إتفاق أوسلو هو سببب مشكلة جمع الشمل التي تعاني منها عائلات فلسطينية كثيره، وذلك عندما وافق المفاوض الفلسطيني، على بنود في الإتفاق تمنح اسرائيل الحق في الموافقة المسبقه على الإقامة الدائمة لسكان الآراضي الفلسطينية المحتله، وتعهدت هي بالمقابل بالموافقة على 4000 طلب للم شمل العائلات سنويا،ما يسمح للأشخاص الذين تدرج أسماؤهم في سجل سكان السلطة الفلسطينية الحصول على الهوية، والتنقل بين المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة والسفر للخارج.
وفي العام 2005، وافقت إسرائيل على إدخال في السجل السكاني كل من دخل إلى الأراضي المحتلة كزائر، وبقي فيها بشكل "غير قانونيّ"، وذلك كبادرة حسن نية من جانبها للسلطة الفلسطينية، ولتنفيذ هذا الإجراء، نقلت إسرائيل إلى هيئة الشؤون المدنية قائمة بأسماء 51,738 شخصا دخلوا إلى الاراضي الفلسطينية بتصاريح زيارة ولم يخرجوا منها بعد إنتهاء موعد سريان تصاريحهم، أو أنهم تقدموا بطلبات للم الشمل لم يوافق عليها، منهم 22,611 من قطاع غزة، غالبيتهم دخلوا الى القطاع بين عامي 1994 و2000 بتصاريح زيارة سارٍيه لفترات قصيرة.وفي العام 2008 صدرت 12,326 بطاقة هوية لأشخاص دخلوا القطاع ، ألا أنه في نهاية ذات العام جمدت إسرائيل عملية تسوية المكانة القانونيه للفلسطينيين
وفي نهاية أغسطس/آب 2021 ، وفي أول اجتماع علني من نوعه بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين منذ أكثر من 10 سنوات، تقدم وزير دفاع الاحتلال بيني غانتس"بهدية" للرئيس محمود عباس، بمنحه استثناء نادرا للحظر الإسرائيلي على طلبات لم الشمل، ووعده بالمصادقة على لم شمل أربعة آلاف فلسطيني، الأمر الذي لم يحدث منذ 12 عاما.
وبعد نحو شهر ونصف من اللقاء، أعلن رئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، عن الموافقات الاسرائيلية الأولى على ملفات لم شمل العائلات، وفي أكتوبر / تشرين اول 2021 قال الشيخ "مغردا" في تويتر "بعد انقطاع دام 12 عاما تمت الموافقة على لم شمل المواطنين الذين تجاوز سنهم 16 عاما ولم يكونوا مسجلين في هويات ذويهم، وعدد الموافقات 442 موافقة تشمل المحافظات الجنوبية والشمالية".، ثم تتالت الموافقات الاسرائيلية تباعا .
من الواضح أن تحريك ملف لم الشمل المجمد فعليا من قبل إسرائيل ، يهدف لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، التي تضررت صورتها كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، أذ أعلن غانتس عن عدة خطوات لهذا التعزيز في اوساط الشعب الفلسطيني، ومنها منحها قرضا بقيمة 500 مليون شيكل من اموالها التي تجبيها اسرائيل لصالحها، وكذلك زيادة تصاريح عمال الضفة الغربية داخل إسرائيل، والاعلان مؤخرا عن حصول العمال في اسرائيل على تحويلات بنكية، هذه الخطوات وصفها غانتس بالقول "أنها جزء من سياستي لتعزيز الاقتصاد وتحسين حياة الفلسطينيين في يهودا والسامرة".
ولعل الهدف الأبرز من تحريك هذا الملف في هذا التوقيت، هو إرسال رسالة مفادها بأن السلطة الفلسطينية، هي الجهه الأقدرعلى فكفكة عقد الملفات العالقة، والتي هي بالواقع حقا إنسانيا من حقوق الفلسطينيين بحسب معاهدات حقوق الانسان الدوليه، لكنها تحولت إلى "مِنَّة" تمن بها إسرائيل علينا كلما ارتأت منها فائدة لصالحها. ومن أهداف اسرائيل ايضا من "هدايا" لم الشمل هذه، تشجيع قيادة السلطة على الاستمرار بالتنسيق الأمني معها في الضفة الغربية، تحت يافطة " التصدي لتغلغل حماس"، وواقع الامر أن مثل هذه "الهدايا" لن تكلف إسرائيل شيئا ولن تؤثر على أمنها من الناحية العمليه.
اسرائيل "بهدايا جمع الشمل" التي تقدمها تضرب عصفورين بحجر، فمن جانب تحاول تحسين صورة السلطة الفلسطينية في اوساط الرأي العام الفلسطينيي، لإظهار أنها قادرة على فكفكة ملفات عالقة معها، ومن الجانب ألآخر دعم ترشيح الرئيس عباس لحسين الشيخ ربما لخلافته، إلا أن الاكاديمي الاسرائيلي "ميخائيل ميلشتاين" المختص بالشان الفلسطيني في جامعة تل أبيب، يرى في برنامج حواري في راديو الجيش الإسرائيلي حول تأهيل الشيخ لخلافة لعباس " أنه على الرغم من أن خيار الشيخ مفضل ومريح لإسرائيل،الا أن الشيخ ضعيف في قواعد فتح التنظيمية بشكل خاص، وفي الشارع الفلسطيني بشكل عام، ولهذا يجب على اسرائيل تجنب إظهار اي دعم له كي لا تزيد من مشاكله، لئلا تظهر كمن يفرض على الفلسطينيين قائدا غير مرغوب فيه"...
وفي نهاية المطاف، خطوة إسرائيل بمنح الفلسطينيين لم الشمل التي تخظى بتغطية إعلامية واسعه ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، للإيحاء للمجتمع الدولي بأنها تمنح الفلسطينيين حقوقهم الأساسية، الا أنها بالواقع أوراق مقايضة سياسية بيدها، وفي الحقيقة أن الحق بجمع الشمل من وجهة نظر القانون الانساني الدولي يجب أكتسابه تلقائيا، كما أنه ليس موضوعا لزيادة شعبية أحد من خلال استخدام شعارات مثل "حق أنتزع بالقوة"، كما أنه ليس " انتصارا" سجله هذا او ذاك، لغرض تحقيق مكاسب سياسية ضيقه ، بل هو حق أصيل لمن حرمهم الاحتلال من حق المواطنه في وطنهم..