الحدث: غزة- محمد مصطفى
رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على انتهاء العدوان، وإدخال آلاف الأطنان من مواد الإعمار إلى قطاع غزة، لتسليمها للمتضررين، إلا أن القطاع لم يشهد حركة إعمار نشطة، وما زال الأمر مقتصرا على ترميمات وإصلاحات بسيطة تنفذ هنا وهنا، فالاسمنت الذي يسلم للمتضررين بالقطارة، وجد طريقه للسوق السوداء، والحصول عليه من قبل من هم بحاجة له أمر صعب، وقد يصل ثمن الطن الواحد منه إلى أكثر من 2000 شيقل، علماً بأن ثمنه الأصلي لا يتجاوز 520 شيقلا.
كميات قليلة وحاجات كبيرة
المواطن ياسر زكي، أكد أنه انتظر بفارغ الصبر كوبون الاسمنت، لكنه فوجئ بأنه تسلم شوالا واحدا فقط، وهي كمية لا تكفي مطلقاً لترميم وإصلاح أضرار منزله، التي نجمت عن سقوط صواريخ في محيطه خلال فترة العدوان.
وبين زكي أنه اضطر للجوء للسوق السوداء، لشراء باقي الكمية التي يحتاجها، لتنفيذ الإصلاحات، وكان ثمن الشوال الواحد يزيد أربعة أضعاف عن ثمنه الأصلي، لكنه كان مضطراً لفعل ذلك، من أجل إنهاء معاناته وأسرته.
أما المواطن أسامة حمد، فاعتبر نفسه من المحظوظين، حين حصل على كمية جيدة من الاسمنت ومواد البناء، فرغم أنه بحاجة إلى كميات أكبر، لكنه سارع باستغلالها في إصلاح وترميم منزله الذي تضرر كثيرا بفعل العدوان.
وأوضح حمد أنه جلب كامل الكمية إلى منزله، وسارع بالاتفاق مع بناء ليعيد ترميم المنزل، واستبدال الجدران الآيلة للسقوط بأخرى جديدة، وإعادة ترميم الواجهة المليئة بالثقوب.
وأشار إلى أن حاجته من مواد البناء تتعدى ترميم المنزل، فهو بحاجة ماسة جداً لبناء غرفة أو غرفتين، واستكمال تجهيز شقة توقف عن بنائها بسبب شح مواد البناء، لكن الكمية التي تسلمها محدودة، والأسعار في السوق السوداء خيالية، تفوق قدرة أي أسرة.
وكانت مصادر مطلعة على تفاصيل كميات المواد التي تصل غزة، أكدت لـ"الحدث"، أنه لم يصل القطاع المحاصر سوى 50 ألف طن من الاسمنت أو أكثر قليلاً، في حين إن حاجة القطاع اليومية من هذه السلعة تتخطى عشر آلاف طن، وهذا يوضح مدى الحاجة لتلك السلعة.
حركة عمرانية ضعيفة
من جانبه أكد المواطن كمال عبد الله، ويعمل في قطاع البناء والعمران، إن حركة العمران في قطاع غزة ما زالت متوقفة، وغالبية البنائين والصناع لم يعودوا لعملهم.
وأوضح عبد الله، أنه ومنذ إغلاق الأنفاق مع مصر قبل نحو عامين، وهي كانت مصدر مواد البناء التي تصل غزة، وحركة العمران متوقفة، وجراء ذلك فقد عشرات الآلاف من العمال والبنائين والحرفيين مصادر دخلهم.
وأشار إلى أن مواد البناء التي وصلت القطاع محدودة، والكميات القليلة التي حصل عليها المتضررون نفذت في إصلاحات وترميمات بسيطة، لم يحتج القائمون عليها لبنائين، ونفذوها بأنفسهم في الغالب، آملا أن تنتعش حركة الإعمار بعد إدخال كميات أكبر من مواد البناء للقطاع.
وودمرت آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة أكثر من 10 آلاف منزل، وألحقت أضرار متفاوتة في حوالي 100 ألف منزل آخر، ناهيك عن دمار كبير في منشآت اقتصادية ومصانع، ومرافق بنية تحتية، وهذا يحتاج إلى ملايين الأطنان من مواد البناء لإعادة إعماره.