الحدث- محمد غفري
وصف الناشط الإعلامي والسياسي في مخيم اليرموك سامح همام، الوضع الإنسانيّ داخل المخيم بالصعب للغاية مع بداية الحصار المفروض على المخيم منذ أكثر من سنتين من قبل النظام السوري، وزيادة التوتر مع دخول تنظيم "داعش" إليه.
حصار المخيم
وأكد همام في حواء خاص مع "الحدث"، الذي نجح مؤخراً في الخروج من مخيم اليرموك، أنه تم منع دخول وخروج المدنين من وإلى المخيم، وكذلك تم منع دخول الطعام مطلقا باستثناء الكميات المحدودة جدا، التي أدخلتها الأونروا إلى المخيم في الفترة الأخيرة من الحصار، بعد الضغط الدولي على الحكومة السورية، وذلك بعد موت 173 شخصاً نتيجة سوء التغذية وسوء الرعاية الصحية.
وأوضح أن هذا الحصار مفروض على كامل المنطقة الجنوبية من العاصمة السورية دمشق، ويعتبر مخيم اليرموك جزءاً منها، لكن آثار هذا الحصار على المخيم كانت أشد قسوة ووحشية، لأن تلك المناطق في حقيقتها هي مناطق ريفية تمتلك الكثير من المساحات الزراعية المخدمة بآبار مياه للري، وهو الأمر غير المتوفر في مخيم اليرموك باستثناء بعض المشاريع الزراعية البسيطة التي تقوم بها بعض المؤسسات الإغاثية، مثل مشروع بصمة خير، الذي سعى ناشطون من خلاله إلى تحويل أرض ملعب رياضي إلى مساحة قابلة للزراعة.
وتابع الناشط، "كما أن الكثافة السكانية في المخيم أكبر بكثير من باقي المناطق، ويصل عدد من تبقى في المخيم قبل دخول "داعش" إلى 25 ألف مدني، وفي يوم دخول داعش إلى المخيم كانت الأونروا توزع مساعدات إغاثية لأهل المخيم عن طريق حاجز النظام الموجود في الجهة الشمالية الشرقية للمخيم، الذي يقع تحت سيطرة أكناف بيت المقدس، ونتيجة المعارك توقفت الأونروا عن التوزيع بأمر من الحكومة السورية ما عقد الأمور أكثر وازداد الوضع الإنساني سوءاً".
داعش سرقت المواد الطبية والنظام يمنع دخولها
على المستوى الطبي، قال همام إن الوضع صعب للغاية ويزداد سوءاً يوما بعد يوم، نتيجة نفاذ المواد الطبية القليلة أساسا وسرقة المواد الطبية من قبل "داعش"، وكثرة الإصابات والشهداء نتيجة القصف العشوائي بالهاون، والبراميل والصوريخ، ونتيجة الاشتباكات التي اندلعت في كافة أنحاء المخيم".
وأضاف أنه يوجد داخل مخيم اليرموك نقطتين طبيتين: مستشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، ومستشفى الباسل الخيري، وهذه المشافي تعمل بالحد الأدنى لها لعدم توفر الكادر الطبي والأطباء المختصين، ولعدم توفر المواد الطبية، كذلك يمنع النظام السوري دخول المواد الطبية بشكل كامل إلى المخيم، وأغلب الإصابات الخطيرة تتعرض للموت السريري، واعتقال النظام السوري مدير الهلال داخل مخيم اليرموك المخبري جمال حماد (45 عاما)، حين خرج في اليوم الأول لدخول داعش لإحضار المواد الطبية للمخيم.
وعن الأمراض المنتشرة في المخيم، أوضح أنه "قبل دخول "داعش" إلى المخيم كان هناك انتشار كبير لمرض التهاب الكبد المسمى يرقان، إضافة إلى انتشار حالات سوء التغذية والجفاف وهي الأمراض الرئيسية التي أدت إلى وفاة 173 مدنيا، وبعد دخول داعش ازداد الأمر سوءا بسبب سرقتهم ما تبقى من المواد الطبية وبسبب ارتفاع وتيرة القصف العشوائي وازدياد الاشتباكات داخل المخيم وعلى أطرافه".
إجلاء المواطنين من المخيم وأوضاعهم بالداخل والخارج
وقال همام، "يوجد داخل المخيم الآن تقريبا 15 ألف مدني، وخرج الباقي إلى يلدا وببيلا وبيت سحم وهي مناطق محاصرة أيضا، وتقع تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة الإسلامية وغير الإسلامية، وهي "جيش الإسلام، أبابيل حوران، شام الرسول".
