الحدث - محمد أبو الرب
امتلأت عينا الحاجة يسرى المحروم بالدموع وارتجفت جفونها حزناً، بل وغصت بالكلمات وهي تراقب بيت ابنها الأسير المحرر المعاد اعتقاله في سجون الاحتلال سامر المحروم.
فهي لم تسترح بعد من حزنها القديم قبل الإفراج عنه من سجون الاحتلال في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 حيث كان يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة أمضى منها 26 عاماً داخل السجون.
سلطات الاحتلال أعادت اعتقال سامر في الصيف الماضي عندما شنت حملة واسعة النطاق تستهدف البحث عن ثلاثة مستوطنين اختطفوا في الخليل وجدوا فيما بعد مقتولين، فأعادت سلطات الاحتلال اعتقال غالبية من أفرج عنهم ضمن صفقة الأسرى التي أبرمت مع حماس.
وتقول الحاجة المحروم بينما تنظر بحرقة إلى زوجة ابنها سامر: "لم أشبع من رؤيته وحتى أن الوقت لم يسعفني وذهب سريعاً دون أن أتمكن من إكمال فرحتي بالإفراج عنه"، فقد تزوج سامر وبدأ يحاول العيش ويعتاد الحياة خارج سجون الاحتلال.
وتضيف الحاجة المحروم لم نصحُ بعد على حالنا وكأن الأيام مرت كساعة منذ الإفراج عنه من سجون الاحتلال.
وسامر المحروم أحد عشرات الأسرى الذين أمضوا سنوات طوال في عتمة السجون خرجوا ليبدأوا حياة طبيعية ولم يكن لديهم الوقت إلا لحضن أماتهم.
ويقول فارس شقيق الأسير سامر المحروم إن الاحتلال انتهك كل القوانين والأعراف الدولية بإعادة اعتقال سامر، خصوصاً أن محكمة الاحتلال لم تبرز أي ملف أمني أو أي نشاط للشقيق وادعت أن هناك ملفات سرية، رغم أن المحامين فندوا كل ادعاءات المحكمة ولم يثبت على سامر أي نشاط منذ خروجه من سجون الاحتلال.
وتابع المحروم داعياً إلى ضرورة التحرك على كل المستويات لرفع الظلم عن قضية الأسرى المعاد اعتقالهم وإعادة الأحكام السابقة بحقهم، خصوصاً من حركة حماس التي أبرمت الصفقة برعاية مصرية، فهي عليها العبء بالمتابعة مع مصر والعمل على الإفراج عن الأسرى.
ويروي المحروم بمنسابة يوم الأسير الفلسطيني رحلة تضامنية عنوانها الصمود لستة وعشرين عاماً قضتهاالعائلة متضامنة مع شقيقه سامر وبقية الأسرى في فترة اعتقاله الأولى لتعود هذه الرحلة من جديد في فعاليات إحياء يوم الأسير الفلسطيني التي وصلت ذروتها بتاريخ السابع عشر من نيسان الحالي بإيقاد شعلة الحرية في منزل الأسير معتصم رداد بسلفيت والذي يعاني من شلل داخل سجون الاحتلال.
ويتذكر المحروم والدته التي قضت متنقلة من اعتصام إلى وقفة احتجاجية على ظروف الأسرى في شوارع مدينة جنين ومقر الصليب الأحمر ليس فقط في المحافظة، بل أيضاً في باقي المحافظات لرفع قضية الأسرى وإبراز معاناتهم.
ويناشد المحروم الجهات الرسمية الفلسطينية بضرورة العمل على إبراز معاناة ذوي الأسرى المعاد اعتقالهم في سجون الاحتلال ظلماً خصوصاً أن معظم من أفرج عنهم هم قضوا سنوات طويلة بالسجون وتقدموا بالعمر.
ويرى المحروم أن الاحتلال حول قضية اعتقال الجندي جلعاد شاليط إلى قضية عالمية بينما عشرات الأسرى الذين أعيد اعتقالهم لم تبرز قضيتهم عالمياً.
