الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

آخر متنفس لأهالي بلدة بيت صفافا تسيطر عليه مشاريع الاحتلال الاستيطانية

2022-05-16 10:05:19 AM
آخر متنفس لأهالي بلدة بيت صفافا تسيطر عليه مشاريع الاحتلال الاستيطانية
مستوطنة جفعات همتوس

محمد عليان: تخوف من إقامة أول حي للمستوطنين في شرقي القدس

خليل تفكجي: الهدف الأكبر لهذا المخطط هو تطويق الأحياء الفلسطينية بالمستوطنات

عبد الكريم لافي: المشروع يقطع أوصال البلدة

الحدث- سوار عبد ربه

قبل نحو عامين، قال أحد سكان بلدة بيت صفافا جنوبي القدس المحتلة في مقابلة مع صحيفة الحدث بعد الإعلان عن مخطط استيطاني جديد في البلدة إن مستوطنة "جفعات همتوس" تشكل آخر متنفس لأهالي بيت صفافا من الأراضي المفتوحة في مدينة القدس المحتلة"، واليوم  شرعت آليات الاحتلال بتجريف أراض في البلدة، جنوب شرقي المدينة، لإقامة حي استيطاني جديد مكون من 2500 وحدة استيطانية في مستوطنة "جفعات همتوس"، المعروفة بـ"تلة الطيار" المقامة على أراضي البلدة، والمحاصرة من جهاتها الأربع بالمستوطنات.

ومؤخرا، تم الكشف عن منطقة أثرية في قمة البلدة، التي ستحولها بلدية الاحتلال إلى حي استيطاني، بعدما تم الاستيلاء على أراضيها، بحجة أنها "أملاك غائبين"، في محاولة لتحويلها إلى "كانتونات صغيرة"، وتطويقها بالمستوطنات.
وأكد مختار القرية محمد عليان لـ"صحيفة الحدث" أن البلدة اليوم تم تطويقها ومحاصرتها بالمستوطنات، لتحويلها إلى كانتونات صغيرة تخدم المستوطنين، تنفيذا لمشروع استيطاني من شأنه شق شارع جديد على حساب أراضي وممتلكات المقدسيين.

وبحسب عليان: يوجد تخوف لدى أهالي البلدة من أن يكون هذا أول حي للمستوطنين داخل القرى والبلدات الفلسطينية في شرقي القدس.

وتحتوي تلك الأراضي الصخرية على مبان مهدمة تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها إثر احتلالها عام 1967، وتصنف "إسرائيل" تلك الأراضي بأنها "أملاك للغائبين"، ولذلك استولت عليها بموجب قانون خاص أقره الكنيست الإسرائيلي عام 1950، وفقا لعليان.

وللبلدة باع طويل مع الاستيطان حيث تعاني بيت صفافا نقصا حادا في الأراضي المخصصة للبناء، خاصة وأن سلطات الاحتلال استولت على مئات الدونمات من أراضيها، لصالح شق شوارع استيطانية، تقطع أوصالها، وتعزلها عن محيطها.
ولم يتبق من مساحة بيت صفافا، إلا 1500 دونم من أصل 4500 دونم، بفعل إقامة المستوطنات والشوارع الاستيطانية التي تقطع أوصالها، وتغّر معالمها.
 ووفقا لرئيس اللجنة الهندسية في بيت صفافا عبد الكريم لافي، فإن تبعات المشروع الاستيطاني الجديد تتمثل في تشكيل سلسلة مستوطنات جنوب القدس من شأنها الفصل بين مدينة بيت لحم والعاصمة الفلسطينية، حيث أنها ستمتد من مستوطنة "هار حوما" بالقرب من إم طوبا الفلسطينية مرورا بـ"جفعات همتوس" في بيت صفافا إلى مستوطنة "جيلو" في الجنوب الغربي لبيت صفافا، وبناء عليه ستقطع أوصال البلدة، كما ستربط البؤر الاستيطانية مع بعضها البعض ما يؤدي إلى انقطاع تواصل القسم الفلسطيني.

