سُميَ عهد الرئيس "بوريس يلتسين"، بعصر "الانهيار الأخلاقي"، الذي لا يريد الروس تَذكُرهِ، وخصوصا تلك اللقطات "لرئيسهم"، الذي ظهر، مرارا وعلانية، في حالات من السكر الشديد!، حتى أن نكتة سرت في البلاد تقول، إن "يلتسين" خرج لتهنئة المرأة الروسية يوم 8 آذار، "بعيد المرأة العالمي" وهو يقول:-
إلى الش...الش..الشعب الروسي، أح..أح.. أحر الت..الت..التهاني بيوم ثما.. ثما… ثماني آذار...و خصو...صا إلى المرأة الروسية!.
وجاء أول رصد "علني" لزلات الرئيس، عند أول زيارة له لكندا عام 1991، وذلك بعد أن تقدم رئيس حرس الشرف الكندي إلى المنصة لتحية الضيف، والسير أمامه ليستعرض"سيادته" حرس الشرف. ومع ذلك، بقي سيادته واقفا دون أي حراك. ثم حرك ضابط الشرف رأسه إلى اليمين، إيماءةً منه للضيف الكبير بالنزول من على المنصة!، ثم أعاد الضابط حركة رأسه مرة أخرى، ومع ذلك ظل الضيف منتصبا ومبتسما دون أي حراك يذكر! وأعادت الفرقة الموسيقية تكرار عزف النشيد الوطني الروسي مرة أخرى! ورغم تكرار الإشارات، إلا أن الضيف "السكران"، ظل منتصبا ومبتسما !
ولم يعد الضابط يفهم شيئا من حركات رأس الضيف، حتى صعد مسؤول البروتوكول الكندي لينقذ الموقف! عندها فقط، تحرك الرئيس، ونزل من مكانه ليتبع خطوات قائد الحرس! بعد أن سار الضابط المسكين أمام الرئيس (السكران)، وهو يتلصص النظر من خلفه، في مشهد كوميدي لم ولن يتكرر مع أي من رؤساء أو ملوك أو أمراء العالم كله.
وفي العام 1994، وبعد أن انتهى الرئيس هذه المرة من استعراض حرس الشرف الألماني.. .بنجاح! سار الرجل، وهو ممسك بيد صديقه المستشار الألماني هلموت كول، وفجأة! وعند مرورهما أمام الفرقة الموسيقية للجيش الألماني، ترك "يلتسين" يد صديقه، وقام بسحب العصا من يد "مايسترو" الفرقة الموسيقية، وبدأ يلوح بالعصا الموسيقية يمينا ويسارا، وإلى أعلى وإلى أسفل!، بحركات دائرية!، وحلزونية!، أو مع عقارب الساعة، أو بعكسها!.
وظلت عيون جميع أعضاء الفرقة المساكين، تلاحق العصا، وهي تتراقص في الهواء. وازداد الطين بلة، عندما بدأ الرئيس "السكران" يغني بأعلى صوته الجهوري الأغنية الروسية الشهيرة "كالينكا مالينكا" في مشهد كوميدي وسط استحياء وغضب الروس في جميع أنحاء العالم.
وتكرر الموقف، بعد سنوات في مطار العاصمة الأوزبكية "طشقند"، وعلى منصة الشرف أيضا، عندما أمسك مرافق الرئيس به أثناء استعراضه حرس الشرف، قبل أن يسقط أرضا "وهو في حالة من السكر الشديد".
وفي واشنطن، شاهد العالم أجمع الرئيس "بيل كلينتون"، وهو يضع يده اليمنى متكئا على كتفي "يلتسين" مغشيا عليه من الضحك، بعد أن وصف "يلتسين" الصحفيين، في نهاية مؤتمره الصحفي في البيت الأبيض، "بالوحوش"!
وللمصادفة، وبعد عشرين عاما، حاول رئيس الولايات المتحدة "باراك أوباما"، أثناء زيارته لكوبا، أن يضع يده اليسرى فوق الكتف الأيمن لرئيسها "راؤول كاسترو"، إلا أن "كاسترو" قام بحركة فيها الكثير من الكبرياء والإيماءات برفع يد الرئيس الأميركي، قبل أن تصل كتفه.
وفي العام 1994، جاءت الفضيحة المدوية "ليلتسين" مرة أخرى، في آيرلندا الجنوبية، حين كان سيادته في طريق عودته إلى موسكو، من الولايات المتحدة. وكان من المفروض أن تتوقف الطائرة الرئاسية الروسية، لبضع ساعات في مطار العاصمة الآيرلندية، يلتقي خلالها "يلتسين" برئيس الوزراء الآيرلندي"ألبرت رينولدس" في المطار. وبعد أن هبطت طائرة الرئاسة وفتحت أبوابها، بدأ المرافقون بالخروج من الطائرة، قبل نزول الرئيس منها، وذلك خلافا لكل البروتوكولات والتقاليد!! ثم بدأ الموظفون مرة أخرى بالصعود!
ولم يخرج "يلتسين" من طائرته! فقد تبين أن الفودكا، أفقدت الرجل وعيه، وطرحته نائما في سرير الطائرة! وظل رئيس الوزراء الآيرلندي المسكين واقفا أمام سلم الطائرة، منتظرا الضيف السكران! وبعد ساعة كاملة، تم إغلاق باب الطائرة لتكمل رحلتها إلى موسكو دون أن يلتقي الزعيمان (السكران وغير السكران). ولم يستيقظ الرئيس إلا في موسكو، معللا ذلك بأنه كان قد تعب من الرحلة، وغطّ في سبات عميق!
وما زال العالم يذكر كيف رقص "يلتسين" رقصة "التويست" مع إحدى الفرق الموسيقية الغربية أثناء حملته الانتخابية عام 1996 والتي، قد تكون هي السبب في ضآلة نسبة تصويت الفتيات الروسيات الجميلات له!
وشاهد الفرنسيون أيضا، ضيفهم الكبير، المسيو "يلتسين"، وهو يترنح في أحد شوارع باريس، وقد أبعد مرافقيه عنه بكلتا يديه، مكملا سيره في الشارع بحركة حلزونية، بعد أن احتسى كأسين أو زجاجة فودكا!
وفي العام 1998 كاد الرجل، أن يقع من أعلى سلم الطائرة هو وزوجته، عند زيارته "لسانت بطرسبرغ" للمشاركة في حفل إعادة دفن القيصر "نيكولاي الثاني".
وفي العام 1999، ظهر "يلتسين"، في الكرملين، وعلى يمينه بطريرك الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية، وكان سيادته يتكلم بصوت جهوري، كالسكران ودون وضوح. وصار من الصعب جدا عدم ملاحظة ضيق الروس من تصرفات رئيسهم وصوره المخزية، وهي تعرض وتنشر في الصحف، وعلى شاشات التلفزة المحلية والعالمية.
وظهر جليا للعيان، أنه، وحتى "الخنوع" الكامل لأميركا، فإن ذلك لم ولن يغير من نظرة الغرب نحو روسيا كشريك ذي "ندية"، بل أن المطلوب هو أن تبقى روسيا مصدرا رخيصا لما تحويه من خامات طبيعية هائلة، دون أن يكون لديها جيش يدافع عنها.
وهذا ما فهمه "فلاديمير بوتين" ورجاله الوطنيين.