السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

روسيا ما قبل بوتين (6)| بقلم: د. سامر العاصي

وزير الخارجية.. عميل!

2022-04-27 09:17:29 AM
روسيا ما قبل بوتين (6)| بقلم: د. سامر العاصي
د. سامر العاصي

أحاط "بوريس يلتسين"، الرئيس الأول لروسيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، نفسه بمجموعة من الرجال، ممن اتهموا بارتباطاتهم بأجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية، دون أي اهتمام من سيادته لتقارير الأجهزة الأمنية الروسية وملاحظاتها. وفي مذكراته (أنا والرئيس)، التي كتبها الجنرال "كروجاكوف" قائد الحرس السابق لـ"يلتسين"، اعترف "كروجاكوف" بأن تعيينات الموظفين، في الكرملين!، كانت تتم دون تعبئة الاستمارات الخاصة لسيرة الموظفين، ودون أي مسح أمني!

وعليه، استعان "يلتسين"، بمجموعة من الرجال السياسيين والدبلوماسيين المشتبه بارتباطاتهم بدوائر المخابرات الغربية، وكان على رأسهم وزير خارجيته "أندريه كوزيرف "، اليهودي الروسي الذي ولد وترعرع في عاصمة حلف الناتو "بروكسل"، أثناء انتداب والديه للعمل مع وزارة التجارة الخارجية السوفيتية في بلجيكا. ومن الجدير ذكره هنا أيضا، أن "كوزيرف" كان قد شارك، وبحماسة منقطعة النظير، في ترتيب أوراق معاهدة "بيلافي جوفسكايا" التي أنهت الدولة السوفيتية. وهو نفسه الذي سافر إلى بغداد، في محاولة من القيادات الوطنية للجيش الروسي لإنقاذ العراق، إلا أن الوزير قضى ساعاته في لعب التنس، لينهي الرجل زيارته بلقاء قصير "جدا" مع الرئيس صدام حسين، معللا ذلك بضرورة عودته إلى موسكو!. 

ويذكر أن الغرب أطلق على "كوزيرف" لقب السيد "دا"  (Da)، وتعني بالروسية (نعم)، وذلك نكاية بوزير خارجية الاتحاد السوفيتي السابق "أندريه غروميكو"، الذي كان الغرب يسميه "مستر نو"  (Mr. NO) ( السيد "لا")، لكثرة معاكساته للسياسة الأميركية.

يذكر أن الرئيس الأميركي السابق "ريتشارد نيكسون"  سأل الوزير "كوزيرف" ذات مرة عن أولوية السياسة الخارجية الروسية، وجاء جواب "وزير خارجية روسيا"،  بأن السياسة السوفيتية السابقة، كانت تولي جُل اهتماماتها للمصالح الوطنية! أما الآن، فإن السياسة الروسية الجديدة، تَضع المصالح "الإنسانية" على رأس اهتماماتها! مكملا حديثه بأنه إذا  كان  فخامة الرئيس "نيكسون" يرى بأن هناك أولوية أُخرى يجب أن تكون للسياسة الخارجية الروسية، فهو يرحب بسماع ملاحظاته لأخذها بعين الاعتبار، وسيكون له من الشاكرين!!. 

وكانت تلك، هي المرة الأولى، في تاريخ روسيا كله، التي يضع فيها مسؤول روسي بلاده في الموقع "الأصغر". 

ومن الطريف ذكره أيضا، أن معالي الوزير السابق تقاضى مرة مبلغ 300$ مقابل (40 ثانية فقط) كتصريح صحفي لإحدى محطات التلفزيون الروسي.

وبعد أن ترك "كوزيرف" منصبه الوزاري عام 1996، انتقل فورا، مع زوجته الثالثة، إلى فلوريدا، وانضم هناك للعمل في المجلس الأعلى للكونغرس اليهودي العالمي، قبل أن يصبح رئيسا  لمجلس إدارة إحدى شركات الأدوية في أميركا. 

ويعتبر" كوزيرف" الآن من المناؤين الأشداء لحكم الرئيس "بوتين"، خصوصا بعد أن نشر معاليه، في 15 سبتمبر 2015، مقالته الشهيرة في جريدة النيويورك تايمز، التي دعا فيها، صراحة، إلى الإطاحة بحكم العميل "فلاديمير بوتين" دون أن يذكر إلى حساب من يعمل "فلاديمير بوتين".

والحقيقة، أنه وفي تلك السنين، كان "بوتين" وجماعته، يفكرون في الطريقة التي يمكن الخلاص من مثل هؤلاء الوزراء.. (العملاء).