السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من يلبي صرخة المعتصم!/ بقلم: عصام بكر

2021-12-21 12:07:50 PM
من يلبي صرخة المعتصم!/ بقلم: عصام بكر
عصام بكر

من لا يذكر القصة الشهيرة التي ما زالت حية حتى الآن ترددها الأجيال وتتناقلها الألسن تباعا باعتبارها إحدى أشهر قصص النخوة المليئة بالمآثر والبطولة والعزة التي كان بطلها الخليفة العباسي المعتصم بالله الذي جهز جيشا آخره في بغداد وأوله في عمورية في فلسطين عندما استغاثت به امرأة بينما كان يسحلها قائد رومي احتل جيشه المدينة محاولا اقتيادها لسوق العبيد، حينها أطلقت نداءها الشهير وصاحت وامعتصماه.

اليوم هناك حالة ليست بطبيعة الحال محل مقارنة مع ما جرى لا من حيث توفر العناصر ذاتها أو حتى تركيبة الناس رغم وجود حالات كثيرة تستدعي تجميع النخوة المتبقية للعمل بالحد الذي يوفر أسباب البقاء ضمن تصنيف الإنسانية، وصفات العنصر البشري الذي يتمتع بأبسط مقومات إثبات وجوده الآدمي فالأسيرات في سجون الاحتلال يتعرضن لحالة غير مسبوقة من الظلم الممارس بحقهن بشكل يومي من قبل إدارات السجون والسجانات 32 أسيرة يعشن ظروفا اعتقالية غاية في الانتهاك لأبسط الحقوق المكفولة بالقانون الدولي، ومنظومة حقوق الإنسان التي لا تحرك ساكنا إزاء ما تقوم به ما تسمى مصلحة السجون من كل المتشدقين بالحديث عن الديمقراطية، والعادلة، ومنظومة حقوق الإنسان. 

الأسيرات أطلقن بحناجر ترتجف ليس خوفا بل ألما صيحات ومناشدات مثلت حمما من الزفير المجروح بوجع السنين لكن لا أحد يلبي النداء صمت المقابر يخيم على سماء تكسوها غيوم سوداء وأرض الزنزانة القاحلة تتصلب فيها شرايين تضيق عليهن مثلما تضيق مساحات الهواء المليء بعوادم التلوث اليومي مكسوا بأغبره الحقد والمرض اثنان وثلاثون أسيرة 9 منهن أمهات، أسيرات طفلات طالبات جامعيات حرمن من مقعد الدراسة يمر اليوم ثقيلا بنكهة القتل الساكن أجسادهن من لصرخات الأسيرات؟ ومن يلبي نداء الصوت الحر لبطلات؟؟ أخوات ورفيقات وماجدات لنا يكابدن وحشة الليل الطويل بعيدا عن الأهل، والأبناء في زنازين مغلقة معتمة أصوات أبوابها لا تفتح إلا لوجبات الضرب، والتنكيل ولا يقابلن ما يتسرب من أشعة الشمس إلى ساحة (الفورة) إلا بسعير الظلم والإهانة!! غرف سوداء مطلية بالدموع رغم قذارة كل ما فيها وبشاعة العيش إلا أنها تتطهر بهؤلاء الماجدات اللواتي كن ندا وكن في المقدمة وقدمن من التضحية والفداء دفاعا عن الوطن والقضية حتى تسلب حريتهن من أجل أن يحيى الوطن بكرامة ورفعة حرا للأجيال.

الأسيرات دويات، وبكير، وقعدان وما تعرضن له وفق التسريبات الإعلامية ضمن مجموع الأسيرات وما وصل من معلومات تخطى الكثير من مسلسل طويل من التنكيل السابق، والمعاناة التي يعيشها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال إهانات غير مسبوقة نزع الحجاب تحت أقدام الجنود (تعمد للإهانة) ضرب تهديد برش الغاز، قطع الكهرباء عن الغرف، حملة التنكيل هذه ليست الأولى لكنها بحسب مؤسسات الأسرى الأعنف والأوسع والأكثر شراسة منذ سنوات وصلت حد الاعتداء بالضرب المبرح مما أدى إلى فقدان إحدى الأسيرات الوعي بينما كان العزل وحرمان الزيارة، والعقوبات من نصيب الأسيرات مرح باكير 17 عاما والأسيرة المقدسية شروق دويات المعتقلة منذ العام 2015 ومنى قعدان 42 عاما من بلدة عرابة - سحل وفقدان الوعي بعد الاعتداء الهمجي هذا جزء مما تعرضن له على مدار الأيام الماضية وما زال الوضع في غاية التوتر ولا أحد يعرف كيف سينتهي إذا قرر "هؤلاء" استمرار التفنن في إيذاء الأسيرات ومحاولة كسر إرادتهن ليست فقط الإرادة، أرواحهن، وعزتهن التي تضيق عليها زنازين الظلام والفاشية فهي لن تتسع لمدى ما يعتمل في قلوبهن من شوق للأهل وتراب الوطن .

