة كل فئات المجتمع الفلسطيني حول هذه المسودة من القانون؟.
وترى نقابة المحامين بحسب الشلة، أن مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة بصورته الحالية هو ضد العدالة الاجتماعية حيث إنه لا يراعي الفوارق بين الطبقات المختلفة ويحملهم نفس العبء، عدا عن أن هذا القانون يزيد العبء الشرائي على المواطنين بشكل عام في ظل الحديث عن موجة غلاء للأسعار وبذات الوقت ثبات دخل الناس مما يجعل تطبيق هذا القانون بصورته هذه وفي هذا التوقيت ذو أثر سلبي على نمو الاقتصاد وزيادة الأعباء على المواطنين والدفع بالزيادة بالأسعار على كل شيءٍ حتى على أصحاب المهن الحرة، فغدا سيضطر للمحامي مثلا أن يفرض على موكله دفع ضريبة القيمة المضافة قبل أو عند التوكيل، والموكل سيكون محملا بكل هذه الأعباء.
وحصلت "صحيفة الحدث"، على الملاحظات التي قدمتها القطاعات الاقتصادية المختلفة والخبراء لوزارة المالية بشأن مسودة مشروع القانون، ومن بينها، أن مسودة القانون المقترحة تحتوي على أخطاء جوهرية منها سيادية واقتصادية ومالية واجتماعية، ويعد القانون المقترح شكلا ومضمونا مزيجا من قانون ولائحة تنفيذية وأوامر عسكرية مضى عليها عقود من الزمن ولا تتناسب مع منظومة التشريعات الفلسطينية السارية المفعول. كما ويعد مزيجا من مفهوم ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل ومبالغ مقطوعة على شكل رسوم.
وبحسب الملاحظات، ينتقص مشروع القانون المقترح من السيادة الفلسطينية على حدود 1967 التي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، من خلال عدم تحديد النطاق الإقليمي لتطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة قد يتم تفسيره على أساس الإبقاء على الوضع القائم في المناطق المصنفة ج، والمستوطنات وشرقي القدس والمعابر والحدود والمجال الجوي والبحري والبري لدولة فلسطين، وهذه تعد من أكبر المخاطر التي يتضمنها القانون المقترح، وفي المقابل تمت الإشارة في بعض المواد القانونية الى ذكر كلمة إسرائيل دون تحديد النطاق الإقليمي لها.
واعتبر خبراء، أن عدم تعريف النشاط الاقتصادي في القانون المقترح قد يؤدي إلى فرض ضريبة على أي مؤسسة أو نشاط سواء كان اقتصاديا أو غير هادف للربح بقرار من الوزير والمدير العام وعلى سبيل المثال: اقترح المشرع في القانون فرض ضريبة على إجمالي الأجور على المؤسسات غير الهادفة للربح ومنها المؤسسات الحكومية والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي وغيرها، وحسب المقترح فإن أي وزارة أو مؤسسة مجتمع مدني أو جمعية خيرية ملزمة بدفع ضريبة القيمة المضافة على أجور الموظفين بشكل شهري، حيث أنها من ناحية المبدأ لا تعتبر الضريبة المقترح فرضها على هذه المؤسسات ضمن مفهوم ومبادئ ضريبة القيمة المضافة وإنما تعتبر ضريبة دخل على الأجور بنسبة ضريبة القيمة المضافة السارية المفعول بالإضافة إلى ضريبة الدخل التي يتم اقتطاعها من رواتب الموظفين حسب شريحة الدخل المعتمدة، كما اقترح المشرع في القانون منح الوزير صلاحية مطلقة لتحديد قطاعات اقتصادية للدفع بمبلغ مقطوع دون معايير أو أسس واضحة وهذا يعتبر بحد ذاته مخالف لأحكام ومفهوم ضريبة القيمة المضافة كما يؤسس للتعسف باستخدام القانون دون إعطاء المكلف وجه حق بالاعتراض أمام المحاكم المختصة.
ولا يتضمن القانون المقترح طرق معالجة ضريبة القيمة المضافة لقطاعات اقتصادية متعددة ومعاملات محددة منها على سبيل المثال لا الحصر: المقاولات والعقود من الباطن، مشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، قطاع المواصلات، التجارة الإلكترونية، الخدمات الإلكترونية، الصفقات المفترضة، تمويل الأصول، الديون المعدومة، الصفقة الواحدة والمتعددة، القسائم، برامج الولاء، السلع المفقودة أو التالفة أو المسروقة، المكلف الواحد والمكلف المتعدد، الضمانات، تبادل السلع، الخصومات، المعاملات بين أعضاء المجموعة الضريبية الواحدة والمعاملات بين الفروع وغيرها.
