السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قرار ننتظره من المجلس المركزي| بقلم: عصام بكر

2022-01-24 10:20:46 AM
قرار ننتظره من المجلس المركزي| بقلم: عصام بكر
عصام بكر

حاسم حافل ومفصلي توصيفات يتم إطلاقها عبر تصريحات عديدة بانتظار انعقاد جلسة المجلس المركزي في دورته القادمة المتوقع انعقادها في السادس من الشهر المقبل وسط التحضيرات الجارية واللقاءات المتوقعة بين مختلف الفصائل والقوى في سبيل تذليل العقبات للوصول إلى إنجاح هذه الدورة التي لا تحتمل الفشل ولا يمكن الذهاب إليها في أجواء محفوفة بالمخاطر نظرا لدقة وحساسية الوضع الراهن للقضية الوطنية، والتحديات التي تواجهها وما تطرحه من أسئلة يستوجب على المجلس الإجابة عليها دون تردد أو إبقاء الباب مشرعا على الاحتمالات مع انسداد الأفق لأي حل سياسي مع حكومة الاحتلال التي تصعد من مشاريعها ومخططاتها ضمن حرب مفتوحة تستهدف الوجود الفلسطيني، واستكمال الإجهاز على مفاصل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني تنفيذا لمخطط محموم لفرض الوقائع على الأرض، وإنهاء القضية الفلسطينية .

ولمناقشة الأجواء التي يعقد المجلس المركزي هذه المرة من خلالها لا بد من تناول ذلك من زاوية الملفات الثقيلة التي تحملها جلساته آخذين بالاعتبار المرتكزات الهامة أيضا التي لا بد من حضورها في أي بحث أو نقاش، ومنها طبعا البيئة السياسية الوطنية التي يعقد فيها سواء الداخلية او التحديات الخارجية ارتباطا بالتطورات الحاصلة في الإقليم، وعلى المستوى الدولي أحد أهم التحديات أو المنطلقات كمدخل للنقاش هي أن صفقة القرن لم تزاح عن الطاولة رغم تغيير الإدارة في واشنطن وإزاحة عرابها ترامب عن المشهد لكن أدواتها سواء خطة الضم الصامت والزحف الاستيطاني المتواصل في الأرض الفلسطينية وجوهر الخطة للتذكير يقوم على استبدال الحقوق الوطنية بما يسمى تحسين شروط الحياة اليومية – أي السلام الاقتصادي وإحدى الأدوات الأخرى لها تقوم على تطبيع العلاقات مع الدول العربية وهو للأسف أخذ بالتمدد التدريجي والعلني والتعمق أكثر ووصل لدرجة بناء الأحلاف العسكرية والاستراتيجية مع دولة الاحتلال أي أن القضية الفلسطينية ليس فقط أنها لم تعد قضية "العرب الأولى" وإنما باتت ربما في نظر البعض تمثل عبئا غير مرغوب به خصوصا مع التحضيرات لعقد القمة العربية المقبلة المتوقعة في آذار المقبل في الجزائر (إذا ما عقدت) وهو ما يبدد الأمل بالرهان على قرارات عربية أو موقف يتعلق بتعزيز العمل العربي المشترك دفاعا عن القضية الفلسطينية بل على العكس ربما ستكون إحدى حلقات الضغط على الفلسطينيين لإعادتهم إلى قطار التسوية من جديد، وأية مخرجات عن هذه القمة ستراوح بين تعميق حالة التشظي العربي العربي أو النزول عن السلم أكثر هبوطا ولا شيء في هذا الطريق سوى القاع للأسف.

