الثلاثاء  19 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

السجل التجاري.. "بدعة" إسرائيل للإيقاع بالشباب الغزي!!

مراقبون: تماشياً مع التسهيلات الإسرائيلية.. وزارة الاقتصاد بغزة تُصدر شهرياً أكثر من 350 سجل تجاري!

2015-04-21 12:28:28 AM
السجل التجاري..
صورة ارشيفية
 
أبو رويضة: إصدار السجل التجاري له استحقاقاته الرسمية والمالية ونحذر من استغلال شركات وهمية لحاجة الغزيين للعمل!
العمصي: يجب أن تخضع سياسة منح التراخيص لضوابط كي لا نجعل أبنائنا لقمة سائغة للاحتلال!
 
 
غزة - محاسن أُصرف
 
وجد سائق الأجرة "محمد حسّان" وهو اسم مستعار لرجل تجاوز عقده الخامس، في الحصول على سجل تجاري موثق من الهيئات الرسمية طوق نجاة سيُخلصه، حسب زعمه، من مرارة الفقر التي يُعانيها وأسرته منذ عام 2001.
يؤكد الرجل الذي يقطن مدينة خان يونس، ويُعيل أسرة مكونة من 12 فرداً، أنه بدأ باستخراج رخصة مزاولة مهنة لإدارة مكتب تاكسيات من البلدية في مدينته، واستطاع أن يبيع آخر قطعة من مصاغ زوجته من أجل دفع الرسوم المستحقة والتي تتراوح بين (1000-1500) شيكلاً، ثم توجه إلى وزارة الاقتصاد لتقديم طلب استخراج قيد سجل تجاري فردي، يقول: "بمجرد الحصول على السجل التجاري سأتواصل مع مُشغِل يهودي عملت لديه قبل انتفاضة 2000 علّه يجد لي فرصة عمل أعيد بها إنعاش حياة أسرتي".
ولاحظت مراسلة "الحدث" تردد العديد من المواطنين في قطاع غزة من فئات مختلفة على البلديات المحلية لاستخراج رخصة مزاولة مهنة وعلى وزارة الاقتصاد لاستكمال الحصول على قيد سجل تجاري فردي، وعند سؤالهم أكدوا أن السجل التجاري كلمة السر ومفتاح حل أزماتهم المعيشية التي يُعانونها بسبب الحصار وانعدام فرص العمل في القطاع، وبحسب السائق الذي التقته "الحدث" فإن العمل في إسرائيل يُشكل طوق النجاة من الفقر والبطالة وأكد وفق خبرته السابقة بالعمل أن الراتب الذي يحظى به العامل في الأراضي المحتلة يزيد عن 2000 شيكل، ويصل أحياناً إلى 3500 شيكل، وهو ما لايُمكن تحقيقه بغزة بسبب ضعف الحركة التجارية ناهيك عن غلاء المعيشة مقارنة بالدخول المتواضعة في القطاع.
وبعد انتهاء الحرب الأخيرة على غزة الصيف الماضي قررت إسرائيل زيادة عدد العمال الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح ويسمح لهم العمل في الأراضي المحتلة عام إلى (8000) عامل لأول مرة بعد عشر سنوات من المنع، كما وخفضت الأعمار المسموح بها من 40 عاماً إلى 26 عاماً وقللت من التعقيدات السابقة للحصول على تصريح للعمل، ويُبين مراقبون لـ"الحدث" أن تلك التسهيلات دفعت العديد من المواطنين بالبحث عن وسيلة للحصول سجل تجاري يُمكنهم بعد ذلك من العمل في الداخل المحتل.
 
الحصول على سجل تجاري
وبدوره أكد عبد الله أبو رويضة، مدير عام تسجيل الشركات في وزارة الاقتصاد الوطني، أن وزارته  وفي إطار التسهيلات التي أعلنها الجانب الإسرائيلي للفلسطينيين، أنجزت قُرابة (350) سجلاً تجارياً شهرياً لتسيير أمور العمل للفلسطينيين الذين يُعانون معدلات بطالة مرتفعة جداً، ونفى أبو رويضة في اتصال هاتفي مع "الحدث" وجهة العمل التي من أجلها حصل أولئك على السجل قائلاً: "نتعامل في إصدار السجلات وفقاً للقوانين والقواعد المعمول بها بالوزارة والتي تتطلب الحصول على رخصة مهنة من البلديات التابعة لوزارة الحكم المحلي أولاً".
وتابع أبو رويضة بعد استيفاء الشروط اللازمة والتي تتضمن الحصول رخصة مزاولة مهنة من الجهات ذات الاختصاص، ومطابقة السن القانوني، يُقدم لوزارة الاقتصاد صورة عن الهوية وعقد الإيجار أي سند الملكية، ورخصة البلدية ويدفع الرسوم المستحقة والتي لا تزيد عن 1000 شيكل، قائلاً: "ذلك يكفل للمتقدم الحصول على السجل التجاري لمزاولة العمل".
 
استصدار التصاريح
ونوه أبو رويضة إلى أن  دور وزارة الاقتصاد في غزة يقتصر على إصدار السجل التجاري لمن يُقدم له طلباً متوافقاً مع الشروط والآليات التي تضعها البلديات المحلية في القطاع، ومن ثمَّ تتولى الشئون المدنية عملية تنظيم وتنسيق العلاقة في الشئون المدنية بين السلطة الفلسطينية ومؤسساتها والمؤسسات غير الحكومية والمواطنين من جهة والسلطات الإسرائيلية المختصة من جهة أخرى، وقال"يتم إرفاق دعوة المُشَغل الإسرائيلي مع السجل التجاري لبحثه ودراسته من قبل الجهات الأمنية الإسرائيلية وإما أن تحدث الموافقة أو الرفض وفقاً لمعايير الاحتلال في إدخال عمال فلسطينيين إلى الأراضي المحتلة عام 48.
 
