الثلاثاء  19 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التسهيلات الإسرائيلية.. كذبة كبيرة لتحسين مصالحها الاقتصادية والسياسية

2015-04-21 12:25:22 AM
التسهيلات الإسرائيلية.. كذبة كبيرة لتحسين مصالحها الاقتصادية والسياسية
صورة ارشيفية
 
الحدث- فرح المصري
 
سعت إسرائيل في الفترة الأخيرة، إلى إحداث تغيرات جديدة في سياستها المتبعة بحق الفلسطينين، حيث عملت على تقديم بعض التسيهلات الهامة باتجاه الفلسطينين، في خطوة فريدة من نوعها، تمثلت، بالسماح لمن هم فوق الـ50 عاماً من النساء والـ55 عاماً من الرجال من الدخول للقدس دون تصاريح، والحديث عن السماح لسيارات فلسطينية من الدخول عبر المعابر، وأخيرة إنهاء احتجازها لأموال الضرائب، وغيرها من التسهيلات الأخرى.
هذه التسهيلات اعتبرها البعض، نوعاً من التهدئة الإسرائيلية، خاصة بعد تهديد السلطة باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتلويحها برفع دعاوي ضدها نتيجة ممارساتها الاحتلالية وقيامها بجرائم حرب ضد الفلسطينيين.
كما تتخوف إسرائيل من تأزم الأوضاع وانفجارها في الضفة العربية، ونشوب انتفاضة ثالثة، ما قد ينعكس سلباً عليها، خاصة وأنها تعاني من عزلة دولية وضغوطات بسبب سياستها الاستيطانية وتزايد المقاطعة الدولية ضدها، فهي اليوم تحاول منع نشوب الانتفاضة، وتسعى للهدوء في الضفة الغربية.
في حين اعتبر البعض الآخر هذه التسهيلات أنها جزء من مخطط إسرائيلي، لاستغلال الفلسطينيين لتحسين صورة إسرائيل الدولية، وإعطاء العالم الاعتقاد بأن حكومتها تعطي الفلسطينيين التسهيلات، وأن الأوضاع ليست سيئة كما يصورها الفلسطينيون، واستغلالهم في تحسين مصالحهم الاقتصادية والسياسية.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي هاني المصري: "إن إسرائيل تحاول من خلال تقديمها (التسهيلات) منع انهيار السلطة الفلسطينية، لأن السلطة في ظل انسداد الأفق السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية يمكن أن تتجه نحو الانهيار، وانهيارها يعني عودة الصراع لطبيعته الأصلية أي الصدام ما بين الاحتلال والفلسطينين، الأمر الذي سيعزز موجة جديدة من المقاومة والانتفاضة.
وأضاف المصري لـ"الحدث": أن هذه التسهيلات أيضاً تسلح السلطة والرئيس عباس بأوراق وتمنعه من اعتماد خيارات جديدة بديلة عن خيار المفاوضات بناء على التدخلات الأمريكية من أجل استئناف عملية التسوية، فإذا لم يكن هناك تسهيلات سيتجه الرئيس أكثر وأكثر نحو اللجوء إلى مجلس الأمن والجمعية العامة والمؤسسات الدولية وتفعيل الانضمام الفلسطيني إلى محكمة الجنايات الدولية، وتفعيل كل القرارات الدولية التي اتصلت بالقضية الفلسطينية، وتفعيل المقاومة والمقاطعة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، الأمر الذي من شأنه جعل الموقف الفلسطيني أفضل، وتجعل إسرائيل تدفع ثمنه بحيث سيصبح الاحتلال مكلفاً".
وتابع المصري: "تشكل التسهيلات نوعاً من التغطية على ما يقوم به نتنياهو لإرضاء أوباما، حيث شهدت العلاقات توتراً كبيراً بينهما في الفترة الأخيرة، والإدارة الأمريكية تطلب من إسرائيل الإقدام على تحسينات وبالتالي القيام بهذه التحسينات يمكن أن يخفف من توتر هذه العلاقات بينهما".
وأشار إلى أن تقديم هذه التسهيلات سيؤثر على الوضع الداخلي الفلسطيني، فالأوضاع الأمنية ستكون أكبر وبالتالي ستؤدي إلى تحرك الاقتصاد الفسلطيني، لأن تقدم الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على أموال السلطة التي تعتمد بشكل شبكل كامل على العوائد الجمركية التي تجمعها إسرائيل، وعندما تحتجز الأخيرة هذه الأموال تؤدي إلى متاعب كبيرة في الاقتصاد وبالتالي استمرار الحجز يدفع الأمور نحو الانتفاضة والمقاومة، فهذه التسهيلات تخفف من تأزم الوضع وتمنع انفجارها.
واستطرد المصري: "لا أعتقد أن هناك اتفاقاً مبرماً بين السلطة وإسرائيل على تقديم هذه التسهيلات بشرط عدم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، بالرغم من أن هناك مصادر تحدثت عن وجود اتفاق، لكن سواء كان هناك اتفاق متفق عليه أو بحكم الأمر الواقع، إلا أن التوجه الفلسطيني الآن يتجه نحو وقف التنسيق الأمني ونحو محكمة لاهاي والذهاب لمجلس الأمن، فهذه التسهيلات سواء أكانت باتفاق أو بدون فالنتيجة واحدة أنه سيكون هناك حسبة واحدة سيقوم بها الطرفان خشية من انفلات الأمور وانجرارها نحو المواجهة والفوضى والتطرف".