أما الوضع الداخلي وهو ربما الركن الأهم في هذه الدورة تحديدا استمرار حالة الانقسام والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الآخذة بالتراجع بسبب سياسات الاحتلال أولا أو ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا وما خلفه على الاقتصاد العالمي إضافة للأزمات المتلاحقة للسلطة بسبب استمرار اقتطاع أموال المقاصة والتبعية للاقتصاد الإسرائيلي، والإجراءات المتخذة داخليا في مواجهة ذلك كله دون الدخول في تحليل إلا أن المناخ الذي يعقد فيه حيث لا بد من التذكير بالقرارات التي اتخذها المجلس في أيار 2015 وما تبع ذلك من مقررات المجلس الوطني 2018 ومخرجات اجتماع الأمناء العامين رام الله - بيروت والتي أكدت على وقف العمل بكل الاتفاقيات مع دولة الاحتلال، وإنهاء العلاقة معها قبل أن يتم التراجع عن هذه القرارات لاحقا لأسباب عديدة أيضا لا داعي للخوض فيها إلا أنه من الأهمية القول بأن أي مخرجات للاجتماع المقبل للمجلس المركزي لا يمكن لها أن تكون ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون سقفها أقل من القرارات التي اتخذت سابقا لسبب بسيط وهو تصاعد الحرب العدوانية للاحتلال بهدف تصفية القضية الوطنية برمتها أي لم يعد متسع من الوقت للجهود والمناورة، والتكتيك السياسي، وهو ما يحتم على الجميع أيضا من باب المسؤولية الملقاة عليهم أن تكون درجة هذه المسؤولية بالشكل الذي لا يقل عن القرارات السابقة رغم الصعوبات التي قد تنشأ والموجودة أصلا على أرض الواقع من معاناة يومية للمواطن، وحرب مفتوحة تطال كل شيء سواء في القدس ومحيطها ضمن مخطط التطهير العرقي والاستيطان الاستعماري في كل الضفة الغربية، والحصار المتواصل على قطاع غزة، وسياسات التمييز العنصري بحق الجماهير العربية في الداخل، ومحاولات شطب حق العودة من خلال مشاريع التوطين وتجفيف دعم وكالة الغوث هذه الساحات وفقا لخصوصية كل منها يفترض باعتقادي أن تكون حاضرة في نقاشات وجدول أعمال المجلس لاتخاذ ما يلزم من قرارات تنسجم مع المعاناة لكل منها دون فصل الترابط العضوي بينها رغم الخصوصية التي تتمتع كل ساحة بحكم الواقع لكنها ترتبط بذات السبب وذات الجذر وهو الاحتلال في ظل التلويح باتخاذ قرارات بمستوى ما يجري على الأرض والذهاب لخيارات أخرى مؤلمة تحدث الرئيس عباس في خطابه في الأمم المتحدة حول قرار التقسيم 181 وعدة سيناريوهات يتوجب دراستها مع أهمية مراعاة إمكانيات التنفيذ وانعكاساتها بما يخلق حالة التفاف من الشارع خلفها والتمسك بأي قرار يتخذ إذ لا يجوز أن تؤخذ قرارات ويتم بعد فترة التراجع عنها هذا بالعرف السياسي "انتحار" ولا ينسجم مع ما يجري في ظل الاتفاق على تصعيد الكفاح الوطني المشروع للشعب الفلسطيني.