تحذير
وفي سياقٍ منفصل حذر أبو رويضة من شركات وهمية تقوم بخداع المواطن الغزي، وقال لـ"الحدث" وردتنا الكثير من الشكاوي من مواطنين تعرضوا لعمليات نصب من قبل شركات أغرتهم بمميزات الحصول على سجل تجاري وتصريح عمل داخل الأراضي المحتلة لكنهم لم يفوا بعهودهم وسرقوا قيمة الرسوم وهي تتراوح بين 750-1000 شيكل على كل سجل تجاري.
وعبَّر المواطن علي شمالي، من حي الشجاعية، عن خشيته من مرونة الإجراءات للحصول على سجل تجاري للعمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 وقال لـ"الحدث" إن من يزيد عمره عن 30عاماً ولديه الرغبة في العمل داخل الأراضي المحتلة ويملك قيمة الرسوم، تاجراً كان أم عاملاً، بإمكانه الحصول على سجل تجاري ومن ثمّ التواصل مع الشئون المدنية لاستخراج التصريح اللازم للعمل في الداخل المحتلة، وتابع: "أن المال وحده مفتاح السر والفحص الأمني له القول الفصل".
فيما نوه مدير عام تسجيل الشركات بالوزارة، أن تسهيل استخراج سجل تجاري للمعنيين يأتي في إطار سعيها لتحسين الوضع الاقتصادي للسكان داخل القطاع، داعياً المواطنين خاصة الذين لا يمتلكون أعمالاً تجارية وهم من فئة الشباب والعمال الذين تقطعت بهم سبل العمل ولم يحصلوا على فرص بسبب الأوضاع في غزة، إلى عدم الانجرار وراء المغريات التي يسوقها أولئك مؤكداً أن الحصول على سجل تجاري له استحقاقات رسمية ومالية وامتلاك العامل له يحجب عنه العديد من المساعدات الإنسانية التي يتلقاها كعاطل عن العمل مثل مساعدات الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي.
 
1000 تصريح
وفي أعقاب اتفاق التهدئة الموقع برعاية مصرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بعد حرب ضارية استمرت 51 يوماً، أعلن الجانب الإسرائيلي عن جملة من التسهيلات للمواطنيين الغزيين، ضمنها إصدار تصاريح للعمال والتُجار للعمل داخل الأراضي المحتلة عام48 عبر التنسيق مع الشئون المدنية الفلسطينية، وكشف سامي العمصي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين أن عدد التصاريح حتى الآن تجاوز الـ(1000) تصريح جُلها تصاريح تُجار تطلبت للحصول عليها التقدم لوزارة الحكم المحلي ووزارة الاقتصاد الحصول على سجل تجاري برسوم تزيد عن 1000 شيكل.
وعبّر العمصي عن قلقه من عدم مراقبة وزارة العمل لحصول العمال الفلسطينيين من قطاع غزة على تصاريح للعمل في الداخل المحتل سواء تصاريح تُجار أو عمال، مؤكداً في تصريح لـ"الحدث" أن وزارة العمل مُغيبة ولا تعرف شيئاً وأن إصدار التصاريح بالتنسيق مع الشئون المدنية بعد الحصول على سجل تجاري مؤثق من وزارة الاقتصاد، وقال: "نحن مع أي تسهيلات من أجل تخفيف واقع المعاناة عن المواطن الغزي ولكن يجب وضع ضوابط لحصول الأشخاص على تصاريح للعمل في الداخل المحتل".
 
مخاوف أمنية
ويخشى العمصي أن تعمد إسرائيل إلى ابتزاز من يلجوا إليها للعمل هرباً من الفقر والبطالة والأوضاع المعيشية الصعبة  التي يُعانوها، قائلاً: "لا نُريد أن يكون أبنائنا لقمة سائغة للاحتلال خاصة بعد أن فقد خلال الحرب الأخيرة على غزة عدد كبير من عملائه"، وتابع في حديثه لـ"الحدث" أن ما يدعو للقلق أن المواطن الغزي بعد حصوله على تصريح يمكث في الأراضي المحتلة أسابيع وأحياناً شهر يبحث عن عمل يتلاءم مع ما يعرف وما يمتهن وإذا لم يُحالفه الحظ يكون عرضة للمطاردة الأمر الذي يُشكل ضاغطاً نفسياً يُمكن من خلاله إسقاطه.
 
التشغيل المؤقت حل
واقترح العمصي بضرورة العمل الوطني على إخراج المواطن الغزي من بوتقة الفقر والبطالة التي رزح تحتها منذ سنوات الحصار وأسبغت تفاصيل حياته بالألم، مشيراً إلى أهمية إعادة تنفيذ برامج التشغيل المؤقت، وقال: "تبدو هذه البرامج حلاً آمناً في ظل ممارسات الاحتلال بالضغط على الفلسطينيين عمالاً كانوا أم مرضى أم مسافرين لإسقاطهم في وحل التخابر"، ونوه إلى أن الاتحاد وثق العديد من الاختراقات التي قام بها الاحتلال.
ويأمل العمال الفلسطينيون أن تترك عودتهم للعمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 آثاراً إيجابية على معدلات الفقر والبطالة بخفض نسبها التي تزايدت بشكل غير مسبوق بعد الحرب الأخيرة على غزة الصيف الماضي.