بالعودة خطوات الى الوراء حين اختُزِلت الحالة الوطنية الفلسطينية بإتفاق
أوسلو للمرحلة الانتقالية، واخذت
حركة فتح وقياداتها تتصدر المشهد الاوسلوي من مفاوضات ومناصب ووظائف ورواتب اصبحت حق وهِبات لآل البيت وعطايا للمؤلفة قلوبهم، من اجل توسيع القاعدة الفصائلية والشعبية لإتفاق لم يلقَ من التأييد والحشد الشعبي ما لقيته الكوفية العائدة من المنافي حين وطأت قدميها ارض الوطن..
في تلك الفترة لعبت منظمة الشبيبة الفتحاوية والحركية العليا الدور الأساسي في حشد التأييد الشعبي، وتطويع الداخل الفلسطيني، واقتسام الصف الثاني من الوظائف الادارية والأمنية، واصبحت بذلك الورقة القوية في يد
الشهيد الراحل من أجل حماية الإتفاق وصولاً الى انتهاء المرحلة الانتقالية والبدء في ترتيبات المرحلة النهائية..
في هذه الاجواء تصدر
مروان البرغوثي المشهد وظهر كقائد فتحاوي شعبي وحليف اساسي للشهيد ابو عمار لما يُمثله من تاريخ في الحركة الوطنية والطلابية وما يحمله من فكر وحدوي وتجربة نضالية في الساحة الفلسطينية..
انفجرت
الانتفاضة الشعبية الثانية وقادها مروان البرغوثي بروح المقاوم والمفاوض، اعاد الى حركة فتح بريقها الوطني وفكرها الوحدوي ورفع راية العمل الفصائلي المشترك تحت شعار الفصائل الوطنية والاسلامية..
لم يَرقَ ذلك الى الاحتلال وحلفائه، فلا يَعنيهم فتح قوية ولا وحدة وطنية..
باتت ايام مروان معدودة، تم اعتقاله وعزله، غاب مروان عن الساحة ولم تأتِ من بعده شخصية فتحاوية شعبية وحدَوِية، كبرت الهوة بين السلطة والشعب، وتحملت حركة فتح كل المُوبِقات فيها، كيف لا وهي صاحبة مشروع السلام والمنتفع الاول من قيام السلطة والمدافع الاول عنها..
اما وقد وصلنا اليوم الى لحظة الحقيقة، وان غياب القادة التاريخيين عن المشهد بات وشيكاً، والكلام فيه ليس من المحرمات بل اصبح واقعياً وضرورة خارجية وداخلية، وان العالم يرغب ان يرى فتح قوية وموحدة من اجل ان تبقى الاجهزة الامنية والسلطة الوطنية تتمتع بالشرعية الوطنية، بعد ان اضطربت عملية السلام وضاعت فتح بين اجندات وتحالفات قادة الاجهزة الامنية، وامتيازات الوظيفة الإدارية..
ان الخروج من المأزق الفتحاوي وشبح الاقتتال الداخلي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ حركة فتح والشعب الفلسطيني، لا يكون الا بانتخابات رئاسية فورية يتبعها انتخابات تشريعية من اجل اعادة فتح للحالة الوطنية الوحدوية..
ان الاجماع الشعبي على ان مروان البرغوثي هو رجل المرحلة القادمة يأتي من قناعة كاملة بقدرة مروان على النهوض بحركة فتح والتي يرى الشعب فيها رأس الحربة في الاصلاح وتصحيح المسار ولملمة ما تبقى من حقوق أُريقت تحت اقدام التنسيق والفساد، حماية لتاريخ وتراث ومستقبل هذا الشعب..