لن يكون لـ سامي سرحان مقالا في هذا العدد لصحيفة الحدث الفلسطيني، لقد غاب أبديا بعدما أدى رسالته، بقلمه وفكره ووعيه، الذي حاول من خلاله أن يفسر ما نعيشه ويعيش فينا.. لن تنتظر أسرة الحدث بعد اليوم سرحان ليرسل مقاله المكتوب بالحبر الأزرق، كما يحب، وكما تعود منذ أن كان ثائرا يتنقل من دولة لأخرى كصوت وقلم للثورة الفلسطينية المعاصرة.. لأن لا أحد يملأ فراغه، نعزي أنفسنا بما كتب، وبما سنكتبه كصحيفة شغل منصب رئيس مجلس إدارتها، لكنه لم يتوانى أن يكون كاتبا فيها.
ولأن من حق الناس أن تعرفه، كشرط عزاء لمن هم أمثاله، نستعرض هنا جزءا من سيرته:
ولد سامي سرحان "أبو كريم" عام ١٩٤٤ في قرية التينة الواقعة في الجنوب الغربي لمدينة الرملة في أراضي فلسطين التاريخية عام ١٩٤٨.
في تموز عام ١٩٤٨ احتل الصهاينة التينة، ودمروا بيوتها وهجروا أهلها، فغادرت عائلة "سرحان" متوزعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن.
اختارت عائلة سامي الضفة الغربية، وسكنت في منطقة وسطى ما بين بيت لحم والخليل، إلى أن أقيم مخيم العروب فانتقلت العائلة للعيش فيه مؤقتا على أمل العودة.
درس سامي في مدارس وكالة الغوث في مخيم العروب، وأنهى تعليمه الابتدائي والاعدادي، قبل أن ينتقل إلى مدينة الخليل لينهي تعليمه الثانوي أوائل الستينات من القرن الماضي.
اختير للعمل في السعودية، بعد دورة سريعة لإعداد المعلمين، حيث عمل معلما بداية من عام ١٩٦٤، وكان من أبرز تلامذته عبد الله السديس إمام الحرم المكي بعد ذاك.
أنهى عمله في السعودية عام ١٩٦٧، وعاد بعدها إلى الضفة الغربية، حينها قرر إكمال دراسته الجامعية، فتم قبوله على نفقته الخاصة في كلية الطب في إحدى جامعات يوغسلافيا (وبالتحديد كرواتيا).
في أوائل عام ١٩٦٨، وبعد نكسة حزيران بأشهر ترك مقاعد الدراسة التي تفوق فيها، والتحق بصفوف الثورة الفلسطينية مقاتلا، قبل أن يتم اختياره للعمل في "إعلام حركة فتح"، إلى جانب الرواد حكم بلعاوي والطيب عبد الرحيم وأحمد عبد الرحمن وفؤاد ياسين.
أواخر عام ١٩٧٠ غادر إلى سوريا، بعد أحداث أيلول الأسود في الأردن، وظل يواصل عمله الإعلامي في إذاعة الثورة الفلسطينية من درعا.
إبان حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣، انتدب لدعم كادر إذاعة صوت فلسطين في العراق، وظل يعمل فيها حتى عام ١٩٧٤، وقتذاك حصل الانشقاق المشؤوم بدعم من سلطات بغداد، عن حركة فتح تحت مسمى "فتح المجلس الثوري" بقيادة صبري البنا "أبو نضال"، ورغم الضغوط التي تعرض لها سامي إلا أنه ظل وفيا لفلسطين، واستطاع الإفلات من بغداد وعاد إلى سوريا لمواصلة نضاله في صفوف حركة "فتح".
في عام ١٩٧٤ انتقل الى العاصمة اللبنانية بيروت، ليتولى مهام مدير التحرير في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بعدها بأشهر انتقل للعمل سكرتيرا للتحرير في مجلة فلسطين الثورة الصحيفة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
في عام ١٩٧٦، أشرف على إصدار جريدة فلسطين الثورة اليومية، حتى خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت عام ١٩٨٢، بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان.
خلال وجوده في لبنان واصل سامي دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية وتحصل على البكالوريوس في العلوم السياسية والإدارية.
في عام ١٩٨٢، وبعد انتقال القيادة الفلسطينية إلى تونس، تولى سامي مهمة النائب الأول لمسؤول الإعلام الفلسطيني، وأشرف شخصيا في تونس على إصدار عشرات الإصدارات الإعلامية، منها الخبر اليومي، والتقارير الأسبوعية الخاصة برصد المواقف الإسرائيلية والعربية والعالمية، غير إشرافه المباشر على إصدار وطباعة عشرات المنشورات الإعلامية الأخرى، كما أشرف على إصدار مجلة "فلسطين" الصادرة باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
خلال وجوده في تونس واصل سامي سرحان تحصيله العلمي العالي، وتحصل عام ١٩٩٠ على شهادة دكتوراه المرحلة الثالثة في العلوم السياسية من كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة التونسية، وكان عنوان رسالته " دولة فلسطين _ دراسة سياسية قانونية".
بعد اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣، عاد سامي إلى الوطن وتولى عام ١٩٩٤ منصب مديرا عاما في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وفي عام ٢٠٠٥ ، تولى مهمة رئيس وكالة "وفا"، حتى تقاعده عام ٢٠٠٨.
تولى رئاسة مجلس إدارة صحيفة الحدث، وكان كاتب مقال شهري فيها.