وأشار لافي في لقاء مع صحيفة الحدث إلى أن أراضي مستوطنة "جفعات همتوس" قسمت إلى أربعة أقسام، وهي: قسم لإقامة المستوطنة وسمي "جفعات همتسوس "أ" وفيه أراضي ميريا وجزء من أراض خاصة للصفافيين. وقسم "ب" وهو منطقة الطنطور وجميع أراضيه ملكية خاصة لأهالي بيت صفافا لكن 90% منها مستوفى البناء فيها. وقسم "ج" أراض صفافية استولت عليها "إسرائيل" عام 1967 بالمصادرات، ولم يتبق من الملكية الخاصة سوى 20-30% نستطيع التحرك فيها. أما القسم الرابع "د"؛ فهو  بمحاذاة  شارع الخليل الذي يربط بين القدس وبيت لحم وهناك ستقام مجموعة فنادق إسرائيلية من شأنها أن تقتل السياحة في مدينتي القدس وبيت لحم.

وأضاف لافي لـ"صحيفة الحدث": هذا المخطط  صادقت عليه اللجنة اللوائية التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية عام 2011، لكن "إسرائيل" لم تستطع أن تنفذ منه أي شيء لسببين؛ الأول: قيام أهالي بيت صفافا بالاعتراض على المشروع خاصة أن لنا في قلب هذا المخطط أراض خاصة، إضافة إلى وقوف الأوروبيين ضده.

وبموجب اتفاقية رودوس عام 1949 قسمت البلدة إلى قسمين بين "إسرائيل" والأردن، ومنذ ذلك الحين بدأ الاحتلال بسرقة أراضي القرية إضافة إلى اقتطاع مساحة من الجانب الأردني في حينه، وبعد عام 1967 خضعت القرية بشقيها للاحتلال.

وشبه رئيس اللجنة الهندسية بلدة بيت صفافا بالجزيرة الفلسطينية المحاصرة بأربع مستوطنات، مشيرا إلى أن المخطط الجديد سيزيد من معاناة البلدة وأهلها، سيما وأنها باتت اليوم ممرا للمستوطنين من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

وبيت صفافا هي بلدة فلسطينية تقع على مسافة 4 كم جنوب القدس وشمال بيت لحم، وتقدر مساحة أراضيها بـ 3314 دونما.

في سياق متصل، رفض أهالي بيت صفافا المشاريع الاستيطانية الجديدة فيها جملة وتفصيلا، ورفضوا السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية التي هي حق لهم بالدرجة الأولى.

وقال مختار البلدة محمد عليان في هذا الجانب: "بالرغم من كل أفعالهم نحن موجودون وصامدون ونحاول الدفاع  بكل ما أوتينا من قوة عن وجودنا".

وفي جميع المراحل الاستيطانية حاول أهالي البلدة التصدي لها من خلال الاحتجاجات الرافضة والمظاهرات والشجب والاستنكار وخيم الاعتصام وعبر وسائل الإعلام، كذلك عبر رفع الدعاوى القضائية في المحاكم الإسرائيلية الجائرة ولكن دون جدوى، حيث توجد في القرية اليوم نحو عشرة شوارع استيطانية.

ومنذ بداية العام الجاري والاحتلال يستهدف المنطقة الجنوبية في القدس من خلال المصادقة على خمسة مخططات جديدة لبناء 3557 وحدة استيطانية، واحدة بين مستوطنتي "هار حوما" المقامة على أراضي جبل أبوغنيم في قرية صور باهر، و"جفعات هاماتوس" على أراضي خربة طباليا في قرية بيت صفافا (جنوبي القدس)، والثانية على حافة التلة الفرنسية باتجاه جبل المشارف في قلب المدينة، وفقا لرئيس دائرة الخرائط بجمعية الدراسات العربية خليل تفكجي.

وأوضح تفكجي أن الهدف الأكبر لهذا المخطط هو تطويق الأحياء الفلسطينية بالمستوطنات، ثم اختراقها وتشتيتها، وأن ما يحدث في بيت صفافا هو التطبيق العملي لما سيحدث في الأحياء الفلسطينية داخل مدينة القدس.

