الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحالة اليمنية / بقلم: نبيل عمرو

2015-04-07 01:42:18 AM
 الحالة اليمنية / بقلم: نبيل عمرو
صورة ارشيفية

 
الصراع الدامي في اليمن، يتسم الآن بحالة من الفوضى والتناقض، وظاهرة الفوضى في اليمن تتصل بالواقع المجتمعي الذي اتسم به هذا البلد العريق، فهو قبلي حتى النخاع، وفقير في الموارد ومطمع دائم لكيانات أكبر منه، جعلته الأكثر ارتباطاً بالقوى الأكبر منه سلبا وإيجابا.
ولقد أرهق اليمن أهله حين انقسم إلى دولتين، وبذات القدر أرهق حين توحد، وصار أزمة دائمة سببها الصراع بين من يريدون انفصالا في الجنوب وتوحداً غير صحي في كل اليمن، وحين دخلت الطائفية إلى الميدان، بالصورة التي تبلورت أخيرا فقد توفر للحرائق اليمنية وقودا إضافيا، أجج الصراع الداخلي وفتح البوابات واسعة أمام التدخل الخارجي.
وفي زماننا، فإن كلمة الخارجي تعني العالم بأسره وكل الذين صادقوا اليمن أو حاربو وحوربوا على أرضه، يعرفون أنه صاحب الساحة المستحيلة فلا أمل لأي طرف بتدجينه إلى ما لا نهاية، ولا أمل لأي فريق داخلي بحكمه بالمطلق والاستئثار بالنفوذ فيه، فهو بالضبط حقل ألغام مهما بلغ السائرون على أرضه من حيطة وحذر وبراعة إلا أنهم لا يعرفون متى تتفجر الألغام تحت أقدامهم، ومتى تتوقف عن التفجر، ولقد وقع اليمن في زمننا هذا تحت مفارقة متميزة، فهو البلد الفقير لكنه يحتل موقعا جغرافيا هو الأغنى من حيث المكانة والضرورات الدولية، فهو خاصرة المملكة العربية السعودية وهو مضيق باب المندب، إضافة إلى مزايا أخرى لا تتناسب مع فقره وتخلفه عن مكانته وجواره، وحين هبطت أول قنبلة سعودية على أرضه في الحرب الراهنة، وتنادت دول كثيرة للانخراط في هذه الحرب، نهضت حالة يمنية متوقعة قوامها السماء والماء للتحالف والأرض والبشر للحالة اليمنية التي فيها اقتتال لا يهددأ، فما أن ينتصر خصم على خصمه في منطقة ما حتى يجد المهزوم منه مكانا ينتصر فيه ولو إلى حين، وإذا ما جرى الحديث عن تهدئة، فكل العالم شريك في القرار على نحو يؤدي منطقيا إلى حالة اللاقرار، وساحة صراع كهذه، وبالطريقة التي يجري فيها الاصطفاف الداخلي والإقليمي والدولي، فلا فرصة قريبة للحسم النهائي، وأفضل ما يمكن أن يتحقق هو نجاح السعودية وتحالفها العربي المدعوم دوليا بالطبع، في إرهاق هذه الساحة واجبار المتقاتلين على أرضها على الجلوس إلى مائدة الحوار في مناخ توازن جديد لا يملك فيه أي طرف أي إمكانات دائمة للسيطرة والتحكم.
وبالإمكان كذلك أن يتأثر التطلع الإيراني للنفوذ، فلن يعود بمقدور ضابط إيراني القول إننا نمسك بباب المندب.
ولهل هذا هو الأهم بالنسبة للتحالف العريض، مثلما هو الأهم بالنسبة للعالم بأسره، أما اليمن السعيد، والذي قيل عنه عبر التاريخ .... الحكمة يمانية فسوف يبقى على حاله، يدفع ثمن جغرافيته وخصائصه السكانية والمجتمعية، وسيظل يرى بواخر المترفين والأثرياء تعبر المضيق الشهير، وليس له من هذا المضيق إلا الأسى.