الحملات المتواصلة ليست وليدة لحظة بل مسلسل متصاعد تدريجي بحق الأسرى عموما والأسيرات لم يبدأ بتركيب الكاميرات في انتهاك لخصوصية الأسيرة ومنعها من الخروج لساحة الفورة، ولم يتوقف عند إفلات المعتقلات اليهوديات "الجنائيات" في الأقسام المجاورة لهن اللواتي جئن من العالم السفلي كتعبير عن قمة الانحطاط والتسيب الأخلاقي وما يتعرضن له أسيراتنا من هؤلاء من مضايقات، والألفاظ بذيئة وأصوات وأفعال يصدرنها بهدف ترهيب الأسيرات وإخافتهن، وليس قائمة طويلة من رحلات العذاب عبر ما يسمى "البوسطة" التي يتم فيها نقل الأسيرات من وإلى المحاكم أو تنقلات أخرى وهي عبارة عن وسيلة عقاب صيف شتاء، ناهيك عن العلاج الطبي الذي لا يرى ولا يسمع عنه والحديث عن العلاج من ضروب الخيال والمستحيلات أمام سياسة القهر والإهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه مصلحة السجون، وصولا للغرف والنوم وتوفر المتطلبات الأساسية من ملابس وأغطية، وطعام وهو كله دون المستوى المطلوب شحيح تفتقر إليه الغرف والأقسام، بالإضافة لشتى صنوف المعاناة الأخرى أثناء التحقيق وما يرافقه من تعذيب وحشي وتهديدات للأسيرة لإجبارها على الاعتراف في محاولة فاشلة لخلخلة صورة وقدسية الأسيرة أمام شعبها والرهان على وسط اجتماعي وعادات، وتقاليد يلعب عبرها الاحتلال بمشاعر الأهل او الأسيرة نفسها وهو ما فشل فيه على الدوام على مر العقود حيث استحوذت الأسيرات على ثقة، واحترام، ونلن من شعبهن، والحركة الوطنية كل معاني البطولة والعزة والاحترام.

صرخات الأسيرات هناك في سجن الدامون القريب البعيد للعالم الذي أصم أذنيه لم تصل للمعتصم ولم يتحرك جيشه الجرار لإنقاذ الأسيرات من ظلم المحتل وطغيانه لكن فحوى الرسالة وصل ليس منذ اليوم رغم كل ما يحيط بنا من إحباط، ويعتري قلوبنا من صدأ المرحلة، وحالة التوهان التي نعيش ورغم غرق البعض العربي او المعظم العربي في مستنقع التطبيع، وفتح الأبواب والسفارات ترحيبا بقادة الاحتلال على السجاد الأحمر لكنها وإن طالت مرحلة وتمر والثقة بالمستقبل رغم كل ما يخيم من سواد بانبلاج فجر جديد اليوم الأسيرات هن سفيراتنا إلى العالم ينقلن معاناة شعب بأكمله يتوق للخلاص من الاحتلال لو كان هذا الذي جرى بحقهن في بلد آخر ربما واقول ربما كانت توقفت الحياة اقصد السياسية، وانصب العمل على تحريرهن فورا من سجون الاحتلال من خلال حملة دولية واسعة من اعلى المستوى السياسي، والحكومة، الاحزاب، والمؤسسات الاهلية والمجتمع المدني بكل مكوناته لكان حدث زلزال هز الضمير العالمي أو ما بقي منه لتوقف كل شيء من أجل حريتهن، وأعلن النفير ووجهت الخطابات الواضحة ان الاسيرات خط أحمر وأن الجميع مطالب اليوم بتحمل مسؤوليته تجاه أسيراتنا رمز عزتنا وشرفنا، ولكنا طالبنا من أعلى المنابر الأمم المتحدة باتخاذ الاجراءات الفورية والتدخل من اجل انهاء معاناة الأسيرات وتأمين اطلاق سراحهن دون قيد او شرط ما الذي يفيد الغضب هنا او حالة احتجاج هناك!! افضل من الصمت نعم وأقل الواجب هذا صحيح لكن بايدينا ان نعمل شي ان نفعل جميع أدوات الضغط المتوفرة، والعمل بقوة من اجل الأسيرات وحريتهن فليتحرك كل صناع القرار فورا دون تأخير هذا نداء الأسيرات فمن يلبي النداء ؟؟