وأدان مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية بتاريخ 24 فبراير بشدة اعتقال وإعادة الأحكام السابقة للأسرى المحررين بصفقة التبادل، والتي حولتهم حكومة الاحتلال إلى رهائن ومختطفين في انتهاك فاضح لجميع الأعراف الدولية خاصة الاتفاقية التى تم بموجبها إبرام صفقة التبادل. وأكد المجلس التزامه بمواصلة السعي وبذل الجهود مع كافة الجهات المعنية والدول الصديقة وخاصة مصر الشقيقة من أجل ضمان إطلاق سراحهم. وطالب المجلس الرئيس المصري والحكومة المصرية بالتدخل العاجل من أجل إلزام الحكومة الإسرائيلية بالتقيد ببنود صفقة التبادل وإطلاق سراحهم.
وطالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بضرورة بذل مزيد من الجهد الوطني الرسمي والشعبي لتسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى، وبضمنهم 75 محرراً في صفقة شاليط، أعادت إسرائيل اعتقالهم وفرضت الأحكام السابقة على 25 منهم، بطريقة انتقامية وتعسفية وغير قانونية، تحت ذريعة ما يسمى بالملف السري.
وقال إن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة المواثيق الدولية، وأخلت باتفاقيات الصفقة التي جرت برعاية مصرية، مطالباً بطرح قضية الأسرى أمام الجنائية الدولية، لمحاسبة إسرائيل وقادتها على ما ارتكبته من جرائم وتوفير الحماية الدولية لهم، لافتاً إلى وجود 30 أسيراً من الأسرى القدامى بعضهم أمضى أكثر من 30 عاماً في سجون الاحتلال، وعلى رأسهم الأسير كريم يونس.
وأكد قراقع أنه أبلغ من قبل رئيس الوفد الفلسطيني الموحد إلى مفاوضات القاهرة عزام الأحمد أن ملف الأسرى المعاد اعتقالهم مطروح على الطاولة للنقاش في حال أعيدت المفاوضات من جديد.
وفي الوقت الذي تتنصل فيه سلطات الاحتلال من اتفاق أبرم مع الولايات المتحدة للإفراج عن أربع دفعات من الأسرى القدامى أعادت تلك السلطات اعتقال عشرات الأسرى ومعظمهم من الأسرى القدامى.
ويدعو المحروم الرئاسة الفلسطينية بالمطالبة بالإفراج عن هؤلاء الأسرى إذا ما كان هناك اتفاق جديد للإفراج عن الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقية أوسلو، ودشنت عائلة الأسير المحروم حملة تضامنية مع ابنها الأسير للفت أنظار العالم إلى معاناته بدأت بصفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بعنوان "الحرية حق للأسير سامر المحروم".
ونشر أقرباء الأسير الصور الخاصة به وصوراً تحمل معاناة الأسرى في سجون الاحتلال.
ونظمت المؤسسات العاملة في مجال الأسرى اعتصامها الأسبوعي في الرابع عشر من هذا الشهر أمام مقر الصليب الأحمر في مدينة البيرة تحت عنوان نصرة الأسرى المعاد اعتقالهم.
ويأتي الاعتصام ضمن فعاليات البرنامج الوطني لإحياء يوم الأسير الفلسطيني، حيث اعتصم أهالي الأسرى المحررين المعاد اعتقالهم ضمن صفقة شاليط.
وتقول زوجة الأسير سامر المحروم إنها تناشد العالم الحر والضمائر الحية بأن تعمل على رفع الظلم والمعاناة عن زوجها، مضيفة: "ماذا بقي لسامر من عمره الذي قضاه في سجون الاحتلال؟ فعمره الآن 48 عاماً وهو لم يكن يفكر إلا بعائلته وتكوين أسرته".
واعتقل المحروم في المرة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي ليقضي حكماً بالسجن مدى الحياة.
وتضع قضية اعتقال الأسرى المحررين علامة استفهام حول شروط وبنود صفقة التبادل التي لم تنشر تفاصيلها حتى هذا الوقت.
