الحدث المحلي
تزامناً مع ارتفاع معدلات الطلاق في صفوف المتزوجين في قطاع غزة، أطلقت وزارة العدل في القطاع قراراً يقضي بحصول المقبلين على الزواج للمرة الأولى من الشباب والفتيات على رخصة زواج آمن إلزامية، وتقع هذه الرخصة ضمن إجراءات عقد الزواج كباقي الإجراءات، مثل الفحص الطبي والإجراءات الإدارية والقانونية، ومن دونها لا يمكن إتمام عقد الزواج.
ويهدف مشروع الزواج الآمن إلى تأهيل وتهيئة الشباب والفتيات لمرحلة ما قبل الزواج وبعده، ونشر التوعية الشاملة بحقوق وواجبات كلا الطرفين، بالإضافة إلى نشر مفاهيم الثقافة الأسرية الصحيحة في ضوء تعاليم وأحكام الشريعة والقانون، وتهيئة الجو الأسري السليم لتنشئة الأبناء نشأة صالحة وزيادة الترابط الأسري.
وتشرف على رخصة الزواج الآمن ست هيئات حكومية في القطاع، بينها وزارات الصحة، والعدل، والاقتصاد، والشؤون الدينية، والتنمية الاجتماعية، ومجلس القضاء الشرعي، ولجنة تعزيز السلوك، وتتلخص الرخصة في تأهيل المقبلين على الزواج من جوانب نفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وشرعية.
ووفق مختصين نفسيين واجتماعيين في غزة، فإن أغلب حالات الطلاق من أسبابها تصاعد معدلات الفقر والبطالة، وانعدام فرص العمل وسوء الأوضاع الاقتصادية، لكن المختصين يعتقدون أن الانفصال بين الأزواج تنتج عنه كوارث إضافية، إذ إن وقوع حالة الطلاق ترتب عليه دفع تكاليف مالية كبيرة، ومن غير المنطقي أن يتخذ هذه الخطوة رجل يعيش على خط الفقر.
وحسب رئيس المجلس الأعلى للقضاء في غزة حسن الجوجو، فإن حالات الطلاق في القطاع ارتفعت بنسبة ملحوظة، إذ سجلت المحاكم الشرعية 4913 واقعة انفصال بين الأزواج بزيادة نحو ألف حالة طلاق عن عام 2020. وتعود معدلات ارتفاع حالات الطلاق في غزة، إلى جهل الزوجين بالحقوق والواجبات الزوجية، وعدم إدراك الأزواج دور كل منهما وأهمية تكوين الأسرة وقواعدها الأساسية.
في سياق ذلك قالت مديرة دائرة المرأة في وزارة التنمية الاجتماعية اعتدال قنيطة، إن مشروع الزواج الآمن يعتبر خطوة اجتماعية ممتازة وتطبيقها يحد بشكل كبير من حالات العنف الأسرى المتزايد، بالإضافة إلى تخفيف حالات الطلاق التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في قطاع غزة وتعمل على تفكك الروابط الأسرية.
وأوضحت قنيطة لـ«القدس العربي» أن المشروع يقوم على تقديم خدمة تأهيل للشباب والفتيات المقبلين على الزواج، لإعداد أسرة متماسكة وقوية تكون عصية على الانكسار أمام أي عوائق تفرضها ظروف الحياة، من أجل تقليل نسبة الطلاق في غزة وتقارب وجهات النظر بين الأزواج.
وأشارت إلى أنه سيجرى تأهيل نحو ما يقارب من 2500 شاب وفتاة شهرياً، وهذا العدد نفسه الذي تسجله دائرة القضاء الشرعي، وبعد إجراء ذلك من المؤكد ستتم متابعة مؤشرات حالات الطلاق، في حين إن المنهج المتبع للحصول على الرخصة، هو عبارة عن محاضرات لها علاقة بمعرفة الحقوق الشرعية المكفولة وفق القانون، وبمفاهيم العنف والإدارة الاقتصادية داخل البيت، ومفهوم التكيف مع بيئات جديدة مختلفة بالإضافة إلى الصحة الجنسية.
وأضافت أن الوزارة تحرص على تهيئة المقبلين على الزواج قبل مرحلة اختيار الشريك أو الشريكة، كي يحظوا بمعرفة أسرية كاملة عن الزواج، للحد من بعض التصرفات السلبية التي ترافق الحياة المشتركة الجديدة، وبالتالي تقليل حجم المشكلات خاصةً المتعلقة منها بالجانب الجنسي والنفسي.
وبالرغم من أن المبادرة التي أطلقها القضاء في غزة لاقت إقبالا واسعا، وقد تكون إيجابية وممتازة بشكل أكبر من كونها سلبية، إلا أنها واجهت اعتراضا من قبل البعض من المواطنين الذين يعتبرون فيها حرجاً اجتماعياً، وأنها لا تمنع حدوث أي مشكلات بين الأزواج وصولاً إلى الطلاق.
المواطن طالب أبو حمدة لم يعول كثيراً على مشروع قرار الزواج الآمن الذي يفرضه القضاء في غزة، كون أن الظروف الاقتصادية والمعيشية هي من تحدد طبيعة الحياة الأسرية بالنسبة لأي زوجين، فانتشار الفقر والبطالة وعدم مقدرة الزوج على تلبية متطلبات عائلته، يفاقم من معدلات التفكك والمشكلات الأسرية، كما أن هذه المشكلة دفعت مؤخراً إلى تكرار حالات القتل بهذا السبب.
وقال لـ«القدس العربي»: من الأفضل توفير فرص عمل للشباب المقبلين على الزواج كحل لتكوين أسرة مترابطة ومتماسكة، فما الفائدة من أن يخوض الأزواج دورة التأهيل وتقارب وجهات النظر بينهما، وعند الزواج لا يجدون أي دخل مادي يلبي احتياجاتهم من مأكل ومشرب وملبس، بالتأكيد سيخلق مثل هذا الوضع مشاكل أسرية.
ودعا كافة الشباب المقبلين على الزواج إلى تمكين ظروفهم الاقتصادية قبل التفكير بالزواج حتى لا يواجهوا مشاكل أسرية لا تحمد عواقبها، فغالبية كبيرة ممن اضطروا إلى الطلاق هم في داخل السجون بسبب عدم مقدرتهم على دفع الحقوق الشرعية للزوجة.