الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ماذا يعني ان يكون طالب اللجوء إلى أوروبا ليس أبيض البشرة؟!| بقلم: نبهان خريشة

2022-03-20 11:27:11 AM
 ماذا يعني ان يكون طالب اللجوء إلى أوروبا ليس أبيض البشرة؟!| بقلم: نبهان خريشة
نبهان خريشة

 

في مقارنه بين مشهدين على شاشات التلفزيون لنفس القضية، مع إختلاف لون البشرات بين بيضاء وملونه، وإختلاف ألوان العيون، يتجلى التعامل "العدائي" الى حد كبير، تجاه طالبي اللجوء إلى دول أوروبية، من السوريين وغيرهم من الشرق أوسطيين والأفارقه، وترحيب نفس الدول "الحار جدا"  باللاجئين الأوكرانيين.

 

في المشهد الاول نرى، حرس حدود اليونان مثلا، يمطرون مئات اللاجئين السوريين وغيرهم، بقنابل الغاز لمنعهم من عبور الحدود اليونانية – التركية، كما شاهدنا المعاملة اللاانسانية لمئات الآلاف منهم، لدى محاولتهم الدخول لسلوفينيا، قادمين من كرواتيا بعد ان أغلقت المجر حدودها أمامهم .. وفي المشهد الثاني، نرى مئات آلاف اللاجئين الاوكرانيين، الذين مزقت الحرب بلادهم، يعبرون الحدود مع بولندا، وغيرها بترحيب وكرم ضيافة بلا حدود، يشمل توزيع الغذاء والمياه والسكريات للاطفال، ناهيك عن تسهيل دخولهم بسرعة قياسية..     

ومن المفارقات العجيبة، أن النقابات ومنظمات مجتمع مدني في في بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا والتشيك، هي الاكثر مقاومة لإستقبال اللاجئين "ملوني البشرة"، بادعاء منافستهم لعمال تلك الدول في سوق العمل، في حين كانت هي الاكثر ترحيبا باللاجئين من ذوي البشرة البيضاء. وفي معاملة تفضيلية عنصرية لافته، تقوم على اساس العرق، اعاقت (واحيانا منعت) سلطات حدود دول أوروبية، دخول اسيويين وافارقة يدرسون أو يعملون في اوكرانيا..    

إقصاء

بحسب بيانات مفوضية الامم المتحدة العليا للاجئين، فإن الدول الأوروبية تستضيف نحو مليون من طالبي اللجوء السوريين، من أصل اكثر من 6 ملايين لاجئ، معظمهم يتركزون في المانيا ( 59%)، و في السويد (11%)، وتستضيف كل من النمسا واليونان وهولندا وفرنسا، بين 2% الى 5% ، ويتوزع نحو 2% منهم على دول اوروبية أخرى.

وكان الاتحاد الاوروبي قد عقد اتفاقا مع تركيا في العام 2016 ، إثر تعرض الاخيرة لضغوطات كبيرة نتيجة لتدفق اللاجئين اليها، نص على دعم تركيا ماليا، للتقليل من تدفق اللاجئين غير الشرعيين، عبر حدودها مع اليونان، وإغلاقها لممرات اللجوء غير القانونية، وفي اطار هذا الاتفاق الذي يهدف لإبطاء الهجرة لاوروبا، وافق الاتحاد الاوروبي على إعادة توطين لاجئين سوريين قادمين عبر تركيا، على أساس " فردي " ووفقا لسياسة "المركز الاوروبي لسياسات الهجرة"، رافق ذلك تردد الاتحاد الاوروبي، بشأن تحمله جزءً من عبء تداعيات اللاجئين الإقتصاديه والإجتماعية، في حين رفضت دول في أوروبا الشرقية، كبولندا وهنغاريا وسلوفيكيا والتشيك (وهي اعضاء في الاتحاد الاووربي)، دخول لاجئين سوريين الى اراضيها، في تجل لموقف عنصري مرحب بالاوروبي الابيض، ورافض للملونين من الافارقة والشرق أوسطيين والآسويويين، وذلك  بالرغم من قرار لمحكمة الاتحاد الاوروبي العليا الصادر في العام 2020، قضى بان دول شرق أوروبا تلك، خرقت قانون الاتحاد، برفضها استقبال طالبي لجوء لتخفيف العبء عن دول اوروبية أخرى.

