الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أطفال اليرموك وحتمية العمل الإنساني/ بقلم: المفوض العام للأونروا بيير كرينبول

2015-04-14 02:01:37 PM
أطفال اليرموك وحتمية العمل الإنساني/ بقلم: المفوض العام للأونروا بيير كرينبول
صورة ارشيفية

الحدث
إن حياة الأفراد في خضم قصة اليرموك هي الحتمية التي تؤكد إلحاحية العمل الإنساني. لقد صادفت في مهمتي إلى دمشق إثنين من الأفراد (جهاد ومحمد)، وهما طفلين رضيعين صغيرين وضعيفين كانا قد غادرا اليرموك في الأيام القليلة الماضية. واليرموك هو المكان الذي كان قد وصفه الأمين العام في الأسبوع الماضي بأنه أمسي جزءا "من الدرك الأسفل للجحيم". إن حقيقة أنهما لا يزالان على قيد الحياة تجعل منهما طفلي معجزة.
 
ولدى نظري إلى تلك الوجوه الصغيرة البراقة ولمسي لأياديهما النقية، فإن المنطق وراء مهام ولايتنا الإنسانية ومهمتنا بتقديم الحماية لم تكن يوما ما بأقوى مما شعرت بها حينها. وكما هو الحال في النزاع السوري الأوسع، فإن لليرموك وجها إنسانيا؛ ألا وهو وجهي الصغيرين محمد وجهاد. إنني أود أن أعرفكم بهما على أمل أنكم أيضا ستتفهمون السبب الذي يجعلني مقتنعا بشدة بأن ادارة الظهر ليس خيارا وستدركون السبب الذي ينبغي لأجله على المجتمع الدولي أن يتصرف بطريقة منسقة للاستجابة للمآسي العديدة في سورية.
 
فجهاد يعقوب (الصورة المرفقة الأولى) هو أصغر لاجئ فلسطيني يفر من اليرموك، فهو قد ولد يوم 30 آذار. ولم تتخيل والدته فاطمة سعيد بأن إنجابها لطفل إلى هذا العالم يمكن أن يكون صعبا للغاية. "خلال فترة حملي، كنت آمل بأن أشرب الحليب وأن أتناول البيض، إلا أن وضعنا المادي لم يسمح لنا بشراء هذه المواد الغذائية باهظة الثمن"، تقول فاطمة التي كانت تعيش في مجتمع كان الفرد العادي فيه يقتات على 400 سعر حراري في اليوم فقط.
 
أما محمد (الصورة المرفقة الثانية)، فقد ولد في اليرموك في الخامس والعشرين من كانون الثاني من هذا العام 2015. وعندما دخلت قوات داعش إلى المخيم واشتدت حدة التوتر، فرت والدته نادية بحثا عن الأمان. كان كل ما يشغل تفكيرها هو إنقاذ حياة ابنها حديث الولادة. ومع ذلك فهي لم تفقد الأمل بإمكانية التمتع بمستقبل كريم. وهي تأمل بأنه عندما تعود الحياة إلى طبيعتها فإنها ستتمكن من العيش مجددا مع زوجها وابنها في بيت العائلة في اليرموك.
 
إن تلك القصص التي تتحدث عن الشجاعة والكرامة الإنسانية هي دروس لنا جميعا. وعندما سأقوم بعد هذا بتقديم إيجاز لمجلس الأمن مثلما فعلت قبل أيام قليلة ماضية، فإنني سأخبرهم عن جهاد وعن محمد. وسأواصل الضغط على مسألة سبل الوصول الإنساني لأمثالهم من الأطفال الآخرين في داخل اليرموك وللمدنيين الآخرين الذين هم بحاجة للمساعدة أينما كانوا. ولأجل القيام بهذا الشيء، فإن على الأعمال العدائية أن تتوقف. وينبغي أن يتم الضغط على الجهات المسلحة في اليرموك من أجل الوصول لهذه الغاية. ولأبعد من ذلك، فإنه ينبغي أن يتم السماح لأولئك المدنيين الذين يرغبون بالمغادرة مؤقتا بأن يفعلوا ذلك بأمان.
 
إن هذه الأمور ممكنة؛ وهي لا تحتاج إلا إلى الإرادة السياسية لا أكثر ولا أقل. إن اليرموك ينبغي أن يكون المكان الذي تتأسس فيه سياسة الممكن. وإنني أؤمن بإمكانية حدوث هذا. إن التخلي عن هذا الإيمان يعني أن نتخلى عن جهاد وعن محمد وعن آلاف المدنيين ممن هم مثلهم. إن هذا ليس خيارا.