الحدث- محمد مصطفى
للعام الرابع على التوالي تتهاوى أشجار النخيل شاهقة الارتفاع واحدة تلو الأخرى، ويواجه المحصول الذي دأب مزارعون على تسميته بـ"الذهب الأحمر" خطر داهم لم يسبق له مثيل في تاريخ قطاع غزة.
حشرة فتاكة
"سوسة النخيل الحمراء"، حشرة قاتلة دخلت القطاع كبيوض كامنة داخل فسائل مهربة عبر الأنفاق مع مصر، لتفقس وتتكاثر وتنتشر، وتصبح أول وأكبر مهدد للأشجار المثمرة واليافعة.
فمنذ العام 2011، والحشرة الصغيرة الطائرة تفتك بالأشجار، والمزارعون لازالوا عاجزين عن مواجهتها، أو وضع حد لزحفها، فبعد أن كانت الإصابة مقتصرة على بؤر معينة، أضحت منتشرة في كافة أنحاء القطاع، خاصة في المحررات، غربي قطاع غزة.
ويقول المزارع محمود أبو عودة، إن الحشرة القاتلة وصلت حقله، ونخرت عدداً من أشجاره، بعضها سقطت ولم تصمد أمامها، وأخرى استطاع لحاقها عبر اكتشافه الإصابة في بدايتها.
وبين أنه تكلف مشقة كبيرة وأموال من أجل إنقاذ ما تبقى من أشجاره، لكن الخطر لازال قائماً، فعودتها من جديد وارد في أية لحظة
وأكد أنه ومنذ علم بوصول الحشرة للقطاع وعرف مخاطرها، وهو مصاب بحالة قلق هستيري، فبستان النخيل الذي يمتلكه غرب مدينة خان يونس، يعتبر من أهم مصادر دخل العائلة، إلى جانب زراعة موسمية متباعدة، وموت ا
لأشجار سيلحق به وعائلته ضرراً كبيراً.
وأشار أبو عودة، إلى أنه يكابد ويعافر من أجل رعاية أشجاره، وتقليمها وتلقيحها، وصولاً للحظة الأكثر انتظاراً طوال العام، وهي جني المحصول وبيعه في الأسواق، لكن تهديد سوسة النخيل المستمر، يفسد عليه كل شيء، ويجعله يعيش هواجس من القلق لا تنتهي.
تهديد قاتل
من جانه أكد الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أستاذ العلوم البيئية المشارك في قسم الأحياء بالجامعة الإسلامية بغزة، أن سوسة النخيل الحمراء هي أكبر تهديد طبيعي يواجه محصول النخيل في قطاع غزة، بل وعلى مستوى كثير من الدول في المنطقة.
وأكد عبد ربه في حوار مع "الحدث"، أن هذه الحشرة لها ميزات قاتلة، فهي طائرة، تتوجه إلى أشجار النخيل مباشرة، وتبحث عن أماكن الضعف في النخلة، وتنخرها، ثم تضع بيوض تفقس آلاف اليرقات، التي تتغذى على قلب النخلة، ما يتسبب في موتها.
وبين عبد ربه، أن الكشف المبكر عن الإصابة يمكن أن ينقذ النخلة المصابة ويمنع موتها، لكن بصفة عامة هناك الكثير من الأشجار التي أصيبت بتلك الحشرة ماتت.
وحول إذا ما كان ثمة إجراءات وقائية من الممكن تنفيذها لمنع إصابة الأشجار بتلك الآفة، أكد أنه يمكن ذلك من خلال رش مبيدات حشرية معينة، لكن الأمر صعب ومكلف، بسبب ارتفاع الأشجار، وصعوبة الوصول إلى جميع أجزائها
باستمرار، وحاجتها لكميات كبيرة من المبيدات، مبيناً أن بعض المزارعين يستخدمون طرق لمحاولة منع وصولها للأشجارـ كوضع مصايد خاصة للإيقاع بالحشرة.
ولفت إلى أن الأبحاث والدراسات حول خلق أعداء طبيعية لتلك الحشرة، أو البحث عن وسائل حيوية لمكافحاتها لازالت مبتدئة، نظرة لقصر الفترة الزمنية التي ظهرت فيها في القطاع، والى حين تتحقق هذه الغاية، ستبقى سوسة النخيل آفة قاتلة تفتك بأشجار النخيل، وتهدد أهم محاصيل غزة.