عملية ديزينكوف في تل ابيب، التي نفذها رعد حازم مساء الخميس 7 نيسان 2022 ، لم تقتصر نتائجها على ايقاع قتلى وجرحى في صفوف الاسرائيليين فقط، وانما من ارتدادتها ايضا تعقيد المشهد السياسي الاسرائيلي، المعقد اصلا، فبنيامين نتنياهو بدأ بحشد قوى معسكره لإسقاط حكومة نفتالي بينيت تحت شعار، "التدهور الامني الناجم عن فشل الحكومة بالتعامل مع موجة العمليات الفلسطينية "، إذ قال في مظاهرة لأنصاره من نشطاء احزاب اليمين جرت في القدس، في اعقاب عملية "بني براك" في اواخر آذار" لقد جئنا هنا لنقول لهذه الحكومة الضعيفة، ارحلوا أنتم تضرون بالهوية اليهودية والقومية لإسرائيل، وبمعيشة شعبها... إن أيامكم في الحكم باتت معدودة".
وجاءت استقالة عضوة الكنيست من الائتلاف الحاكم "إيديت سيلمان"، والتي تعد حجر سينمار في بناء حكومة نفتالي بينيت، لتضع الحكومة الحالية في وضع حرج، وتضعها في مهب الريح، فبإستقالتها، أو بالاحرى بإنشقاقها، فقدت هذه الحكومة الاغلبية البسيطة التي كانت تتمتع بها، واصبح لديها 60 نائبا مقابل 60 نائبا للمعارضه، وهي الآن معرضه للسقوط في المدى المنظور تحت ضربات المعارضه، وعندما تهوي قد يتوجه الاسرائيليون للانتخابات للمرة الخامسه في غضون ثلاث سنوات، فيما لو جرى حل الكنيست.
وإذا كان سقوط حكومة بينيت-لابيد حتميا، فان صعود نتنياهو للحكم مجددا ليس كذلك (رغم أنه احتمال وارد)، فهناك عدة احتمالات لما سيكون عليه شكل المشهد السياسي الاسرائيلي في المستقبل القريب :
الإحتمال الاول، سقوط أحجار الدومينو، وذلك إذا ما إنشق عضو آخر من الائتلاف الحكومي، ما سيساعد المعارضة بزعامة نتنياهو على تمرير مشروع قانون لحل الكنيست، والاتجاه بإسرائيل الى انتخابات جديدة هي الخامسة في غضون ثلاث سنوات، وفي هذه الحاله، فإن وزير الخارجية يئير لبيد سيصبح رئيسا للوزراء، لحين تشكيل حكومة جديدة، وفقا لإتفاق الائتلاف الحكومي الحالي، الذي أبرم بين لابيد وبينيت .
وفي هذه الحاله سيكون الوضع أكثر مناسبة للمنشقه "إيديت سيلمان"، لتشكيل تحالف جديد ، في حال إنشقاق عضو آخر من حزب يمينا الذي يترأسه نفتالي بينيت، وعندها ستتحالف "سيلمان" مع المنشق السابق عن الحزب "أميخاي تشكلي"، لتشكيل حزب جديد يخوض الانتخابات المقبله، ما سيجعل من حزب نفتالي بينيت فقاعه ستزول، وقد يختفي هو شخصيا عن المشهد السياسي في اسرائيل.
الإحتمال الثاني، أن يقرر رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس، الانضمام للمعارضه قبل حل الكنيست، وهذا الاحتمال وارد ،لأن غانتس ليس سعيدا في الحكومة الحاليه، التي يشغل منصب وزير الدفاع فيها، بسبب تبوأ نفتالي بينيت منصب رئيس وزرائها، رغم حصوله على خمسة مقاعد في الانتخابات الاخيرة، بينما حصل حزب غانتس على ثمانية مقاعد.
غانتس قد يلجأ لهذا الخيار، لتجنب حل الكنيست، لإعتراض طريق يائير لابيد للوصول الى منصب رئيس الوزراء المؤقت، كما تنص اتفاقية الائتلاف الحكومي الحالي، فغانتس لن ينسى خروج يئير لبيد عن حزبه ازرق ابيض، وتشكيله حزب "يوجد مستقبل" إحتجاجا على انضمام غانتس لآخر حكومة شكلها نتنياهو في العام 2020 ، والتي سرعان ما انفرطت . ولتبرير انضمامه لحكومة برئاسة نتنياهو من جديد، فإن غانتس سيقول إنه بانضمامه لهذه الحكومة، سيمنع انتخابات جديدة ، كما سيمنع حالة من عدم استقرار سياسي في اسرائيل .
أما الاحتمال الثالث، فهو ان تتمكن حكومة بينيت الحالية من البقاء "منتوفة الريش" دون القدرة على تمرير تشريعات لتجنبها التقدم بها، وستسقط عندما تكون مضطره للتقدم للكنيست لإقرار قانون الميزانية جديدة في مطلع العام 2023 .
وهذا الاحتمال هو الافضل لنفتالي بينيت للبقاء في الحكم !!