نفتالي بينيت تبنى نظرية " تقليص الصراع مع الفلسطينيين أو تخفيف حدته"، التي طرحها استاذ التاريخ الاسرائيلي "ميخا جودمان"، وهي باختصار التعايش مع الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي لإنه صراع لا حل له !!
نظرية جودمان، ترتكز على ان حكومة بينيت هي حكومة هجينة، من مزيج من اليسار واليمين والوسط، وأن تجارب الحكومات الاسرائيلية الهجينه منذ العام 1948 ، أثبتت انها كانت تعاني من الشلل ولم تعمر طويلا، الا ان الحكومة الحالية لديها فرصه لان تكون فعاله، في ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين ..
ولكن كيف ذلك ؟!
بحسب جودمان، هناك اجماعا غير مرئي في اسرائيل، حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فمعظم الاسرائيليين لا يؤيدون السيطرة على حياة نحو 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه لا يرغبون في الانسحاب منها، خشية من ان تصبح مساحة اسرائيل صغيرة جغرافيا، بما لا يسمح او يقلل من امكانية الدفاع عنها.. والمفارقه هنا ان الاسرائيليين، يتفقون على عدم الرغبه بالسيطره على حياة سكان الضفه، لكنهم لا يريدون الانسحاب منها، ما يعني ان هذا الوضع يفضي الى الشلل والركود ، ومن هنا جاءت فكرة "تقليص الصراع" !!
إستراتيجية تقليص الصراع تعني (حسب جودمان وبالتالي نفتالي بينيت)، انتهاج سياسات لتعزيز الحكم الذاتي الفلسطيني (السلطة الفلسطينيه)، دون تهديد للأمن الإسرائيلي، من خلال خلق تواصل جغرافي بين "الجزر" الفلسطينية في الضفة الغربية، وربطها بالعالم، ويترافق هذا مع تعزيز الازدهار الاقتصادي، باستقلال ذاتي فلسطيني محدود، والهدف من هذه الاستراتيجية، تحويل الشبكة المجزأة والهشة لجزر الضفة الغربية، إلى نظام سياسي معمر ومزدهر، دون ان يتم ذلك في سياق معاهدة سلام، ودون ان يتخلى الفلسطينيون عن مطالبتهم بحق العودة او حتى الاعتراف باسرائيل، لان الامر يتعلق بتقليص الصراع وليس إنهاءه.
اسرائيليا ، هذه الاستراتيجيه من شأنها تلبية رغبات الجمهور الاسرائيلي المختلفه، بسيطرة اسرائيليه اقل على الفلسطينيين،الامر الذي يعبر عن الإجماع الإيديولوجي الإسرائيلي، دون دفن حلم التوصل إلى اتفاق سلام شامل، لانه بمجرد استقرار الحكم الذاتي الفلسطيني، من الممكن أن يتحول إلى دولة مستقلة في إطار معاهدة سلام، لكن هذا لن يكون الخيار الوحيد، فمن الممكن أن يكون الحكم الذاتي الفلسطيني جزءا من كونفدرالية مع إسرائيل، أو مع الاردن !!
الا ان ما يفند استراتيجية جودمان هذه ،التي يتبناها نفتالي بينييت، أن الصراع كان له طرفان بعد اتفاق اوسلو: اسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولكن بعد اكثر من 25 عاما على الاتفاق، أدرات اسرائيل ظهرها للتفاوض على قضايا الوضع النهائي ،التي كانت مقررة بعد 5 سنوات على تنفيذ اتفاق اوسلو، وكثفت الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، وغيرها من السياسات التي انتهجتها ضد الفلسطينيين، وبالتالي لم يبق الا طرف واحد في هذا الصراع ، الا وهو "اسرائيل" ،التي تمكنت من تحقيق انتصار ساحق على السلطة الفلسطينيه بعد ان ادار المجتمع الدولي والدول العربية الظهرلها ..
عمليا، ليس هناك فرق بين استراتيجية "إدارة الصراع" ، التي تبنتها اسرائيل منذ العام 2000 ونظرية جودمان "تقليص الصراع" ، فهما علامتان تجاريتان مختلفتان لمنتج واحد: نظام قمعي تدحرج الى سياسة "فصل عنصري"، يبحث عن استمرار احتلاله دون تكاليف باتاحة المجال للفلسطينيين بالعيش في معازل، وتقديم الطعام لهم كي لا يجوعوا، لانهم إذا جاعوا قد يتمردوا !!
لعبة المؤسسة الامنية الاسرائيليية كانت دائما : تسهيلات .. تصاريح.. بوادر حسن نيه .. مشاريع .. الخ، الا ان نتنياهو نسفها بعقده اتفاقيات تطبيع "ابراهيم"، والسياسات التي اتبعها لإضعاف السلطة الفلسطينية، ما ادى الى تآكل شعبيتها بين الفلسطينيين، واليوم يلتقط نفتالي بنيت نظرية جودمان "تقليص الصراع" ، ليتفق مع المؤسسه العسكرية – الامنية الاسرائيلية على تطبيقها، كوسيله لديمومة الاحتلال بوضع مريح...