في الإطار ذاته، قال أمين عام حزب الشعب بسام الصالحي: "إن إسرائيل تتصرف مع الفلسطينين وفقاً للمقولة اليهودية المشهورة وهي "إدخال الأفكار إلى البيت ومن ثم إعادة إخراجها" ليظهر الأمر وكأن هناك تغييراً في الواقع، فالمسألة الجوهرية هي إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان، وما لم يحصل ذلك كل الأشياء الأخرى تبقى رغم أهميتها في نطاق لا يعالج القضية الفلسطينية".
وأضاف: "إن إسرائيل تدرك أن استمرار الضغوط والتعقيد المتنوع في حياة الأفراد سواء بالاستيطان أو بالإجراءات المالية أو غير ذلك، يزيد من نقمة الشارع الفلسطيني ويجعل القضية المركزية اليومية لدى الأفراد هي مواجهة الاحتلال، بالتالي إسرائيل تسعى  للحيلولة دون تحرك شعبي واسع ضدها".
وأشار إلى وجود مسعى إسرائيلي لقطع الطريق على بعض التحركات الدولية خصوصاً أن هناك تزايداً في مقاطعة إسرائيل، كما تسعى لتحسين علاقتها مع الولايات المتحدة خاصة بعد تأزم العلاقات بينهما في الفترة الأخيرة.
وشدد الصالحي: "على أن التقدم إلى محكمة الجنايات الدولية يجب ألا يكون موضوع مقايضة مع أي قضية أخرى، لأن التوجه للجنائية الدولية سيؤدي لردع إسرائيل عن ممارسات إجرامية لاحقة، إضافة إلى أنه وفاء مطلوب لجميع الشهداء ضد مجرمي الحرب الإسرائيلين".
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية فايز عباس: "إن التسهيلات الإسرائيلية المقدمة للضفة الغربية هي تسهيلات غير مسبوقة وهذه التسهيلات لها عدة أسباب، أهمها التخوف لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من الضائقة المالية التي تمر بها السلطة وحجز الأموال، وقضية الغليان في الضفة الغربية والخوف من ما تسميه إسرائيل "الفوضى" وعدم تمكن السلطة من السيطرة على الأحداث في المناطق التي تسيطر عليها السلطة".
وأكد لـ"الحدث": "أن إسرائيل بحاجة إلى عمال بأجور متدنية خاصة بما يتعلق بالإعمار والزراعة، بالتالي فهي معنية بتقديم هذه التسهيلات لاستقطابهم".
ونوه إلى أن السياحة التي تشكل دوراً كبيراً لدى إسرئيل، أصبحت تعاني من أوضاع سياحية صعبة، وخاصة في مدينة إيلات، فالسياحة هبطت لأكثر من 30% في هذه المدينة، وبالرغم من أن إسرائيل لم تسمح للفلسطينيين من زيارة إيلات، إلا أنها اليوم أصبحت تسمح لبعض الفلسطينيين من زيارة إيلات لإنقاذ السياحة والفنادق والمرافق السياحية في المدينة.
وأوضح أن إسرائيل بحاجة اليوم إلى إزالة عزلتها الدولية وإعطاء العالم الاعتقاد بأن حكومتها تعطي الفلسطينين التسهيلات وأن الأوضاع ليست سيئة كما يصورها الفلسطينيون، هذه التسهيلات جزء من السياسة الخارجية الإسرائيلية والضغوط الدولية عليها، فالتسهيلات تعد كذبة كبيرة من حكومة نتنياهو، وتنظر إلى مصالحها الاقتصادية والسياسية.
وتابع عباس: "بالنسبة للفلسطينيين فإن الضفة الغربية ليست مهيأة الآن لانتفاضة ثالثة"، وفي نفس الوقت هناك تخوفاً إسرائيلياً لدى الأجهزة الأمنية من تردي الأوضاع الاقتصادية وخشيتهم من إمكانية نشوب انتفاضة ثالثة، أي أن هناك تخوفاً في الشارع الإسرائيلي ومن القيادة العسكرية من اندلاع الانتفاضة لذلك كانت هناك ضغوطات على حكومة نتنياهو لإعادة الأموال والضرائب، فإسرائيل اليوم ليست بحاجة لانتفاضة في الوقت الذي تعاني فيه من عزلة دولية وضغوطات بسبب سياستها الاستيطانية والاحتلال، وهي اليوم تحاول منع نشوب الانتفاضة وحتى منع المظاهرات، وتسعى للهدوء في الضفة الغربية".
وشدد عباس على أن إسرائيل متخوفة من تقديم السلطة لدعاوي ضدها في المحكمة الجنائية الدولية أكثر من تخوفها من اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، وهناك محاولة إسرائيلية للضغط على السلطة لعدم تقديم دعاوي في المحكمة الدولية، لكن اليوم وبعد انضمام فلسطين إليها حتى وإن كانت القيادة السياسية لا تريد الذهاب للمحكمة، يحق لكل مواطن فلسطيني اليوم التوجه للمحاكم وتقديم أي دعوى ضد إسرائيل.