وأشارت الملاحظات التي تم تقديمها إلى وزارة المالية، إلى أن هناك مصطلحات تم إدراجها غير متناسبة مع مفهوم ضريبة القيمة المضافة على سبيل المثال لا الحصر لا يوجد ما يسمى فاتورة معفاة، فالأصل أن يتم تحديد شروط ومتطلبات الفاتورة التي يحق للمكلف خصم ضريبة المدخلات بموجبها بناء على نظام مسك وإدارة الدفاتر المحاسبية. كما لا يوجد ترابط بين المواد القانونية بشكل عام وهناك نقص في التعاريف المطلوبة لصياغة القانون، فمثلا عند تعريف الصفقة تناسى المشرع مصطلح الاستيراد وعدم إدراج الاستيراد ضمن تعريف الصفقة يعني أن القانون لا ينطبق على استيراد السلع من الخارج وهذا مخالف لأحكام ومفهوم تطبيقات ضريبة القيمة المضافة.
واعتبر الخبراء، أنه من المفروض أن يتم استبدال المصطلحات التي وردت ضمن أوامر عسكرية بمصطلحات نصت عليها التشريعات الفلسطينية سواء في العقوبات أو الإجراءات التنفيذية أو المنازعات الضريبية، ويرون أن تطبيق القانون بصيغته الحالية يؤسس لإلغاء وإضعاف نظام مسك وإدارة الدفاتر المحاسبية من خلال فرض الضريبة على قطاعات اقتصادية بطريقة المبلغ المقطوع.
وطالبت قطاعات اقتصادية مختلفة بضرورة أن يتم تحديد السياسات الضريبية للنسب والقطاعات الاقتصادية وكافة القضايا المتعلقة قبل البدء بصياغة القانون واللائحة التنفيذية المنبثقة عنه وذلك لتطوير القانون والنظام والإجراءات المتعلقة بضريبة القيمة المضافة، بحيث تكون مقبولة لدى السياسيين وأعضاء النُخب الاقتصادية والقطاع الخاص وغيرهم من الجهات الفاعلة في القطاعات الرئيسية والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، مثل تحديد النطاق الإقليمي للتطبيق، تحديد النسب الضريبية، تعريف النشاط الاقتصادي، حصر القطاعات الاقتصادية ومبدأ تطبيق الضريبة عليها وطرق معالجتها، طرق احتساب الضريبة على القطاعات الاقتصادية وآلية فرضها، تحديد أساس مبدأ الضريبة، قواعد مكان الصفقة، حد التسجيل وطرق التسجيل لأغراض ضريبة القيمة المضافة ونظام أرقام المكلفين، الفواتير وشروطها، التقارير الضريبية، ونظام الجباية والتقدير والضبطية القضائية وطرق المنازعات والتظلمات والاعتراضات وغيرها، وأن يكون القانون واللائحة التنفيذية متكاملة وواضحة ومفهومة وشفافة وقابلة للتطبيق ولا تعتمد على اجتهادات وتوجهات وقرار المسؤول عن تطبيق القانون، ولا يجب أن يتم ترك تحديد الضريبة على قطاعات اقتصادية هامة إلى المسؤول دون وضع معايير واضحة وشفافة للتطبيق.
يذكر، أنه يوم الإثنين الماضي، أرسل مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية مذكرة "مراجعة نقدية لمشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة" إلى رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة المالية؛ منوهاً فيها إلى وجود 18 ملاحظة على مواد القانون البالغة 156 مادة في مسودة القرار بقانون، يجب أخذها بعين الاعتبار قبل المصادقة على مشروع القرار بقانون. ويرى المرصد أن مشروع القرار بقانون يؤكد في طياته على تبعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد الاحتلال؛ وذلك عبر تضمين النسب المتفق عليها ضريبياً وجمركياً مع الاحتلال في مشروع أول قانون فلسطيني لضريبة الدخل. كما أنه يولي التصدير اهتماماً كبيراً في مقابل عدم الالتفات نحو تعزيز دور وحصة المنتج المحلي داخل السوق الفلسطينية. في ذات السياق؛ يأتي المشروع هذا ليزيد من الممارسات الاقتصادية والمالية هائلة السلبية لصالح جباية غير متوازنة، فضلاً عن افتقادها أسس العدالة الضريبية والاجتماعية.
وأكد المرصد أنه يجب فرض تمايز في نسب ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات التي يتم بيعها أو تزويدها للمستهلك النهائي؛ بدءاً من نسب صفرية على السلع والخدمات الأساسية مثل السكر والطحين والأرز والحليب، على أن تتصاعد على بقية السلع والخدمات حسب درجة كماليتها، وهذا ما فشل القرار بقانون في معالجته. ورض إعفاءات ضريبية على المنتوجات المحلية في القطاعات الاقتصادية الحيوية من قبيل قطاع الزراعة، وقطاع الصناعات الغذائية؛ الأمر الذي من شأنه زيادة تنافسية هذه المنتوجات في السوق المحلي أمام منتجات الاحتلال، وأن تخلق عوائد اقتصادية واجتماعية.
