ما إن حل منتصف عام 1991 حتى بدأت علامات انهيار الاتحاد السوفيتي تظهر وبشكل فاضح للعيان، وذلك بعد أن أفرغت سياسات الرئيس "ميخائيل غورباتشوف" الإصلاحية جميع رفوف الأسواق من البضائع الغذائية وغير الغذائية. وتتالت بعدها الخطط "الجهنمية"، المعدة في دوائر الاستخبارات الغربية، التي تمثلت "بالهبوط الحاد في أسعار النفط والغاز العالميين"، ليُسرع ذلك من وتيرة الأزمة الاقتصادية، وانهيار الاقتصاد، وبالتالي، الدولة السوفيتية برمتها.
وظهرت عصابات المافيا، التي قامت بالاستيلاء على ممتلكات الدولة في كل الجمهوريات السوفيتية. وانتشرت الجريمة المنظمة، ونما الفلتان الأمني. وفقد الناس ثقتهم بالأحزاب والشخصيات المؤيدة للحكومة والمعارضة لها. وأصبح الاقتصاد السوفيتي ينتقل، بسرعة، من مؤسسات الدولة إلى أيدي اليهود السوفييت"أولا.
وبدأت حركات الانفصال المسلحة، في جمهوريات الشيشان، وداغستان، تأخذ طابعا دمويا! وبدأ الخوف، عند الروس، بأن تصل العدوى إلى روسيا نفسها، بعد أن رصد جهاز المخابرات خطة تقضي بتفتيت روســيا نفسها إلى عشر جمهوريات روسية.
ويقول "ليونيد زامياتين" السفير السوفياتي، الذي عمل في بريطانيا، الذي حضر لقاء "غورباتشوف" ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر"، إن رئيس بلاده تناول فجأة من حقيبته الخاصة خريطة للمملكة المتحدة، وفيها تظهر مواقع وإحداثيات توجيه الصواريخ النووية السوفيتية نحو المدن البريطانية، معربا عن أمله في نزع السلاح النووي وسط دهشة السيدة "تاتشر". حتى أنه وفي أحد اللقاءات، قال "غورباتشوف" للرئيس "بوش":- إنه يود أن يكون اعتماد الاقتصاد السوفيتي منذ الآن وبرمته، على الرئيس الأميركي!؟
وتم توقيع العديد من المعاهدات لنزع السلاح النووي، ووقف سباق التسلح بين البلدين، وكلها كانت تجري لصالح "حلف الناتو" دونما أدنى شك ثم كشف غورباتشوف "مجانا" عن السلاح السري السوفيتي الخطير، والمسمى بـ"العربات القاتلة"، أو"المشرط، إذ أن السوفييت كانوا قد صمموا ووضعوا الصواريخ الباليستية المحمل كل رأس منها "بعشرة رؤوس نووية" داخل عربات قطارات تسير في أرجاء البلاد الواسعة، بخفة وسرعة متناهية مع استحالة تتبع مواقعها علما أن الأميركان كانوا قد خصصوا "150 مليار دولار" لمكافحة هذا السلاح الرهيب.
وازداد غضب مارشالات الجيش الأحمر، عندما وافق "غورباتشوف" على تدمير الصواريخ السوفيتية المتوسطة والمتطورة جدا، والمسماة (A.K) التي لا يمكن اعتراضها من الفضاء، ثم وافق "غورباتشوف" على تخفيض السلاح النووي الاستراتيجي السوفييتي ضعفين ونصف الضعف عما سيخفضه الأميركان.
ورضي الرجل أيضا بتخفيض عدد الرؤوس النووية السوفيتية بنسبة 3:1 لصالح الأميركان طبعآ. ووافق "غوربي"، دون أي مقابل، على تعديل حمل 1500 قاذفة سوفيتية، التي كانت الواحدة منها، تحمل 12 رأسا نوويا، ليصبح حمل الواحدة منها "بعد التعديل"، رأسا نوويا واحدا فقط.
وجاءت الطامة الكبرى عام 1990، عندما أعلن وزير الخارجية السوفياتي "إدوارد شيفارنادزه"، بأمر من جورباتشوف، التنازل، دون مقابل" لأميركا! عن 53 ألف كم مربع (مساحة لبنان 10450 كم مربع) من المياه الحدودية الغنية بالثروة السمكية النادرة، إضافة إلى ما اكتشف، بعد ذلك، من احتوائها على 16% من مخزون النفط العالمي.
وهذا ما كان يراه "فلاديمير بوتين" أمام عينيه