الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كل عام ومجتمعنا بألف خير| بقلم: نبيل عمرو

2021-12-29 08:04:02 AM
كل عام ومجتمعنا بألف خير| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

كان المغفور له ياسر عرفات، يحب استهلال ارتجالاته في المناسبات الوطنية بالقول، إن الشعب الفلسطيني أقوى من قيادته.

كان الراحل "المُفتقد" يحرص على إظهار تواضع تتطلبه القيادة الشعبية التي قوامها الناس، فهم الذين يصنعون القائد وهم الذين يمنحونه الشرعية ومقومات الاستمرار، وهم من يحاسبونه بالولاء له أو الإحجام عنه.

 غاب ياسر عرفات عن حياتنا وفي سنوات ما قبل الرحيل شهد بداية انهيار الحلم الذي أنتجته أوسلو وحصل برعايته له على جائزة نوبل للسلام، وشهد كذلك تحول القصر الجمهوري الذي كاد يقام في القدس الى غرفة ضيقة في المبنى المتواضع الذي اسمه المقاطعة، وشهد كذلك تحول موائد المفاوضات التي صنعها العالم إلى حرب هي الأشرس بين الفلسطينيين ومحتليهم.

غاب ياسر عرفات عن حياتنا وغابت معه عملية السلام وغابت وعودها وصارت وراء الزمن ومنذ ذلك الرحيل وإلى يومنا هذا لم تهدأ العواصف، ولم يتوقف النزف وزاد طين الأقدار الفلسطينية بِلة، تلك الكارثة الكبرى المستمرة حتى يومنا هذا المسماة بالربيع العربي، التي لم تجهز على مكانة القضية الفلسطينية في الأولويات الإقليمية والدولية، بل أجهزت على مستقبل العالم العربي، الذي صار ملحقا في حروب طاحنة تجري على أرضه دون أن يكون له منها سوى دفع الثمن.

لماذا أقول ذلك والكل يعرف أدق التفاصيل فيما أقول؛ أقول ذلك للتذكير بما نسي في زمن الأداء السيء للاعبين الفلسطينيين والعرب، الذي نسي هو الاستثمار الصحيح والمتقن في الرصيد المتوفر وهو الناس وعندنا نحن الفلسطينيون كان الناس وفي كل المراحل هم الرصيد والضمانة وهم صناع الحياة حين يفرض عليهم الموت.

عاش الفلسطينيون معظم أحقاب تاريخهم بلا دولة وما يزالون، وعاشوا كل تقلبات السياسة والإتجار بالشعوب والقضايا ورغم كل ذلك ظلوا وظلت قضيتهم نابضة بالحياة وقوية الحضور.

بل إلى جانب ذلك بنوا وتعلموا وتقدموا وكانوا إضافة نوعية لكل الكيانات التي اضطروا للذهاب إليها، إذ تمردوا على كونهم مجرد منكوبين ليثبتوا أنفسهم كشركاء في صنع حضارة.

هي قوة المجتمع قوة الرصيد الأصلي لكل شعب عاكسته الأقدار ووضعته في صراع مع من هم أقوى منه في ميزان الإمكانيات المادية، وإذا كنا قد يئسنا من عملية سياسية تحولت إلى عكسها، ومن طبقة سياسية لا حول ولا قوة لها، ومن خصم لا أمل فيه ولو بإظهار قدر متواضع من الواقعية والعقلانية، فلن نيأس من مجتمع صمد وصعد رغم كل ما يمتلك خصومه من إمكانات، وهذا المجتمع فيه عيب واحد إلا أنه يملك تحييده وتجاوزه إن لم يكن الآن فغدا، وهو افتقاده لطبقة سياسية توازيه ولو نسبيا، وهذا ما أثبت مقولة الراحل عرفات أن الشعب، ويقصد المجتمع، أقوى من قيادته.

أخيرا ونحن نودع عاما مضى لنستقبل عاما يأتي نقول، كل عام ومجتمعنا بألف خير.