الحدث العربي والدولي- نبهان خريشة
تتعامل إسرائيل مع الحرب الروسية – الاوكرانية بحذربالغ، فالمواقف الرسمية الصادرة عن المسؤولين فيها بشأن الحرب دعت الى وحدة الاراضي الاوكرانية وسيادة أوكرانيا على اراضيها، الا انها في المقابل امتنعت عن ادانة العمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا. هذا الموقف الاسرائيلي عكسته زيارة نفتالي بينيت الى موسكو ، الذي بعد اجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توجه الى ألمانيا للإيحاء بأنه جهوده "غير رسمية" تهدف لإجراء مفاوضات بين الطرفين المتحاربين، ولا تتعارض مع موقف الغرب من روسيا بشكل خاص ومن الحرب في اوكرانيا بشكل عام ..
إسرائيل بين موسكو وكييف
إسرائيل تجد نفسها في موقف محفوف بالمخاطر ، ولهذا تحافظ على علاقات عمل جيده مع كل من موسكو وكييف، ناهيك عن أن كل من روسيا وأوكرانيا تعتبران من المصادرالهامة للهجرة اليهودية اليها، هذا بالإضافة الى ان اكثر من مليون شخص في اسرائيل ناطقين باللغة الروسية .
علاوة على ذلك ، فإن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الضمانات الأمنية الروسية للحفاظ على سلامة عملياتها العسكرية واستمرارها في سوريا ضد حزب الله والمنظمات الأخرى المدعومة من إيران، الا ان تحالف اسرائيل مع الولايات المتحدة يعقد الدورالذي تحاول ان تلعبه كوسيط بين روسيا واوكرانيا..
وبالاضافة لذلك فإن الحرب الروسية-الاوكرانية تمثل فرصة لرئيس الوزراء الاسرائيلي المبتدئ بالشؤون الدولية مقارنة ببنيامين نتنياهو لإظهار قدراته في الحكم، واحتمال تحقيقه لنصر دولي ما قد يعزز من مكانته كزعيم لليمين الاسرائيلي بدلا من نتنياهو.
العامل الروسي في الأمن الإسرائيلي
إن إحجام إسرائيل عن إتخاذ مواقف ضد روسيا في الحرب المشتعله في اوكرانيا، يعود لحسابات تعتبرها القيادة الاسرائيلية حيوية لأمنها، فروسيا – كما اشرنا سابقا- تلعب دور الوسيط لها في سوريا، من خلال منح آلة الحرب الاسرائيلية الفرص لشن هجمات على التنظيمات العسكرية المدعومة من ايران، وعدم اعتراض الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية في الحرب ضد حزب الله، ونقل الاسلحة المتطورة للحزب من إيران عبر الاراضي السورية.
إن إسرائيل غير قادرة على العمل في أجواء الدولة السورية دون موافقة روسيا، التي تسيطر على أجواء هذه الدولة التي مزقتها الحرب الاهلية، ولهذا فإنه من مصلحة تل ابيب الحفاظ على علاقات مميزة مع موسكو، وهذا يفسر تجنب اسرائيل إدانة العمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا، التي لوحدثت لتعرضت ليد بوتين الثقيله ..هذا أولا .
ثانيًا ، إن إسرائيل تنظر لروسيا كلاعب هام في الشرق الأوسط، ليس فقط فيما يتعلق بدورها في سوريا، وانما ايضا للدور الذي تلعبه في المفاوضات النووية مع ايران، هذا الدور الذي أدى الى رفع مستوى علاقاتها مع عدد من دول الخليج، واحتمال ملئها الفراغ الذي قد ينجم عن انسحاب الولايات المتحدة او تقليص وجودها في منطقة الخليج في المستقبل..
بينيت مقابل نتياهو
تركزت الحملة الدعائية لبنيامين نتنياهو خلال الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة على قدرته على الحفاظ على علاقة مميزة مع كل من فلاديميربوتين ودونالد ترامب، وغالبًا ما قدم نفسه على أنه الوحيد الذي يمكنه مواجهة القادة في دول الغرب ، بالتظاهر بأنه مفاوض صعب المراس، مدللا على ذلك بنجاحه في التوصل الى اتفاقات التطبيع مع دول عربية، وكذلك بقرار واشنطن بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بالاضافة الى قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، كلها انتصارات سجلها نتنياهو لنفسه وحولها إلى دعاية انتخابية.
في المقابل، لا يتمتع نفتالي بينيت بنفس المكانة الدولية التي كان يتمتع بها نتنياهو، فهو لا يزال غير معروف في اوساط معظم قادة الدول في العالم، كما أن خبرته في المنتديات الدولية متعددة الأطراف قليله مقارنة بنتنياهو، الذي لديه فهم شامل للنظام السياسي الأمريكي ..
هذه الفروقات بين الرجلين أثارت جدلاً في إسرائيل، إذ اعتبرالمعسكر المعارض لحكومة لابيد – بينيت، بأن نتنياهو كان يمكن أن يكون مفاوضًا أكثر فاعلية في التعامل مع بوتين، وبمواجهة ذلك، فإن معسكر بينيت يحاول تقديمه على انه سيتغلب على ارث نتنياهو، ولكن هذا رهن بنجاح جهوده في الوساطه بين اوكرانيا وروسيا ..
فهل سينجح بينيت في السير تحت حبات مطر المواجهه الروسية الاوكرانية لوقفها دون بلل؟؟