وأضاف "قبل خروجي من المخيم كنا نعتمد على الطعام المقدم من قبل الأونروا من عدس ورز وبرغل، لكن المشكلة الكبيرة أن الحكومة السورية أوقفت هذه المساعدات، وغالبا سيكون التوقف لمدة طويلة، ما سيجعل أغلب الناس تعتمد على الشوربة من السبانخ أو السلق".
وبالحديث عن إجلاء المواطنين من المخيم، أكد أنه نزح ما يقارب 20% من سكان المخيم الموجودين داخله بالفترة الأخيرة، أي ما يقارب 4000 مدني من أصل 20 ألفا، وقد نزحوا إلى مناطق يلدا وببيلا وبيت سحم، وهي موجود بالجنوب الشرقي لمخيم اليرموك، وهي مناطق محاصرة أيضا لكنها في هدنة مع النظام السوري، وبموجب شروط الهدنة تدخل مواد تموينية إلى تلك المناطق ما يجعل وضعها أفضل بكثير من وضع المخيم، ولا يوجد فيها قصف أبدا إلا في حالات نادرة من قبل المليشيات الطائفية الرافضة للهدنة.
واستدرك بالقول، "الخروج سهل نسبيا إلى تلك المناطق للأطفال والرجال والنساء والشيوخ، وبعض الشباب يعاني من التنقل من المخيم إلى تلك المناطق بسبب خطورة الوضع الأمني والتوتر بين الأطراف المتقاتلة على أرض جنوب العاصمة دمشق والخوف من العملاء المحسوبين على داعش والنصرة، وحين وصولهم إلى تلك المناطق تقوم المؤسسات الإغاثية والمجالس المحلية في تلك المناطق بتقديم أماكن للسكن وتوفر لهم الطعام وكافة المستلزمات ضمن القدرات المتاحة والقليلة أساسا".
أما عن المواطنين داخل المخيم، أكد همام أن أمورهم أسوء من الناس خارج المخيم وهم يرفضون الخروج من المخيم وترك منازلهم تحت أي ظرف كان، ويعتمدون على الشوربات والأكل الخفيف جدا وبعض المواد الموجودة لديهم من مساعدات الأونروا التي ستنتهي خلال يومين ونعود إلى مسلسل الموت جوعا وإلى سوء التغذية".
لا يوجد مياه للشرب سوى الأبار الجوفية
وأفاد الناشط الإعلامي، بأن هناك مشكلة خطيرة أيضا فالنظام السوري يمنع وصول مياه الشرب إلى داخل المخيم منذ 240 يوما تقريبا، وتعتمد الناس على المياه الجوفية التي تقدمها المؤسسات الإغاثية، لكن أغلب المؤسسات توقفت عن العمل نتيجة الوضع الأمني الخطير، ونتيجة تعرض كوادرها للخطر من قبل داعش والقصف، وعدم توفر المياه زاد من سوء الوضع الصحي بشكل أكبر، وانتشرت أمراض مثل القمل والجرب بين الناس.
الوضع العسكري لجنوب العاصمة دمشق واليرموك
وأشار همام إلى أن المخيم هو جزء من جنوب العاصمة دمشق ولا يبعد عنها سوى 10 كم، والمنطقة الجنوبية مكونة من سبع مناطق أساسية هي،مخيم اليرموك (كان تحت سيطرة أكناف بيت المقدس وجبهة النصرة)،الحجر الأسود (تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية)، والقدم (تحت سيطرة أجناد الشام)، والتضامن (تحت سيطرة أنصار الإسلام، ومجموعات من الجيش الحر)، ويلد (تحت سيطرة الجيش الحر جيش الأبابيل)، وببيلا (تحت سيطرة الجيش الحر "شام الرسول")، وبيت سحم (تحت سيطرة جيش الإسلام).
وأضاف، "هذه المناطق محاصرة بشكل كامل من قبل النظام السوري، ويوم الأربعاء الأول من نيسان قام تنظيم الدولة بالدخول إلى المخيم بمساعدة جبهة النصرة، وفي محاولة منهم لفرض سيطرتهم على كامل المخيم، استطاعوا السيطرة على 80% من المخيم بعد اشتباكات استمرت لعدة أيام بينهم وبين أكناف بيت المقدس،ومنذ اللحظة الأولى لدخول "داعش" قام النظام السوري بقصف المخيم بالهاون والصاوريخ، وفي اليوم الثالث والرابع والخامس وحتى اليوم، يتم قصف المخيم بالبراميل المتفجرة.
وتدور الاشتبكات داخل مخيم اليرموك بين أكناف بيت المقدس وداعش بالجهة الشمالية الشرقية، واشتباكات بين النظام السوري وجبهة النصرة الموالية لداعش بالمخيم بالجهة الشمالية الغربية من المخيم، واشتباكات بين داعش والنصرة من جهة مع جيش الإسلام وأبابيل حوران وشام الرسول من جهة الجنوب الغربي من المخيم.