الحدث المحلي
للسنة الرابعة عشرة على التوالي؛ أطلق الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان تقريره السنوي حول تطورات واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين للعام 2021، الذي يرصد بين ثناياه المتغيرات على واقع النزاهة ومكافحة الفساد والتحديات التي تواجه نزاهة الحكم، محددا أبرز أشكال الفساد المُمارس، وواقع ملاحقة وتجريم الفاسدين خلال العام، فضلا عن تتبع التقرير لتطورات الحوكمة في إدارة المال العام وبشكل خاص شفافية إعداد وإقرار وتنفيذ الموازنة العامة، وواضعا تحت الضوء بعض القضايا أو المؤسسات أو حالات الفساد ذات الاهتمام العام.
ويهدف التقرير المعنون بشعار ""تراجع نزاهة الحكم أسهم في تآكل ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة ومسؤوليها"" إلى رفع توصيات محددة دون تدخلات سياسية أو حزبية لصناّع القرار الفلسطيني والأطراف ذات العلاقة، من أجل مساعدتهم في تبني إجراءات وتدابير لتعزيز النظام الوطني للنزاهة وتحصين مناعته ضد الفساد، مشددا على ضرورة قيام القائمين على الحكم باتخاذ قراراتهم لمصلحة المواطنين أو المنفعة العامة من أجل إعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، الأمر الذي سيساهم في تحمله أعباء المرحلة.
الحسيني: استمرار الانقسام وغياب المجلس التشريعي عطلا المساءلة الرسمية وأثرا على نزاهة الحكم في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة
استهل السيد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان كلمته بتشخيص للبيئة العامة السائدة، مبتدئا بالتحدي الأكبر الذي يعصف بالفلسطينيين جراء الاحتلال الاسرائيلي، وسياسة التمييز العرقي (الأبهارتايد)، والتطهير العرقي في القدس بشكل خاص، بالإضافة إلى استمرار حصار قطاع غزة. كما تطرق الحسيني إلى تحد آخر على صعيد الحياة الديمقراطية والحريات المدنية، والمتمثل في تأجيل إجراء الانتخابات التشريعية، قبل بدء الحملة الانتخابية، أي بعد أن تمّ التحضير لها بكافة مراحلها دون مبررات مقنعة، ما زاد من الاحتقان الشعبي، ومنع فرص مساءلة الحكومة عن أعمالها، إضافة إلى منع حركة حماس إجراء الانتخابات المحلية نهاية العام 2021 دون وجود مبررات لمنع المواطنين من اختيار ممثليهم في مجالس الهيئات المحلية.
وبالرغم من ازدياد فاعلية المساءلة المجتمعية للهيئات المحلية؛ لم يتمتع عام 2021 بقسط كبير من المساءلة، فغياب المجلس التشريعي أضعف إلى حدٍّ كبير من مساءلة الحكومة وكبار المسؤولين، كما أضعف من دور ديوان الرقابة المالية والإدارية، وأبقى الحكومة دون مساءلة. كما بين عام 2021 بشكل أوضح استمرار احتكار مكتب الرئيس لسلطة تعيين مسؤولي المؤسسات العامة بدون آليات لمساءلتهم دورياً.
وعرّج الحسيني في كلمته أيضا إلى الشرخ الذي أصاب منظومة حقوق الإنسان والحريات العامة، الذي تمثل بمقتل الناشط نزار بنات على أيدي عناصر من القوى الأمنية الفلسطينية، وقمع الاحتجاجات على مقتله واعتقال الناشطين والاعتداء على الإعلاميات والإعلاميين.
28% من المواطنين يرون أن مكافحة الفساد ضرورة ملحة للتصدي لها وتسبق في ترتيبها معوّق الاحتلال!
حذر الحسيني أيضا مما أشار له استطلاع رأي المواطنين حول واقع الفساد ومكافحته في فلسطين، الذي تم إجراؤه في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2021، مشيرا إلى تشاؤم الرأي العام الفلسطيني إزاء أهم التحديات التي من الضروري التصدي لها، إذ جاء موضوع مكافحة الفساد على رأس الأولويات بنسبة 28%، يليها سياسات الاحتلال، والأزمة الاقتصادية بنسبة 23% لكل منهما، ثم استمرار الانقسام بنسبة 13%.
الحسيني: استكمال إجراء الانتخابات العامة سيعيد التوازن للنظام السياسي الفلسطيني مجنباً الوقوع في براثن الفساد السياسي
وأشار رئيس مجلس ادارة ائتلاف أمان إلى توصيات هامة أشبه بإرساء دعائم النظام الفلسطيني قبل الانغماس وسرد نتائج التقرير، كان أهمها تحديد موعد جديد للانتخابات العامة "التشريعية والرئاسية" في آجال قريبة، تتيح المجال لمشاركة واسعة للمواطنين فيها، واعتماد سياسة منفتحة إزاء المجتمع المدني تتضمن اعتماد المبادئ الأساسية لاحترام العمل الأهلي والتكامل والشراكة معه كسياسة رسمية، وضرورة تبنّي الحكومة والتزامها بخطة للترشيد والتقشف للإنفاق العام، تأخذ بعين الاعتبار التوزيع العادل للموارد المحددة والأعباء، وإعطاء الأولوية لقطاع الصحة وللبرامج الداعمة للفقراء والفئات المهمشة والمعوزة، وأخيرا إعمال مبادئ الشفافية في ممارسة الحكم، واحترام حقّ المواطنين في الاطّلاع على المعلومات العامة والمشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشأن والمال العام.
اللجنة الوطنية للإصلاح الإداري لم تنشر خطتها أو نتائج واضحة ومحددة لأعمالها
استعرض جهاد حرب، الباحث الرئيسي في ائتلاف أمان أبرز الاستخلاصات للعام 2021 مبتدئاً بمستوى السياسات الحكومية، وإصدار الرئيس محمود عباس بتاريخ 18/10/2021 قراراً يقضي بتشكيل لجنة وطنية للإصلاح الإداري برئاسة المستشار القانوني لرئيس الدولة لدراسة القوانين والأنظمة والهيكليات التي يستند إليها البناء المؤسسي في الدولة، وكلّ ما يتعلق بالوظيفة العمومية لجهة إصلاحها وتطويرها، وترشيق هيكلياتها وترشيد نفقاتها وتحسين أدائها، وضبط العلاقة الوظيفية والبنيوية ما بينها وبين المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلّا أنّ اللجنة لم تنشر خطة أو نتائج واضحة ومحددة لأعمالها.
ضعف الاستعدادات الرسمية والوطنية لإدارة المخاطر الناجمة عن الكوارث
كما أظهر التقرير التحديات التي رافقت استمرار حالة الطوارئ من ضعف الاستعدادات الرسمية والوطنية لإدارة المخاطر الناجمة عن الكوارث بسبب عدم تطوير إطار قانوني ينظّم حالة التعامل مع المخاطر وإدارتها، وعدم وجود خطة وطنيّة تشاركية لتفعيل المركز الوطني للكوارث، حيث أدّت هشاشة قاعدة البيانات المتوفرة والمعدّة مسبقاً من قبل الحكومة إلى بطء وعدم شفافية مبادرات المعنيين في تفعيل دور مؤسسات الدولة، ما أدّى إلى الارتباك أو الفشل أحياناً كما حصل في توزيع المساعدات على المتضررين من العمال، وشجّع من ظاهرتي التحايل والواسطة.
رفع التقرير في ثناياه ضرورة إقرار نظام دائم وشامل لإدارة ومواجهة الكوارث في فلسطين يضمن استجابته لكلّ مراحل إدارة الكوارث ومعالجتها، وتحديد دور ومسؤوليات كلِّ جهة ومسؤولياتها ومتابعة تنفيذها، خاصة فيما يتعلق بجمع وتوزيع المساعدات.
ملف مكافحة الفساد ليس منوطا بهيئة مكافحة الفساد وحدها.. والتكامل مطلوب لتعزيز أدوار المؤسسات الحكومية الأخرى
استمرّت الحكومة في عدم اعتماد الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد؛ كمرجعية ملزمة للخطط داخل الوزارات والمؤسسات العامة، ما أبقى هذه الاستراتيجية ملفاً خاصاً تديره هيئة مكافحة الفساد، كما استمر تعثّر تنفيذ الخطط الوطنية عبر القطاعية لأسباب تنظيمية ومالية بسبب افتقار الحكومة لآليات العمل التكاملي لتنفيذ الخطط الوطنية عبر القطاعية.
وعليه، أوصى التقرير أن على الحكومة اعتماد الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لمكافحة الفساد كإحدى الاستراتيجيات عبر القطاعية، سعياً لبناء منظومة نزاهة ومكافحة فساد منيعة ووقائية، ووقف اعتبار ملفّ مكافحة الفساد ملفاً منوطاً فقط بهيئة مكافحة الفساد، لضمان التكامل في الأدوار.
استمرار هيمنة مكتب الرئيس على المؤسسات العامة.. وبالأخص الرقابية
رصد التقرير أيضا استمرار إصدار تشريعات لا تستهدف بالضرورة المصلحة العامة، حيث استمرت الرئاسة الفلسطينية في العام 2021 بإصدار قرارات بقوانين، مثل القرار بقانون رقم (39) لسنة 2021 بتعديل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة 2004 وتعديلاته والقضاء الشرعي، اتضح أنّها لم تكن تخدم المصلحة العامة، وإنما تعزيزا لهيمنة مكتب الرئيس على المؤسسات العامة؛ خاصة الرقابية.
استمرار التدخلات السياسية والأمنية في التعيينات العليا
ما زالت العديد من التعيينات العليا (بما فيها الترقيات والنقل) يتم ترشيحها من قبل المقرّبين المتنفذين وبدعمٍ مؤسسات أمنية تحت مبرر السلامة لاعتبارات شخصية أو حزبية (للموالين للنظام وأبنائهم)، شمل ذلك تعيينات في السلك الدبلوماسي ومؤسسات أمنية، والقضاء الشرعي، وذلك على حساب الجدارة والكفاءة ودون التقيّد بمبادئ تكافؤ الفرص للمواطنين ودون الالتزام بإجراءات الشفافية، ما أتاح لسلطة الحكم تسخير مؤسسات الدولة لخدمة القائمين على النظام الحاكم ولتحصين النظام الحالي بتدعيمه بالموالين ووضعهم بالمناصب العليا وليس بالضرورة وفقاً للمصلحة العامة.
الحساب والعقاب لمن يخرجون عن الولاء للنظام أو لتصفية حسابات
بالتوازي عما شهده عام 2021 من استمرار التعيينات في الوظائف العليا والخاصة دون احترام مبدأ تكافؤ الفرص وغالباً دون نشر إعلانات التوظيف وإجراء المسابقات، ودون رقابة من جهة رسمية لضمان نزاهة وشفافية إجراءات التوظيف في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة، برز أيضا اتخاذ قرارات لمحاسبة ومعاقبة من يخرجون عن الولاء للنظام أو لتصفية الحسابات من قبل بعض الوزراء بإبعاد غير الموالين لهم بإحالتهم للتقاعد المبكر أو إقالتهم من مناصبهم أو نقلهم لمواقع هامشية.
تكرار التوصية بشأن إنشاء (لجنة جودة الحكم) للرقابة على التعيينات العليا ونزاهة الوظائف العامة
أوصى التقرير بضرورة وقف التعيينات العامة (المدنية والأمنية) لفترة محدودة في القطاع العام، وضرورة التأكيد على الالتزام بإجراءات المنافسة على الشواغر الوظيفية، على أن يتم إنشاء (لجنة جودة الحكم) للرقابة على التعيينات العليا ونزاهة الوظائف العامة، وتمتّع المرشحين بمتطلبات الوصف الوظيفي لشغل المواقع قبل التعيين، وكذلك الرقابة على مدى الالتزام بمدد بقائهم في وظائفهم وفقاً للقانون، وبشكل خاص للسفراء والمحافظين وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء المؤسسات العامة الوزارية وغير الوزارية، إضافة إلى تبنّي سياسة حازمة وملزمة لمنع تسييس الوظيفة العامة، وتفعيل دور أجهزة الرقابة لمساءلة أيّ مسؤول يستخدم الوظيفة العامة لأغراض سياسية فئوية أو لتصفية حسابات شخصية.
لجان التحقيق المُشَكّلة من قبل الحكومة زادت من تآكل ثقة المواطن بالحكومة
ما زالت لجان التحقيق الرسمية التي بادرت الحكومة أو الرئيس إلى تشكيلها لا تستند إلى إطار قانوني واضح يحدد جهات إنشائها، وكيفية تشكيلها وطريقة عملها ومدى إلزامية المثول أمامها وآلية التعامل مع توصياتها باحترام والتزام، ما زاد من تآكل ثقة المواطنين بلجان التحقيق التي تشكلها الحكومة لفحص واقع الانتهاكات التي يمارسها بعض المسؤولين أو العاملين معهم في مؤسسات الدولة وأدواتها، مثل لجنة التحقيق في مقتل نزار بنات، أو صفقة تبادل لقاح فايزر مع الجانب الاسرائيلي.
الحكومة تُرَحّل الأزمات المالية للأجيال القادمة وتعالج العجز المتراكم بالدين!
كشف التقرير أن الموازنة العامة ما زالت تخضع لسياسة عدم الشفافية والمشاركة في إعدادها ومتابعة تنفيذها، ومحدودية التزام وزارة المالية بخطة إصلاح إدارة المال العام وبشكل خاص في مجال شفافية فاتورة الرواتب، وعدالة وأهمية وقف صافي الإقراض ومعالجة النزيف المالي الناتج عن فشل نظام التأمين الصحي، كما رصد التقرير أثر سياسة وزارة المالية بتأخير دفع التزاماتها المالية للموردين للخدمات على مستوى جودة الخدمات والسلع المتفق عليها في العقود، مثل تأمين وسائل النظافة في المستشفيات ومستوى نجاعة ترميم البنية التحتية، إضافة إلى استمرار الحكومة بتبني سياسة زيادة الجباية وترحيل الأزمة بالاعتماد على تراكم المتأخرات والديون لمعالجة الأزمة المالية الناجمة عن وجود عجز متراكم.
الإعلام العمومي لا يعكس التنوع في المجتمع الفلسطيني وبحاجة إلى تشريع ينظم عمله
رصد تقرير عام 2021 استمرار الإعلام العمومي -المموّل من المواطنين- بالتعبير عن رأي السلطة التنفيذية فقط، دون أن يعكس واقع التنوع في المجتمع الفلسطيني، حيث يحجب مواقف الأطراف المعارضة أو غير الداعمة للحكم. وعليه، أوصى التقرير بإعادة النظر في بنية مؤسسات الإعلام العمومي وخطابه بما يعبّر عن تطلّعات وهموم مختلف الشرائح الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني كافة وآرائه السياسية، وبإصدار تشريع ينظّم ذلك.
تراجع استقلالية الجهاز القضائي في الرقابة على المسؤولين وقراراتهم
كشف التقرير تراجع استقلالية الجهاز القضائي في الرقابة على المسؤولين وقراراتهم بعد تعديل قانون السلطة القضائية، حيث أكد التقرير على توصيات الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته، وأهمها مراجعة القرارات بقوانين الصادرة نهاية عام 2020 لناحية ضمان استقلالية وحيادية الجهاز القضائي وبشكل خاص هيئات القضاء المسؤولة عن الرقابة الإدارية على أعمال السلطات العامة، وضمان نزاهة التعيينات والترقيات فيه، وضرورة الفصل بين رئاسة مجلس القضاء الأعلى كمنصبٍ إداري، ورئيس المحكمة العليا كمنصب قضائي، وإتاحة المشاركة المجتمعية في عضوية مجلس القضاء الأعلى، وتعزيز منظومة النزاهة في عمل المجلس وتشكيل لجانه ووحداته، وإلغاء التشريعات التي صدرت بشأن القضاء.
ضرورة وضع ضوابط على التعيينات والترقيات في قوى الأمن لمنع التضخم في عدد ضباط الأجهزة الأمنية
كشف التقرير عن ترفيع تلقائي في الأجهزة الأمنية، ما راكم مناصبَ ورتباً عليا للهيكل التنظيمي لعددٍ كبير من المؤسسات، وعليه رفع التقرير ضرورة إصدار اللوائح التنفيذية التي يتضمنها قانون الخدمة في قوى الأمن من أجل تطبيق الضوابط والشروط التي تتعلق بالتعيينات والترقيات الخاصة بقطاع الأمن، والتي تحول دون تضخّم عدد الضبّاط في الأجهزة الأمنية مقارنة بعدد الجنود، وتحدّ من زيادة نسبة الإنفاق على قطاع الأمن مقارنة بالقطاعات الاجتماعية الأخرى.
استغلال المؤسسة الدينية لخدمة مصالح خاصة في الضفة والقطاع
رصد التقرير أيضا قيام بعض المسؤولين الذين يشغلون مواقع رسمية في مؤسسات دينية في الدولة في الضفة والقطاع بالعمل على توظيف المؤسسات الدينية لصالح دعم النظام السياسي.
فشل الحكومة في حماية أراضي الدولة من التعديات
كشف التقرير عن استمرار التعديات على أراضي الدولة من متنفّذين وبطرق غير مشروعة، في ظل تدخل متنفذين لإعاقة عمل لجان معالجة التعديات على أراضي الدولة دون قيام سلطات إنفاذ القانون بواجب حمايتها من جهة، وعدم تنفيذ قرارات المحاكم التي نجحت سلطة الأراضي في استصدارها. أما في قطاع غزة، فقد رصد التقرير تخصيص أو تأجير أو تبديل مساحات من أراضي الدولة خاصة لصالح أفراد وشركات استثمارية دون أيّة معايير واضحة لكيفية اختيارهم، ودون اتّباع الإجراءات القانونية اللازمة في هذا المجال.
وعليه، أوصى التقرير بشكل واضح وحازم بإزالة التعدّيات على أراضي الدولة وفقاً للقانون، وتنفيذ القرارات الصادرة بحقّ المخالفين وضمان محاسبتهم على التعدّيات.
إعمال مبادئ الشفافية في ممارسة الحكم وإتاحة الفرصة للمواطنين للمشاركة في القرارات العامة
اشار التقرير إلى استمرار الحكومة في اتباع سياسة الانغلاق وتجاهل أهمية الشفافية والمشاركة في أعمال القطاع العام، حيث ما زال مجلس الوزراء يقوم بنشر عناوين القرارات الصادرة عنه فقط دون نشر القرارات بشكل كامل، فضلاً عن استمرار غموض نقاش مشاريع القوانين في جلسات مجلس الوزراء. وعليه، أوصى التقرير بأهمية نشر كافّة القرارات الحكومية المتعلقة بالشأن العام، وبشكل كامل على الموقع الرسمي لمجلس الوزراء وإتاحتها للجمهور، والوصول بيسر وسهولة ووقت قصير، والتاحة المجال لمشاركة المواطنين وممثليهم في نقاش مشاريع القوانين والتشريعات الاخرى.
مشروع قانون حقّ الوصول إلى المعلومات.. لم يزل حبيس أدراج الحكومة
شهد عام 2021 استمراراً لغياب مشروع قانون حق الوصول إلى المعلومات لما يفوق 18 عاماً. كرر التقرير توصيته أن على الحكومة أن تبادر لتحديد سياستها وتعليماتها بشأن تصنيف الملفّات الإدارية باعتبارها معلوماتٍ وملفاتٍ عامة، وتحديد ما هو سرّيٌّ منها، وما يجب نشره على مواقعها الإلكترونية، الأمر الذي لا يمكن تطبيقه بمعزل عن اعتماد قانون الحقّ في الحصول على المعلومات الذي يتضمن واجبات المسؤولين والموظّفين العامّين في تقديم المعلومات العامّة للمواطنين، وإقرار قانون الأرشيف الوطني كخطوة استباقية ضرورية لإقرار قانون الحقّ في الحصول على المعلومات والالتزام بتنفيذه.
غموض إدارة ملف الغاز الفلسطيني
كشف التقرير عن غموض سياسة الحكومة في إدارة ملفّ الغاز غامضة وعدم شفافة، حيث ما زالت الحكومة تمتنع عن الإفصاح ونشر وثائق العضوية في منتدى غاز شرق المتوسط، أو أيّة معلومات حول الحقوق الفلسطينية في غاز المتوسط، والالتزامات المترتّبة لاحقاً على الفلسطينيين من توقيع تلك الاتفاقيّات، ما دفع ائتلاف أمان لرفع توصية نشر الوثائق الخاصة بملف إدارة قطاع الغاز بما فيها الوثائق الخاصة بمنتدى غاز شرق المتوسط، والإفصاح عن قرارات الحكومة فيما يتعلق بإنشاء شركة الغاز الفلسطينية. كذلك الأمر ينطبق على ضرورة نشر المؤسسات العامة والوزرات والمؤسسات الأهلية والشركات التي تدير أو تقدم خدمة عامة كالكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها.
عدم الكشف عن إجراءات استرجاع المبالغ التي حصل عليها الوزراء السابقين إلى الخزينة العامة
أوصى التقرير جملة من التوصيات الخاصة بالتزام وزارة المالية بنشر الوثائق المالية الثماني التي تعتبر الحد الأدنى ضمن المعايير الدولية اللازمة لتحقيق شفافية الموازنة العامة، كذلك إعلان البيانات الكاملة والتفصيلية المتعلقة بالدين العام، بما فيها المتأخرات وديون صندوق هيئة التقاعد وديون البنوك والموظفين العامين، ومعالجة الفجوات والقنوات المؤدية إلى التسرّب المالي لوقف النزيف المالي القائم في العلاقة الاقتصادية والمالية مع الجانب الإسرائيلي، وتبنّي نظام ضريبي فلسطيني تصاعدي يسهم في تحقيق العدالة الضريبية والاجتماعية للمواطنين. كذلك نشر الحكومة للإجراءات المتعلقة بتحصيل المبالغ التي حصل عليها الوزراء، جراء رفع رواتبهم.
الحاجة إلى رقابة فعّالة على الشركات التي تقدم خدمات عامة حيوية للمواطنين
كشف التقرير أن الرقابة الرسمية على أعمال الشركات؛ خاصة الشركات المساهمة العامة التي تدير مرفقاً عاماً، غير فعّالة كفاية؛ مثل استمرار ظاهرة شكاوى المواطنين في مجال عمل شركات الاتصالات والكهرباء وبشكل عام حول مستوى الأسعار والخدمة المقدّمة. وفي هذا الصدد، رفع التقرير توصية بضرورة الالتزام بإنشاء الهيئة الفلسطينية لتنظيم قطاع الاتصالات تنفيذاً للقرار بقانون رقم (37) لسنة 2021، ولقيام رقابة فعّالة على الشركات التي تقدم خدمة الاتصالات للمواطنين.
تجريم أفعال الفساد في القطاع الخاص وضرورة التزام اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال بنشر التقارير السنوية
أظهر التقرير استمرار عدم إخضاع شركات القطاع الخاص لأحكام قانون مكافحة الفساد، ما يتطلب تجريم أفعال الفساد في الشركات المساهمة العامة والشركات التي تدير مرافق عامة. كما رصد التقرير عدم وضوح جهود مكافحة جريمة غسل الأموال في فلسطين، وذلك بسبب عدم نشر اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال أيّة تقارير أو معطيات أو إحصائيات ذات دلالة، حول حجم تفشي هذه الجريمة والأموال المتحصّلة منها، إذ أوصى التقرير التزام اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال بنشر التقارير السنوية للمواطنين حول أعمالها.
سرية المعلومات لا تنفي الشفافية المطلوبة فيما يخص قضية تبييض تمور المستوطنات
أوصى التقرير بضرورة النشر في قضايا أصبحت رأيا عاما، مثل جريمة المتاجرة بتمور المستوطنات، لكي لا تصبح قضية تبييض تمور المستوطنات تصفية حسابات أو ابتزازات وتسويات مالية إنما معالجة القضية وفقا لأحكام القانون ودون تدخّل لوسطاء المتنفذين.
