خاص الحدث
في نوفمبر 2021، ورد اتصال هاتفي من مسؤول كبير في المعابر إلى العاملين فيه، فحواه أن "شددوا على تهريب السجائر". على مدار أسبوع كامل لم يستطع مسافر واحد من تهريب علبة سجائر فوق الحد المسموح به، ثم فجأة عاد التهريب بشكل أكبر مما كان عليه، بحسب ما أفادت مصادر متطابقة لصحيفة الحدث.
تعتبر الجهات الدولية، وخاصة المانحة، أن التهريب في الحالة الفلسطينية، غير مرتبط فقط بضعف الإجراءات أو قلة الإمكانيات، وإنما بالفساد كذلك، حيث يتربع الأخير على عرش الأسباب عند الحديث عن هذه الظاهرة، وهذا الفهم دفع وزارة المالية الفلسطينية للتعهد بمحاربة التهريب، ضمن خطتها الإصلاحية التي نشرتها مطلع العام الجاري.
من طرف الجهات المانحة، ليس منطقيا أن تضع أسباب عجزك المالي كله على تردد المانحين أو تراجعهم، بينما التسرب المالي في الخزينة العامة يمكنه معالجة نسبة كبيرة من هذا الخلل، لذلك فإن متابعة ومعالجة هذه الظاهرة جزء مهم في محاربة الفساد والعجز المالي والترهل الذي أصاب الأدوات الرقابية والتنفيذية.
ببساطة يمكن لأي باحث أو مانح أو مهتم أن يكشف الفساد الذي يترسخ أكثر فأكثر في هذا القطاع، التهريب. مثلا ببحث بسيط في التقرير السنوي لمجلس القضاء الأعلى، لا يتضح مما هو منشور على الأقل، أنه عرض قضايا على محكمة الجمارك خلال عام 2020، ولا يختلف الحال في تقرير عام 2019.
محكمة الجمارك باشرت أعمالها في نوفمبر 2010. رئيس محكمة استئناف القدس القاضي نزار حجي قال في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث" بشهر يناير 2021، إن محاكم الجمارك المختصة بالتعامل مع قضايا التهريب تنظر منذ بداية تأسيسها في 45 قضية مدورة في محكمة بداية الجمارك ونحو سبعة قضايا فقط لدى محكمة الاستئناف.
والسؤال الأهم، الذي يحتاج لإجابة حقيقية: هل يتناسب عدد القضايا أمام محكمة الجمارك منذ مباشرة أعمالها مع حجم التهريب؟!
تحيلنا هذه التساؤلات إلى المعلومة التي بدأنا فيها هذا المقال. المكالمة التي أوقفت التهريب لأسبوع فقط، ولعلّ الأمر يمكن تفسيره نسبيا من هذا المدخل، وسنراقب بعد نشر هذا المقال مدى الاهتمام بالمعلومة التي وردت فيها، هل ستتصل بنا جهة مختصة وتسألنا عن تفاصيل هذه المكالمة؟! هل سيراجعنا أحد ويقول تعالوا نفهم ما الذي جرى في نوفمبر العام الماضي؟! إذا لم يحدث ذلك، سنكتب مرة أخرى أنه لم تردنا أي مكالمة! وليستمر التهريب!.