بولندا كانت قد إستنفرت قواتها على الحدود مع بيليروسا في العام 2021، لمنع نحو 2000 من طالبي اللجوء من الافارقة والشرق اوسطيين، من دخول الاراضي البولنديه، ما ادى لوفاة 15 منهم نحت وطأة البرد القارص، كما شرعت ببناء سور حديدي على حدودها مع بيلورسيا، لمنع دخول اللاجئين، ولكن الموقف يختلف تماما عندما يتعلق الامر باللاجئين من اوكرانيا، الذين استقبلتهم بولندا، مبررة ذلك بسبب الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية بين البولنديين والاوكرانيين.

إسلامافوبيا

المواقف العنصرية بالتمييز بين اللاجئين، ذوي البشرة البيضاء وذوي البشرات الملونه، ظهرت بجلاء في تصريحات عدد من القادة الاوروبيين، وإعلاميين، على شاشات التلفزيون، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصف احد الصحفيين الأوكرانيين "بالمتحضرين" ، للتفرقة بينهم وبين اللاجئين من الاعراق الاخرى، فيما نقلت وكالة أنباء الأسوشييتد برس عن رئيس وزراء بلغاريا "كيريل بيتكوف" قوله، "إنه من الصعب مشاهدة بلاء الأوكرانيين، لأنهم مثلنا " اذكياء ومتعلمين، وهم ليسوا كاللاجئين الذين اعتدنا على رؤيتهم من الذين نحن غير متأكدين من هوياتهم، ومن تاريخهم الغير واضح .. من الممكن ان يكونوا ارهابيين" !! 

تصريحات رئيس الوزراء الهنغاري "فيكتور اوربان"، في إطار حملته لاعادة إنتخابه، كانت الأكثر جلاء بعنصريتها، إذ قال "إن بلاده تسمح للاجئين الاوركرانيين بدخول اراضيها، الا أنها لن تسمح بذلك للاجئين غير المسيحيين، لأن هذا يهدد الثقافة الهنغارية ، ولا نريد لهنغاريا ان يكون بلدا من اللاجئين". وفي ذروة ازمة اللاجئين في العام 2015 ،وصف الرئيس التشيكي "ميلوس زيمان" ظاهرة تدفق اللاجئين من سوريا والعراق الى اوروبا "بالغزو المنظم"، في الوقت الذي نشهد فيه اليوم، فتح جمهورية التشيك معابرها الحدودية لعشرات ألاف اللاجئين الاوكرانيين .

"كرم الضيافة" الاوروبي للاجئين الاوكرانيين (المرحب به طبعا)، تجلى بتصويت الاتحاد الأوروبي على قرار بمنحهم وضع "حماية مؤقت"، يسمح لهم بالعيش والعمل في دول الاتحاد، ومنحهم حقوق الرعاية الصحيه والخدمات الاجتماعية الاخرى، التي يتمتع بها مواطنوها، الا أن العديد من اللاجئين الشرق اوسطيين والافارقه في دول الاتحاد الاوروبي، لا يزالون عالقيين في طي النسيان، ربما باستثناء المانيا والسويد، اللتان توفران الحماية المحدودة لهم، لكن دون حصولهم على عمل او تعليم أو خدمات إجتماعية أخرى فيهما.            

وعلى ضوء ما سمي بالحرب العالمية على الارهاب، في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، في نيويورك بالولايات المتحدة، ظهر المصطلح اللغوي "إسلامافوبيا"، الذي يربط بين الارهاب والاسلام، وأصبح هذا المصطلح ومدلولاته، شائعا في الخطاب السياسي بشأن اللاجئين من الشرق الأوسط  بالتحديد، وشُحِذت به المشاعر المعادية للمهاجرين، من قبل قادة اليمين المتطرف في أوروبا، الذين لعبوا دورا رئيسيا في هذا النهج الإقصائي للهجرة.