باعتقادي في زحمة النقاش والتجاذب والاجتماعات للتوصل لصيغة بيان ختامي متفق عليه من الجميع اقصد هنا فصائل منظمة التحرير وأيضا من هم خارجها (مطالبون بأن يكون لهم رأي) حول الصيغ والمصطلحات التي قد تحملها نتائج الاجتماع المقرر عقده في رام الله فإن قرارا واحدا في إطار مجموعة قرارات في الموضوع السياسي والوطني وتحديد معالم المستقبل قرار واحد ربما لا يقل أهمية عن القرار المتعلق بإنهاء العلاقة وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال وهو أي القرار الآخر المنتظر أداة قياس هامة بالنسبة لأوساط كثيرة بل الأغلبية الصامتة من الجمهور وهو أن يتم بشكل واضح تبني حركة المقاطعة BDS صحيح فيما مضى جرى إقرار ذلك لكن حتى اليوم لم تكن أي ترجمة أو تعبيرات ملموسة لتبني هذا القرار وتطبيقه على الأرض المقصود هنا إصدار قرار بفرض المقاطعة الشاملة على دولة الاحتلال ووقف كل أشكال التعامل مع المنتجات والبضائع منها، ومنع إدخالها للسوق المحلي وفق خطة متكاملة باعتبار حركة المقاطعة هي إحدى أشكال المقاومة الشعبية وفي ظل الحرب غير المسبوقة التي تشنها دولة الاحتلال عالميا عليها وحيث الاتفاق على أن المقاومة الشعبية تمثل خيارا استراتيجيا جرى الإعلان عن تشكيل (قيادة وطنية موحدة) لها الرسالة المدوية إذا ما تم تبني حركة المقاطعة هي أن الشعب الفلسطيني لن يعود عن قراراته هذه المرة بل سيحملها إلى حيز الوجود والتنفيذ بإرادة شعبية فاعلة وواسعة . 

الإطار السياسي للمخرجات ربما يحمل العديد من النقاط الهامة لكن الجديد رؤية وطريقا هذه المرة سيكون بالإعلان بشكل واضح عن توفير مظلة حماية وطنية وشعبية لحركة المقاطعة التي تصنف بالخطر الاستراتيجي على الاحتلال، ومنحها الشرعية اللازمة ينسجم مع مرحلة التحرر الوطني، وتغير وإعادة تعريف مفردات يجري تناولها منذ أوسلو وهي أصبحت منتهية الصلاحية ليس هذا فحسب هذا التبني سيكون بمثابة شرارة انطلاق حملات واسعة في بلادنا وأنحاء العالم، وإحدى أهم الدلالات لتبني المقاطعة هو امتدادها لتجمع بين مختلف الساحات التي يتواجد فيها الشعب الفلسطيني وبهذا يمكن الجمع بين مختلف حقوق تلك الساحات المنسجمة مع القانون الدولي بالاعتماد على الإرث الوطني والنضالي الطويل لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده هذه الحقوق بمضمونها يجري تظهيرها في المجلس المركزي وهي حق العودة وفق القرار 194 للاجئين لديارهم التي شردوا منها، وحق تقرير المصير في دولة مستقلة عاصمتها القدس على جميع الأراضي التي احتلت العام 1967 والمساواة الكاملة للأقلية القومية العربية في الداخل هذا المسار قد يكون مكلفا للغاية لكنه يمثل ضمان للحقوق واعادة الثقة بين القيادة والشارع خصوصا إذا تضمن خطوات لتفعيل البعد القانوني في المحكمة الجنائية الدولية فإن هذا سيضيف المزيد من ترميم العلاقة هي ليست تنبؤات او تكهنات ولا قراءة على الرمل هذا منهجية تفكير نصل اليها باستخلاص ومراجعة دون بيع وهم الرهان على امكانية الوصول لتسوية اي تسوية مهما كانت لن تتعدى الادارة الذاتية ودولة الكانتون وهذا يتطلب العمل على مراجعة دور السلطة ووظيفتها وعلاقتها بالمنظمة كل ذلك في اطار استراتيجية نقلع بها وتشق طريقها تنبعث من جديد في ذات الوقت الذي تراهن اوساط عديدة وتعتبر ان الامور على شفا الانهيار وإن الحالة مستحيلة تاتي هذه المحطة لتعيد التاكيد على ان الرهان على الشعب الفلسطيني لا يخيب وان في جعبته الكثير وانه صاحب القول الفصل، ولديه ما يفاجيء العالم به مثلما ظنوا انتهاء نضاله في مرحلة ما لتأتي الانتفاضة المجيدة الاولى العام 1987 وتقلب كل موازيين الجميع ونحن قادون ..  نعم إنا قادرون  .