الحدث الإسرائيلي
فيما يلي ننشر مقتطفات مترجمة من تحليل نشرته صحيفة هآرتس للمحلل السياسي ألوف بين حول قمة النقب ما بين إسرائيل ومصر والإمارات.
يقول ألوف بين، إن "قمة سديه بوكر" التي سيستضيفها وزير الخارجية يائير لابيد الأحد، مثلها مثل اجتماع شرم الشيخ الأسبوع الماضي لرئيس الوزراء نفتالي بينيت ونظيريه المصري والإماراتي، تحقق رؤية المبادرين لعملية السلام، قبل30 عاما. فهكذا تصور شمعون بيريز "الشرق الأوسط الجديد": شراكات مفتوحة بين إسرائيل ودول المنطقة على أساس المصالح المشتركة، ومنفصلة عن وضع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي أو الحل الشامل للصراع. حتى قبل بيريز، في كانون الثاني (يناير) 1992، أطلقت إسرائيل مفاوضات متعددة الأطراف لتعزيز الأمن الإقليمي والمشاريع الاقتصادية، إلى جانب المحادثات الثنائية مع الفلسطينيين ومع سوريا.
لكن هذه المحادثات، كما يقول الكاتب تحطمت على صخور الواقع الثنائي الصعب. فعلى الصعيد الأمني، أرادت إسرائيل التحدث عن مناورات عسكرية مشتركة، وأصرت مصر على البدء بتفكيك البرنامج النووي الإسرائيلي. أما القمم الاقتصادية التي أطلقها بيريز، فقد ألغيت بعد اغتيال اسحق رابين وصعود بنيامين نتنياهو إلى السلطة. وتطلب أي تعبير عن التطبيع من الجانب العربي جهودًا دبلوماسية مكثفة، وبالطبع لم يتخيل أحد عشرات الرحلات الجوية الأسبوعية من إسرائيل إلى دبي وأبو ظبي والمغرب، ولا التدريبات الجوية المشتركة والزيارات رفيعة المستوى من كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين إلى العرب.
ويضيف الكاتب إن قمة الأحد تنتمي إلى هذه الفئة من الأحداث غير المسبوقة. ويوضح مستوى المشاركين أن "أهميتها تكمن في وجودها ذاته" وأنه لن يتم اتخاذ قرارات عملية هناك. لكن لا ينبغي استبعاد رمزية الموقع. هل سيزور وزراء الخارجية العرب قبر دافيد بن غوريون كما اقترح لبيد؟
أما بالنسبة للفلسطينيين ، فإن بن غوريون ليس "الرجل العجوز" المحبوب و "أبو الأمة" كما يُرى في إسرائيل، بل هو المتسبب الرئيسي للنكبة عام 1948، الرجل الذي دبر عملية طرد اللاجئين من إسرائيل، ومصادرة أراضيهم، وإخضاع من بقوا فيها. زيارة قبره ستكون بمثابة رمز لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، من دون الفلسطينيين، مثلما حدث وأن تم تجاهلهم في اتفاقيات إبراهيم.في تلك الاتفاقيات، يقول الكاتب، تم تغيير الديناميكية الإقليمية وتم التخلص من العلاقات المظلمة التي كانت تجري سرا والتي استمرت في التطور.
بالطبع، تعبر حقيقة القمة ذاتها عن مخاوف المشاركين فيها من تعزيز وضع إيران نتيجة للمفاوضات الجارية حول الاتفاق النووي، والذي قد يعني أن أي تقارب ما بين إيران والغرب فإنما هو على حساب حلفاء أمريكا القدامى في المنطقة - إسرائيل والدول العربية. وبهذا المعنى، فإن المرشد الديني الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، والرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، هم رعاة مؤتمر سديه بوكير أكثر من المنظمين والمشاركين فيه. ومن الواضح أيضًا أن بلينكين جاء ليطمئن.
ويختتم الكاتب مقاله التحليلي بالقول، إنه وبعد انتهاء التصفيق وإغلاق الكاميرات، سبقى إسرائيل مع نفس المشاكل الوجودية في علاقاتها مع الفلسطينيين. لا ينبغي لقادتها أن يخدعوا أنفسهم في التفكير في أن هذا الصراع سيحل نفسه أو يختفي تحت طبقات المكياج الموضوعة في الصور الرسمية. فما حدث الأسبوع الماضي في بئر السبع هو مهم وغير بعيد عن القمة، كما أن التحذيرات الموسمية من التوتر خلال شهر رمضان تذكرنا بأن الشرق الأوسط القديم لا يزال قائما وأنه لم يختف، حتى لو لم تتم دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقمة.