فهم "بوتين"، وحتى قبل تسلمه السلطة، وجماعته، انهم بحاجة ماسة إلى تكتل "روسي-آسيوي" مواز لتعاملاتهم السياسية مع الغرب، لذا قرر الرجل، منذ بداية عهده، التوجه نحو الشرق، فقام في عام 2001 بإحياء "معاهدة الأمن المشترك" بين روسيا، والصين، وكازاخستان، وقيرقيزيا، وتادجكستان، وأوزبكستان سميت بـ "منظمة شنغهاي" Shanghai Cooperation Organisation (SCO)، التي تدعو إلى تخفيض الوجود العسكري المتبادل على الحدود المشتركة بين تلك الدول، إضافة إلى زيادة التعاون، في مجال محاربة المنظمات الإرهابية، وتجارة المخدرات. ونجح التحالف الجديد حتى أن الهند وباكستان قدمتا طلبآ في العام 2015 للانضمام إلى التكتل الأمني "البوتيني- الأسيوي".
وفي العام 2009، اتفقت (البرازيل وروسيا والهند والصين) على إنشاء تكتل اقتصادي يخدم مصالح حوالي 40% من سكان المعمورة، سمي بمنظمة "بريك" وهي الأحرف الأولى من اللغة الإنجليزية للدول المشتركة BRIC (Brazil, Russia, India, China.) ثم انضمت جنوب أفريقيا ليصبح الاسم الجديد هو بريكس ( BRICS).
وكان للحلف الاقتصادي هذا، دورآ كبير لا يستهان به في التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية التي ستفرض لاحقا على روسيا بعد "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا (2004-2005).
وفي العام 2015، وصل حجم التبادل التجاري، بين روسيا والصين، إلى أكثر من 80 مليار دولار.
واستدار "بوتين" نحو دول جنوب شرق آسيا، مشيرا إلى استعداد روسيا بناء المفاعلات النووية للأغراض السلمية تلبية لاحتياجات دول منظمة (ASEAN) "الآسيان" “The Association of Southeast Asian Nations” التي تضم 10 دول جنوب شرق آسيوية، وهي (أندونيسيا، وماليزيا، وتايلاند، والفلبين، وفيتنام، وبروناي، ولاوس، وكمبوديا، ومينمار وسنغافورة).
وتعمل "روسيا البوتينية" اليوم أيضا، على بناء"سوق حرة" Eurasian Customs Union ،EACU يجمع بين دول (روسيا وروسيا البيضاء وكازخستان وكيرجيستان وتادجكستان (ودول مجموعة اتحاد (آسيان ASEAN ).
وكان لا بد "لبوتين" من دخول ملعب الشرق الأوسط، بعد أن ساد الاعتقاد، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، أن دور روسيا في تلك المنطقة سيبقى ثانويا، خصوصا في منطقة الخليج العربي، وقرر الرجل دخول الملعب الشرق أوسطي ليس عن طريق الدول العربية، بل عن طريق دولة أخرى. وكانت إيران الدولة الشرق أوسطية والمعزولة دوليا، والتي لم يكن لديها أية تقاطعات مشتركة مع الولايات المتحدة سوى العداء المتبادل، هي البلد الأمثل للثعلب الروسي، الذي استطاع في العام 2016، إنهاء عزلتها الدولية بعد أن وافق الملالي على اقتراحاته بأن تكون إيران دولة "نووية"، ولكن دون سلاح نووي.
ولم يكن يخطر في بال أحد أن عيون الرجل كانت تتجه نحو الغرب وإن كان شعاره في ذلك الوقت هو:- إلى الشرق....دُر!