-إنتَ واحد أزعر، روح جيب وَليّ أمرك.
هيك حكالي المدير، وقال لي بالحرف:
-ما ترجع على المدرسة حتى تيجي إنتَ وولي أمرك.
بصراحة إنّي أجيب بايدن رئيس أمريكا، أو الملك سلمان ملك السعودية أو حتى أبو مازن رئيس فلسطين على المدرسة؛ أسهل بكثير من إنّي أجيب وليّ أمري، اللّي هو الوالد الله يديمه.
فأنا علشان يرضى المدير، وأبوي ما يعمل مصيبه في الدار، أو يضربني أو يطّلق أمي، اختصرت وبَطّلت أروح على المدرسة.
الصبح أصحى مع طلاب المدارس، آخذ مصروفي وألبس الزي المدرسي، وبعد الظهر أروّح على الدار جوعان وتعبان وزهقان بالضبط مثل طلاب المدارس.
في هذا الوقت تعرفت على شلّة شباب صايعين، وصرنا نقعد في مكان في الجبل بين الشجر دون ما حدا يشوفنا، نلعب شدّه، نوكل بزر، نسب على بعض، نتزانخ، نتحرش في بنات المدارس، نوكل، نشرب، ندخّن، نتفرج على كليبات وسخه، نغني، نرقص، ندبك، ما ظل إشي مع عملناه تقريباً يمكن غير إنّا نسكر أو نحشش.
أبوي الله يعطيه العافية بشتغل في تجارة الخردة، بدون إشي هو عصبي ومش راضي عن الدنيا وقرفان منها، كان رسّام ماهر، كثير عمل رسمات حلوة للناس، بس ما كان يتقاضى مصاري، ولمّا كِبرت همومه ومسؤولياته ترك الرسم، زاد دخانه وعصبيته وحقده وكرهه للدنيا واللّي فيها.
وطبعاً كانت كل عصبيته يصبّها علينا في الدار، أنا وأمي وخواتي، هو ما تعلّم بس كان بدّه أولاده يتعلموا، وكان في الطالعة والنازلة يحكي ويسأل عن الدراسة ومن هذا الحكي، لكن أنا خَيّبت ظنّه، ولو عِرف اني بَطّلت أروح على المدرسة في احتمالين، إمّا انه بنجلط وبموت، أو بصيبه فالج وبقعد في الدار، أو تطلع عصبيته عليّ وكالعادة بتيجي في أمي بيروح مطلقها، أو بكسرلي إيد أو بقلعلي عين.
أنا بحب المدرسة، ونفسي أتعلم وأصير محاسب في شركة أو دكتور في مستشفى أو مهندس أو أي إشي، بس أستاذ الدين كرّهني في الدراسة والمدارس، وبحكي كلام غلط في غلط، وكلامه ما بدخل العقل، مش لأنه الدين غلط لا سمح الله، بس لأنه شقفة وحدة وعقله أفتل، وطبعاً حرّض باقي الأساتذة علَيّ لحد ما صرت علاء الأزعر، وبطّل حدا يناديني علاء، وصرت بالنسبة إلهم الأزعر، أو الأزعر علاء، أو علاء الأزعر.
كل مرّة أستاذ الدين بحكي عن أشياء غلط وما بتدخل راسي أو تعجبني، كنت ادّخَل وأقوله إنّه هذا الحكي غلط، هو يزعل، يسبني، ومرات يطردني من الحصة، ومرات يضربني كف أو في العصاية.
المرة الأخيرة وعلى أثرها المدير قلي جيب ولي أمرك، كان يحكي عن عذاب القبر، والطلاب ارتعبوا وصاروا بدهم يبكوا، أنا قلت له:
_ كلامك مش صحيح يا أستاذ، وأنه القبر ما فيه عذاب.
طبعاً هو اتهمني بالزندقة، رغم إنّي مش عارف شو يعني زندقة، وقال عنّي مش مربى وأزعر وكمان كافر.
قلت له على سمع طلاب الصف:
_ طيب إحكيلي لمّا الطيارة توقع في البحر ويموتوا الركاب وما حدا يلاقي جثثهم ويأكلهم السمك، أو المساكين الّلي بموتوا في التفجيرات في العراق وسوريا واليمن وغيرها، هاي الناس جثثهم تتفتت وما يبقى منها شي، كيف بدهم يتعذبوا في القبر، والهندوس اللّي أهلهم بحرقوا جثثهم كيف بدهم يتعذبوا في القبر، ولاّ عذاب القبر بس للمسلمين وغيرهم لأ.
ما خلاني أكَمّل وكمان ما عرف يُرد عليّ، وصار يصيح، هجم عليّ بدّه يضربي بالعصاية، مسكت العصاية وكسرتها، أجا بدّه يضربني شلّوت هربت فوقع على ظهره، أولاد الصف لقوها فرصة يضحكوا على الأستاذ من قَلبهم، وأنا واحد منهم، نادى المدير وحكى نص اللّي صار، والمدير كالعادة ما سمع النص الثاني، وهيك صفيت أنا أزعر لأني ناقشت الأستاذ وما عرف يقنعني برأيه وكمان ما عرف يرد على كلامي.
وصرت ابن شوارع لأنه المدير طلب أجيب وليّ أمري، وَولي أمري إذا صار جاي على المدرسة بتصير كارثة وطنيّة.