ولمناسبة يوم الأسير صدر تقرير عن هيئة شؤون الأسرى حول واقع وظروف المعتقلين الفلسطينيين القابعين في السجون، كشف عن فداحة المحنة التي يعيشها الأسرى، وانتهاك إدارة السجون لأبسط حقوقهم. وأفاد التقرير أنه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 بلغت حالات الاعتقال "850 ألف" حالة، ومن بين المعتقلين 15 ألف أسيرة وعشرات الآلاف من الأطفال.
وأشار التقرير إلى أنه ومنذ عام 2000 ولغاية اليوم، سُجلت أكثر من (85) ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من (10.000) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، ونحو (1200) امرأة فلسطينية، وأكثر من (65) نائباً ووزيراً سابقاً، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة (24) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.
وتفيد الوقائع وشهادات المعتقلين أن (100%) من الذين مرّوا بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال تعرضوا لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
كما لوحظ تصاعد استهداف الأطفال خلال الأربع سنوات الماضية، إذ سجل خلالها اعتقال (3755) طفلاً، منهم (1266) طفلاً خلال العام المنصرم 2014، فيما لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهدافها المتصاعد للأطفال.
وحسب شهادات الأطفال فإن 95% منهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل خلال اعتقالهم واستجوابهم.
الأسرى في أرقام:
-(6500) أسير فلسطيني، لا زالوا قابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي
ومن بين هؤلاء:
(478) أسيراً صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة.
(21) أسيرة، بينهن قاصرتان.
(205) طفل قاصر دون سن الثامنة عشر.
(480) معتقل إداري.
(13) نائباً، بالإضافة إلى وزيرين سابقين.
(1500) أسير يعانون أمراضاً مختلفة، بينهم قرابة '80' أسيراً في حالة صحية خطيرة جداً.
(30) أسيراً معتقلون منذ ما قبل أوسلو ومضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً في السجون الإسرائيلية.
(16) أسيراً من القدامى مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، ومن بينهم الأسيران كريم وماهر يونس مضى على اعتقالهما 33 سنة بشكل متواصل.
ويتوزع الأسرى الفلسطينيون، على قرابة ( 22) سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.
الأسيرات
تتعرض الأسيرات الفلسطينيات خلال عملية الاعتقال للضرب والإهانة والشتم والتحقير وخلال عمليات النقل لا يتم إعلامهن إلى أي جهة سيتم نقلهن وخلال التحقيق تتعرض المعتقلات للإهانة والترهيب والتهديد وللمعاملة القاسية والضرب والتعنيف والمساس بكرامتهن.
كما ويوجد في سجون الاحتلال (7) أسيرات لهن أزواج وأشقاء في سجون أخرى، دون أن يسمح لهن بالالتقاء بهم أو التزاور أو حتى التواصل معهم.
الأسرى المرضى:
يعاني قرابة (1500) أسير من أمراض مختلفة، من بينهم 16 أسيراً يقيمون بشكل شبه دائم في ما يسمى مشفى سجن الرملة، كما يوجد بالسجون الإسرائيلية أكثر من (80 ) حالة مرضية مزمنة للغاية، عدا عن وجود أكثر من (25) حالة مصابة بالسرطان وعشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة (جسدية ونفسية وحسية).
إلى ذلك أوضح تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين عشية يوم الأسير الفلسطيني، أن اعتقال الاحتلال للنواب المنتخبين من قبل الشعب في المجلس التشريعي الفلسطيني، يعد جريمة بحق الإنسانية، وبحق الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وطالبت الهيئة، جميع البرلمانات العربية والعالمية، والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالعمل والسعي المستمر نحو تحرير النواب المعتقلين، والذين تم انتخابهم من قبل الشعب الفلسطيني بأساليب ديمقراطية متبعة في كل دول العالم.
وبينت الهيئة، أن 13 نائباً بالإضافة إلى وزير سابق لا يزالون رهن الاعتقال، مشدداً على مطالبته بالإفراج عنهم والعمل على تخليصهم من الاعتقال غير المبرر والمخالف لكل الأعراف والحصانات البرلمانية الدولية.
يذكر أن عدد الذين تم اعتقالهم من النواب المنتخبين في المجلس التشريعي الفلسطيني بلغ 65 نائباً.