وجاء في مذكرة المرصد أن فرض ضريبة قيمة مضافة على الأجور يعني التخلي التام عن مشروع الضمان الاجتماعي مستقبلاً؛ إذ أن المؤسسات الأهلية، والمنشآت الاقتصادية ستواجه صعوبة هائلة في دفع مساهمة بنسبة 9% من الأجور للضمان الاجتماعي في ظل دفعهم لضريبة دخل، وضريبة قيمة مضافة جديدة ومستحدثة. كما أن القرار بقانون يفرض ضريبة ثانية على الأجور، والتي لا يجب أن تخضع لها، وذلك من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة على مجمل أجور المؤسسات الأهلية والمالية، وهذا يخالف مبادئ ومعايير العدالة الضريبية.
وبشأن التعويضات المتعلقة بالقضايا الآتية تُعفى من ضريبة القيمة المضافة: حوادث السير، أو السرقة، أو الحريق، أو الغرق، أو الكوارث الطبيعية، وهذا يثير المخاوف من عدم تطرق القرار بقانون إلى توفيرات وتعويضات نهاية الخدمة، وتعتبر هذه المحاولة الثالثة من نوعها للمس بتعويضات نهاية الخدمة. وبحسب المرصد، يواجه الاسترداد الضريبي في القطاع الحيواني تفسيرات مخالفة لقانـون ضريبـة الدخـل رقم (17) لسنة 2004؛ على سبيل المثال ينص فحوى القرار بقانون على أن الزيادات الضريبية هي على مدخلات الإنتاج الحيواني، بينما تدعي وزارة المالية أن الاسترداد هو على المنشآت. وهذا أيضاً لم يتم معالجته بمشروع القرار بقانون لضريبة القيمة المضافة.
وأوضح المرصد في مذكرته: حافظ مشروع القانون على فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 16% كما هي موحدة وبدون تغيير على جميع الأنشطة التجارية، وجميع السلع بغض النظر عن أهميتها وحيويتها للمستهلكين. أي أن هذا المشروع لا يميز بين مجموعات السلع والخدمات تبعاً لحاجة وظروف معيشة المستهلكين الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه يكرس الأمر العسكري والاتفاقيات الاقتصادية المجحفة الموقعة مع الاحتلال، دون التفكير بالخلاص منها ومن تبعاتها. كما لم يقدم مشروع القانون أية حوافز أو إعفاءات ضريبية للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية الحيوية، بل تعامل معها كلها تقريباً بنفس المنطق والمنهج. وهناك بعض الاستثناءات لهذه القاعدة تتمثل في إعفاء بعض الأنشطة مثل مبيعات الحجر والرخام الخام، وأنشطة التطوير العقاري والإنتاج الزراعي النباتي. ولا يختلف مشروع القانون كثيراً عن النظام النافذ حالياً بهذا الشأن.
وقال: أدخل هذا المشروع تغييراً على تصنيف المكلفين بحيث اختصرهم في مجموعتيْن؛ هما: المشتغل المرخص، والمشتغل المعفى من الضريبة؛ أي الذي يُصدر فواتير صفرية. وحدد المشتغل المعفى بالذي لا يتجاوز حجم نشاطه التجاري السنوي 12000 دينار أردني مقارنة بـ 44000 شيقل في النظام القائم. كما ووفر آلية ملائمة لتسوية الملفات الضريبية وفض المنازعات، ووضع إطاراً تنظيمياً وفنياً معقولاً في إدارة ضريبة القيمة المضافة.
وأكد المرصد، على ضرورة إعفاء جميع الأنشطة الزراعية من ضريبة القيمة المضافة، أو فرض نسبة ضريبة منخفضة في أحسن الأحوال، إضافة لإعفاء المشتغلين في هذه الأنشطة من فواتير عمليات البيع والشراء مع الاكتفاء بطلب تقارير وكشوفات مالية معززة بمستندات قدر الإمكان. وقال إنه يجب وضع آليات واضحة جداً بخصوص الزيادات أو الإرجاعات الضريبية للمشتغلين في القطاع الزراعي، وتقصير الفترة الزمنية المطلوبة لتنفيذها؛ كأن تكون مثلا شهراً من تاريخ تقديم المطالبات المالية بالاسترداد الضريبي. وذلك لكي تتحقق العدالة الضريبية ويستفيد جميع المزارعين المستحقين لهذه الإرجاعات، لا أن تكون محط استفادة الكبار منهم فقط.
وأوضح، أن القانون يعفي أنشطة التطوير العقاري من ضريبة القيمة المضافة بينما يفرضها على الصفقات العقارية؛ سواء المتكررة أو الاستثنائية. فيُحمّل البائع هذه الضريبة على الصفقة العقارية التي يقوم بها من موقعه كتاجر، بينما يتحملها المشتري في حالة بيع عقار أو أرض بشكل شخصي. ويعد هذا إسهاماً في رفع أسعار العقارات، المرتفعة أساساً، بما لا يناسب فئات الدخل المتوسط والمحدود. وهذا يعني فرض ضريبة القيمة المضافة على كل عملية بيع، وهي سابقة خطيرة.