تقول النكتة، إن أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي (معدل عمر العضو 75 عاما)، وبعد انتخاب "غورباتشوف" (54 عاما) رئيسا له، قام جميع الأعضاء العجزة من مقاعدهم، وأمسكوا بخدود "غورباتشوف" الحمراء صارخين:-
ما أجمل هذا الولد! ما أجمل هذا الولد!
ولم يكن "غورباتشوف" ولدا.. أبدا أبدا، فقد كان الرجل يعرف تماما ماذا يريد وماذا يُراد منه!
ففي العام 1990، تم منحه جائزة نوبل للسلام، لدوره الرائد في "بناء السلام الدولي"، علما بأنه كان قد أصدر أوامره، قبل أشهر قليلة، من تسلمه الجائزة، بغزو جمهورية جورجيا السوفيتية، وجمهوريات البلطيق الثلاث، مما أسفر، في حينه، عن قَتلَ العشرات من المدنيين العزل هناك، ولم يفرض الغرب على موسكو أية عقوبات اقتصادية أو سياسية أو رياضية! لا بل اُعطيَ الرجل (جائزة السلام العالمية)، ومعها مليون ومائتا ألف من الدولارات!.
وانهالت على الرجل الهدايا والتقديرات من المؤسسات العالمية تمنحه وتهبه الألقاب والجوائز وفلوسا بالملايين، ومع أن القيمة المالية للجوائز كان يجب أن تعود للدولة، إلا أن الرجل احتفظ بها في خزينته الخاصة عملا بالمثل الذي يقول (خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود)، حتى أن سيادته اعترف دون خجل أو رمشة عين، بأنه تسلم شخصيا في شهر نيسان 1994، شيكا "باسمه الشخصي!، بمبلغ مائة ألف دولار أمريكي من رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، مبررا ذلك بأن المبلغ كان مخصصا لإحدى جمعيات الأطفال السوفييت! وعند سؤاله عن سبب عدم تصريحه بتسليم المبلغ للسلطات آنذاك؟ أجاب بأنه قد "نسي ذلك"!
ومع ذلك، جعلوا من الرجل، "رجل العام"، و"رجل العالم"، و"السياسي الأول"، و"رجل السلام"، وغيرها من عشرات الألقاب التي بدأت تنهال على الرجل وزوجته "الأكثر أناقة" في العالم، وصاحبة "أجمل ابتسامة"، و"أجمل تسريحة"، و"أجمل قامة" وغيرها من عشرات الألقاب والصفات التي كانت تلقى على غيره من الملوك، والرؤساء، وغيرها من زوجات الأباطرة، والممثلات.
ومن الغريب، أن الرجل، وفي أول عهده، وعند أولى زياراته لجمهوريات البلطيق السوفيتية، أمر سائقه بالتوقف فجأة أمام الجمهور، لينزل إلى الشارع، ويخاطبهم، قائلا:-
إنني أعدكم وعدا صادقا أنه، وفي غضون السنوات الخمس القادمة، بأنكم سوف تحصلون على حريتكم الكاملة!
ولم يكن هناك أي شخص في جمهوريات الاتحاد السوفيتي الخمس عشر كلها قادرا على تصديق كلمة واحدة مما قاله "غورباتشوف"!
ولكن، وفي الطرف الآخر من الكرة الأرضية، كانت رئيسة وزراء بريطانيا،"مارجريت تاتشر"، تسمع وتصدق وتؤمن بكل ما يُصرح به "غورباتشوف"، لا بل كانت تبشر نظراءها وحلفاءها في أمريكا، وحلف الناتو "بصدق" كلام الرجل ووعوده.
وبدأت الصحافة الغربية تردد "أن بإمكان الغرب الآن التحدث، وبثقة تامة، مع زعيم موسكو"!
وما إن أطلت بداية العام 1990، حتى أعلنت جمهوريات البلطيق الثلاث استقلالها عن الاتحاد السوفيتي.
وفي ربيع العام التالي، أعلنت "جورجيا" استقلالها أيضا عن الدولة السوفيتية.
وتأكد للغرب أن "غوربي"، "بارٌ" بوعوده!
وبدأت شركة "ماكدونالدز" تفكر في جعل "رئيس الكرملين" يسوق لمطاعمها في العالم كله. تلك الإعلانات التي أدخلت الملايين إلى جيوب الرجل، وجعلت الملايين من الشعب الروسي تفكر في كيفية استعادة كرامتهم وهيبة "سيد الكرملين".
وكان فلاديمير بوتين، واحدا من هؤلاء الملايين!