منذ أسبوع وأنا أمنّي النفس وأشحذها للاتصال بالحبيب سامي سرحان "أبو كريم".. وصورته لم تفارق مخيّلتي، لكن الانشغال بأمور شتّى كان يحجزني عن الاتصال به فيتمّ التأجيل إلى أن جاءني النبأ الحزين من رفيق دربنا في الإذاعة والإعلام والزمالة الطويلة في حركة "فتح" أخي وصديقي نبيل عمرو ينعى رفيق دربنا العزيز سامي سرحان.
ولُمتُ نفسي كثيرا.. لماذا أيتها النفس تراخيتي بالاتصال به.. فتعاقبيني بفقدانه؟!
تأتي فجيعتي برحيله بعد أيام قليلة من رحيل الشاعر المقاتل صاحب الصوت الهادر خالد أبو خالد، وبعد رحيل الكاتب المخضرم حسن البطل وكذلك أول محافظ لغزة المناضل القائد محمد القدوة "أبو مجدي".
ضربات متلاحقة، فقدت من خلالها أعز الناس..
ناهيك عمّا يلاقيه شعبنا الصامد المرابط من تنكيل وقتل وتدمير من قبل سلطات الاحتلال المجرمة ضد الارض والشجر والحجر والبشر.
مات ابو مجدي في القاهرة ولم أودعه!
مات حسن البطل في رام الله ولم أودعه!
مات خالد ابو خالد في دمشق ولم أودعه!
ويموت سامي سرحان في رام الله ولا أستطيع توديعه.
سامي لمن لا يعرفه.. إنسان بسيط.. فلاّح كريم.. صاحب خلق عظيم مقتديا برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، متدين، هادىء.. خجول، يحمرّ وجهه من الخجل إذا مدحته، متواضع خدوم لا يتوانى عن تقديم المساعدة والمساندة لمن يطلبها.. بعيد عن كل الشهوات والمناصب، نظيف اليد والفرج.. تأتيه المناصب وحدها دون أن يطلبها..
أول مرة التقيته كانت في إذاعة الثورة الفلسطينية التي كانت تبث من درعا في بداية السبعينات وتوأمه الذي لا يفارقه "نمر إسماعيل" الذي هو حاليا سفيرنا في كوريا الشمالية.
قدم سامي من إقليم يوغوسلافيا ملتحقا بالعمل الفدائي ليكون مقاتلا في صفوف "فتح" قوات العاصفة وساقه قدره عندما أعجب به الراحل العزيز أحمد عبد الرحمن الذي كان مسؤول الإذاعة في درعا ليكون مسؤول الأخبار في الإذاعة ويساعده نمر إسماعيل..
كان يسهر الليل هو ونمر لإعداد نشرة الأخبار الصباحية.. التي كان يكتبها بخط يده المرتّب الجميل الذي يذكّرني بخط مسؤولنا الأول في الإذاعة فؤاد ياسين "أبو صخر" والذي كنا كمذيعين نتسابق على قراءة ما يكتب أنا ويحيى العمري وعبد الشكور التوتنجي وبركات زلوم ونبيل عمرو وعارف سليم.
ينام سامي ليلته في درعا متأخرا ويترك لي نشرة الأخبار تحت وسادته، فآخذها بهدوء حتى لا أوقظه بعد سهر الليل الطويل.
سيرته عطرة.. واسألوا كل من يعرفه في الإذاعة وفي القوات..
عاش بهدوء.. وعمل بهدوء.. ولم يهتم بالظهور عبر وسائل الإعلام بالرغم من قدرته الفائقة على التحليل، ورحل بهدوء..
عزائي إلى الأخت الفاضلة أم كريم ولأبنائه رولا وكريم وميساء..
عزائي لكل من عايشه وصادقه وزامله.. لأخي نبيل عمرو ولإخوتي الكرام حمد العزاوي ويحيى العمري وعطا خيري ويحيى رباح وتوأمه نمر إسماعيل ولروح صديقنا الكبير أحمد عبد الرحمن..
إلى جنات الخلد يا أبا كريم..
مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.