إقرار القوانين الناظمة يحد من فرص شبهات الفساد الممكنة
ائتلاف أمان يطالب بإصدار رزمة من القوانين لمنع إتاحة فرصٍ لممارسة بعض أشكال الفساد، موصيا بالاسراع في إصدار قانون منح الامتياز وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، وإصدار قانون خاص لتنظيم عمل صندوق الاستثمار الفلسطيني، وضرورة إقرار قانون الهيئة العامة للبترول، إضافة إلى إقرار قانون بشأن المحافظين، يحدد شروط تعيينهم وفق أسس من الكفاءة والخبرة، ويوضح مهامهم وحدود صلاحياتهم وآليات مساءلتهم، كذلك منح هيئة مكافحة الفساد الصلاحية التقديرية والحقّ في تقديم الحماية لكلّ من يثبت أنّه أبلغ عن شبهات فساد وفق الأصول وتعرّض لتهديد أو عمل انتقاميّ جرّاء هذا الإبلاغ.
السلطة القائمة في قطاع غزة لم تنشر أيا من الوثائق الثمانية لتحقيق الحد الأدنى من شفافية الموازنة العامة
أظهر التقرير السلطة الحاكمة في قطاع غزة ما زالت لا تلتزم بشفافية الموازنة وإدارة المال العام، إذ لم يتم نشر أيا من الوثائق الثمانية ضمن المعايير الدولية اللازمة لتحقيق الحد الأدنى من شفافية الموازنة العامة. كما رصد عام 2021 أن ما تم نشره على موقع وزارة المالية حول المشتريات والعقود العامة للعطاءات أو اللوازم العامة في غزة غيرُ كافٍ، حيث طالب التقرير السلطة القائمة في قطاع غزة بالكشف عن البيانات المالية المتعلقة بإدارة المال العام في القطاع.
أهمية نشر البيانات المقدمة من لجان الزكاة عبر البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية لتجنب أية تجاوزات
ورصد التقرير إشكالية في تعدد مصادر جمع أموال الزكاة وغياب التنسيق بينها، ومحدودية الشفافية في توزيعها، وضعف مستوى الضمانات الكفيلة بتحقيق عدالة التوزيع سواء المساعدات العينية أو الطارئة، بالإضافة لمحدودية فعالية الرقابة والمساءلة عليها، بما يؤدي إلى المساس بحقوق المواطنين وإهدار فرص العدالة والانصاف فيما بينهم. وعليه، أوصى التقرير إلى مركزة توثيق ونشر البيانات المتعلقة بالمساعدات الاجتماعية، بما فيها تلك المقدّمة من قبل لجان الزكاة لمساندة المحتاجين لها، عبر البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية، ولتجنب أيّة تجاوزات قد تنشأ في هذا المجال من قبل بعض الجهات.
ضرورة استكمال إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة
على صعيد الهيئات المحلية، استمرت حركة حماس بسياسة عدم إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، ما أضعف من شرعية أعضاء المجالس المعيّنة، ومسّ بحق المواطنين في مساءلتهم، وأهدر فرص الحصول على منح ومساعدات دولية لتطوير البنية التحتية. وعليه طالب التقرير السلطة القائمة في قطاع غزة السماح بإجراء الانتخابات في الهيئات المحلية ليتمكّن المواطنون من اختيار ممثليهم في هذه المجالس المحلية.
استكمال اجراء انتخابات عامة: الخطوة الأولى لردم الهوة واستعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ومسؤوليها
إنّ الاستمرار في إصدار بعض التشريعات والقرارات التي تستهدف خدمة أفراد ولا تراعي المصلحة العامة تنذر بالتحول إلى نظام شمولي، أو تدحرج الوضع الحالي للعنف أو تهديد السلم الأهلي أو تفكك النظام السياسي، ما يدعو إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا فوق أيّة اعتبارات أخرى سواء كانت فئوية أو شخصية، واعتماد خطة عمل وطنية لاستعادة الوحدة وبشكل أساسي بين مؤسسات الضفة والقطاع، والعمل لإعادة بناء الثقة بين المواطنين ونظامهم السياسي تضمن ممارسة الحريات العامة المنصوص عليها في القانون الأساسي، واتّباع إجراءات وتدابير وسياسات للقيام بعملية إصلاح سياسي جوهري شامل تبدأ باستكمال إجراء الانتخابات، لما يساهم في استنهاض القوى الكامنة لدى القطاعات الواسعة من شعبنا خاصة في حال تبني وتطوير آليات وأدوات ووسائل مكافحة الفساد.