الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شيرين أبو عاقلة: معركة الرواية| بقلم: نبهان خريشة

2022-05-13 07:07:57 PM
شيرين أبو عاقلة: معركة الرواية| بقلم: نبهان خريشة
نبهان خريشة

 

عدة عوامل جعلت من استشهاد شيرين أبو عاقلة قضية رأي عام دولي: الأول، أن شيرين صحفية ليس لها موقف سياسي حزبي تستند إليه، بمعنى أنه ليس لديها أجندة سياسية أيا كانت.. والثاني، أن جنين التي سقطت شيرين على أرضها، هي منطقة تتسلط عليها أضواء الإعلام العالمية والإقليمية المختلفة، بسبب الهجمات الاسرائيلية المتكررة عليها، بذريعة أنها معقل "للمسلحين" الفلسطينيين، ولأن معظم من شنوا الهجمات الاخيرة في إسرائيل ينحدرون منها.. والعامل الثالث، هو انغلاق أفق الحل السياسي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.. أما العامل الرابع، فهو أن قناة الجزيرة التي تعمل ابو عاقلة مراسلة لها، هي وسيلة إعلام ذات إمكانيات مالية ومهنية كبيرة، كما أنها تحظى بمشاهدة عربية ودولية واسعة.. 

وزارة الخارجية الإسرائيلية سارعت بعد ساعات على استشهاد شيرين، لنشر فيديو على حسابها على تويتر، يشير إلى أن رصاص المقاتلين الفلسطينيين الذي أطلق عشوائيا أصاب شيرين، إلا أن هذه الرواية لم تصمد طويلا، بعد تحقيق صحفي بثته الجزيرة، وتحقيقات أخرى لمنظمات حقوقية، من بينها فيديو نشرته منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، وأظهرت تلك التحقيقات، أن موقع الاشتباك الذي زعمت الخارجية الإسرائيلية، بوقوع تبادل إطلاق النار فيه مع المقاتلين الفلسطينيين، يبعد قرابة الـ 260 مترا عن مكان استشهاد شيرين،  فضلا عن كونه يقع في أماكن سكنية ليست مفتوحة، لا تسمح بإصابة مباشرة لشيرين، وإصابة الصحفي علي السمودي المرافق لها بظهره.

ورغم السقوط المدوي لرواية وزارة الخارجية في مقطع الفيديو ذلك، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت أعاد بثه عملا بمقولة "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدق الناس كذبتك"، مدعياً أن رصاص المقاتلين الفلسطينيين هو الذي قتل شيرين، وهذا من الممكن أن يكون هذا صحيحا في حالة واحدة، وهي تمكن الرصاص من الالتفاف حول المنعطفات، وتجاوز المباني وتسلق السلالم.. 

وأمام ارتباك الرواية الاسرائيلية، وفشلها حتى بإقناع مروجيها، لجأت إسرائيل إلى حيلة سياسية، بالطلب من السلطة الفلسطينية لإجراء تحقيق مشترك في ظروف استشهاد شيرين، وهي تعلم أن السلطة سترفض ذلك، لأنه لو وافقت جدلا، فإن موافقتها هذه تعني سيرها بعكس تيار الشارع الفلسطيني، المقتنع تماما بأن إسرائيل هي من قتلت شيرين، وبالفعل عندما رفضت السلطة الاقتراح الاسرائيلي، سارع الناطق بإسم جيش الاحتلال "ران كوخاف" إلى الإعلان، بأن للفلسطينيين "سببا وجيها" لرفض الطلب الاسرائيلي، في اشارة الى ان رصاص المقاتلين الفلسطينيين هو الذي قتل شيرين !! 

وعلى الرغم من أن استشهاد شيرين كان له ردود فعل عالمية واسعة، إلا أن إسرائيل تراهن على الخروج من مأزقها هذا ، (وإن منيت ببعض الخسائر في صورتها عالميا)، بأن تكون هذه الحادثة كسابقاتها من الحوادث التي طواها النسيان، وأن قضية شيرين ستبقى حبيسة أدراج منظمات حقوق الإنسان الدولية، كما أنها تراهن على أن شيرين ستصبح رقما في إحصائية دولية حول عدد الصحفيين الذين سقطوا في مناطق الصراع في العالم..