وجاء في تقرير الاستيطان الأسبوعي الذي يعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير أن المنازل القديمة والمباني التاريخية لقرية المالحة تقع على سفح تلة جبلية مرتفعة يحدها من الجهة الشرقية بيت صفافا، وحي القطمون، ومن الجهة الغربية قريتا عين كارم والجورة، ومن الجهة الشمالية أراضي لفتا ودير ياسين، ومن الجنوب أراضي بيت جالا وشرفات. ومن المتوقع أن تناقش بلدية الاحتلال الاعتراضات من خلال اللجنة المحلية للتنظيم والبناء.

 ويتضح من خلال الاعتراضات، أن المستوطنين أبدوا معارضتهم للمخطط وأعربوا عن المعارضة للطلب الذي قدمه المبادر للمشروع الاستيطاني للحصول على تصاريح وتراخيص لبدء العمل في منطقة الحي التاريخي وهو حي كانت أزقته تضم منازل قرية المالحة العربية التي هجرت خلال النكبة، وسكنها فيما بعد مهاجرون يهود من مختلف الجنسيات، حيث يتميز الحي بالمباني السكنية القديمة ذات البناء العربي التقليدي، ومعظمها مبان قديمة جدا، تعتمد على وحدة سكنية واحدة مبنية على قطع أراض زراعية وواسعة. وسيؤدي مشروع المخطط لهدم المنازل والمباني القديمة والتاريخية، لبناء عمارات من 4 طوابق تقام فوق مواقف للسيارات ومخازن، إلى جانب إقامة 8 وحدات استيطانية.

وطالبت الاعتراضات برفض طلب الحصول على تصاريح لبدء العمل بالمشروع لعدد من الأسباب، لكن دون التطرق إلى حقوق أصحاب هذه المنازل من الفلسطينيين الذين حولتهم إسرائيل بعد النكبة إلى لاجئين، وسلبت حقوقهم في أراضيهم ومنازلهم، والذين هجروا إلى الضفة الغربية والقدس ومحيطها وفي الشتات. وحسب الاعتراضات فإن هذا المخطط الاستيطاني يأتي ضمن مخطط لتوسيع أحياء استيطانية جنوب القدس ومسح الخط الأخضر على أراضي بيت صفافا وشرفات وتوسيع مستوطنة جيلو جنوبًا وربطها بالشارع الالتفافي الذي يجري شقه جنوبًا من مستوطنة كفار عتصيون ويتقاطع مع الشارع الأمريكي لربط المستوطنات الجنوبية في القدس وفي الغور والمستوطنات في شرقي القدس – معاليه أدوميم وبسجات زئيف.

جولات استكشافية في إطار الصمود

في سياق متصل أطلقت مجموعات شبابية في البلدة جولات استكشافية للمناطق الأثرية في جبل طباليا ضمن مبادرة جولات بيت صفافا، في محاولة لسابق الزمن مع آليات الاحتلال العسكرية التي بدأت بشق الطرق والتأسيس للبنية التحتية في مستوطنة جفعات همتوس.

وحول هذا قال محمود عوض أحد المشاركين في الجولة لـ"صحيفة الحدث" إنها جاءت في الوقت الفاصل، لتعريف أهالي البلدة على الآثار المنسية الموجودة في بيت صفافا، سيما بعد البدء بتجريف الأراضي، وهذا ما كنا نغفل عنه، وما كان من الواجب فعله منذ زمن.

وكان ابن البلدة الشاب أحمد عليان قد كتب مقالا طالب فيه بالاطلاع على المواقع الأثرية التي يتم اكتشافها في بيت صفافا ومحيطها، لأن الجيل الجديد لا يعرف أي شيء عن هذه المواقع سوى أسمائها أو تجاهلها أو إهمالها، أو الاحتفاظ بذكرى من تاريخ العائلة فيها.

ودعا إلى ضرورة عمل جولات إرشادية مستمرة تهدف إلى تعزيز ثقافة الآثار لدينا ولدى أبنائنا، ليكبروا على حبها وحب زيارتها، منوها أننا بحاجة إلى ثقافة "آثارية مجتمعية حقيقية".