الحدث- خاص
يعاني الأسرى في سجن "عوفر" الاحتلالي قرب رام الله، من ظروف معيشية صعبة، تتمثل بالعدد الكبير للأسرى القادمين الجدد وصعوبة توفير احتياجاتهم الأساسية، إضافة إلى النقص الحاد في الملابس والأغطية بعد شتاء قارس ضربهم هذا العام.
وللحديث حول الظروف القاسية التي يمر بها أسرى "عوفر" بالتحديد، وصلت لـ"الحدث" رسالة خاصة، على شاكلة أسئلة افتراضية وأجوبة واقعية من ممثل خارجية سجن "عوفر" في حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية.
كيف هي الأوضاع عندكم بشكل خاص داخل سجن "عوفر" مقارنة بحالة السجون العامة؟
الأوضاع بشكل خاص في سجن عوفر يشوبها حالة من عدم الاستقرار نتيجة حالة التقلب الدائمة في الأسرى، حيث أن السجن يستقبل شهرياً أكثر من 300 أسير من مناطق الوسط والجنوب (رام الله، الخليل، بيت لحم، أريحا)، ويتم فرز الأسرى وفق قضاياهم "أمني ومدني".
الأمني يتم فرزه وفق انتمائه السياسي وإلحاقه بالأقسام الأمنية للسجن ومن ثم نقله إلى باقي السجون، أما المدني يتم نقله مباشرة إلى السجون المدنية.
كيف تؤمنون احتياجات كل هؤلاء الأسرى من لباس ومأكل وأغطية ودخان، خصوصاً أيام الشتاء القارس كما حصل هذا العام؟
بأعجوبة نادرة، خاصة أن إدارة السجن لا تقدم إلا القليل، فمثلاً الإدارة تقدم للأسير القادم الجديد للسجن من لحظة استقباله رزمة بسيطة من احتياجات الأسير الجديد تسميها "سل سدكيت" سلة المعونة، وتحتوي على ملابس داخلية وجربان وبشكير، إضافة إلى زي الأسير الرسمي باللون البني، وتقدم شهرياً بجامات صحية.
وبقي مطلوب منا كهيئة تنظيمية توفير احتياجات الأسير من لحظة وصوله للسجن، حيث نوفر له من اللحظة الأولى لبسة شتوية دافئة على الأقل وأغطية شتوية والأدوات الصحية من شامبو ومعجون وفرشاة أسنان وصابون وحفاية وغيرها، وكثير من احتياجات الأسير الجديد يتم تغطيتها من الميزانية العامة للقلعة حيث أن ثمن الحرام الشتوي الواحد 120 شيقلاً.
هل تقومون بإدخال المعونات من الجهات الرسمية؟
في هذا الجانب هناك معوقات عدة أبرزها أن الإدارة تمنع إدخال المعونات إلا في حالات نادرة، فمثلاً تعطينا الإدارة تصريحاً لمرة واحدة بإدخال ملابس بكميات معينة، ونعمل من خلال الجهات الرسمية على تأمين الكميات المطلوبة من خلال قنوات التواصل المتاحة، فيقدم الإقليم في رام الله جزءاً والمحافظة تقدم جزءاً آخر وجهات الخير تقدم جزءاً آخر، ونقوم بإدخال الملابس مرة واحدة لكن ما نقوم بإدخاله غير كاف، حيث أنه في آخر عملية إدخال ملابس حصل كل قسم على 50 رزمة ملابس شتوية وهذا غير كاف لـ 300 أسير شهرياً يحضرون من الخارج عراة إلا من زي الأسير الرسمي، إضافة إلى ذلك فإن الإدارة لا تسمح بإدخال الأغطية الشتوية.
ألا تقدم هيئة شؤون الأسرى الأموال المخصصة لكم في موعدها والمعروفة بصرفية "الكانتين" بمعدل 400 شيقل للأسير شهريا؟
نعم صحيح بالرغم من انقطاع الصرفيات لشهرين نتيجة حجز إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية عقب التوجه لمجلس الأمن، ونتيجة لذلك قد أعلنا حالة التقشف في السجون وتحديداً في "عوفر" وهنا يكمن الفرق، حيث أن الأسير في نفحة أو ريمون يدخل السجن يحمل مقومات الحياة الأساسية، وعلى الأقل لديه ملابس وغطاء، أما في سجن "عوفر" فيترتب علينا أن نوفر هذه الاحتياجات، ومع حالة التقشف دخلنا في أزمة حقيقية، أما الآن فقد دخلت مخصصات "الكانتين" وستكون الأمور أيسر بإذن الله، لكن تبقى الحاجة ملحة بأن مبلغ 400 شيقل لا تكفي الأسير الجديد الذي يجب العناية به والاهتمام به أكثر من ذلك.
هل تقومون بإداخل أموال خاصة عن طريق البريد؟
الأموال التي تدخل من خلال البريد، تساعد الأسير في حل المشكلة نوعاً ما رغم ارتباطها أيضاً بحجب إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية لأنها مرتبطة بالرواتب الشهرية الخاصة بالأسرى.
ما حجم المبالغ الخاصة التي تدخل لكم عن طريق البريد؟
باستثناء الشهرين السابقين فإن الأسير بشكل عام يتم اعتماده وصرف راتب له عن طريق هيئة شؤون الأسرى بعد ثلاثة أشهر من اعتقاله بواقع مبلغ 1400 شيقل شهرياً، لكن الأسير الجديد لا يقوم بتحويل هذا المبلغ للسجن ليصرف على نفسه بل يقتطع مبلغ بسيط بمعدل 20% من راتبه لا يزيد عن 300 شيقل إضافة لصرفية الوزارة، لكن تبقى المشكلة قائمة بخصوص الأسرى المدخنين حيث لا توجد علبة سجائر بأقل من 22 شيقل، ونحن من دعاة وقف التدخين لأضراره الصحية أولاً ولأعبائه المادية ثانياً.
ما هي أبرز مشاكل سجن عوفر؟
القضية المركزية العالقة بيننا وبين إدارة السجن هي قضية أجهزة التشويش، حيث ضاعفت الإدارة في الآونة الأخيرة من عدد الأجهزة الخاصة بمنظومة التشويش الحديثة داخل السجن، ولدينا تخوفات من تأثيراتها الصحية وبالتحديد ما يتعلق بتأثيرات منظمة التشويش وتسببها بأمراض السرطان والصداع الشديد والغثيان.
بالعودة للحديث عن نقليات الأسرى.. أنتم تستقبلون الأسرى الجدد بعد اعتقالهم ويتم نقلهم بعد ذلك إلى سائر السجون؟
هذا صحيح لكن مسألة نقل الأسرى من "عوفر" إلى باقي السجون تبقى معضلة حقيقية تحديداً لأبناء رام الله المجاورين للسجن، حيث أن وجودهم في سجن "عوفر" يبقيهم بأجواء المنطقة التي تم اعتقالهم منها، ونقلهم لسجون الجنوب لـ"السبع" أو "نفحة" و"ريمون" فهو انتهاك لمواثيق جنيف القاضية باعتقال الأسير بمنطقة قريبة من سكنه ويبقى مطلبنا بعدم نقل أبناء رام الله من سجن "عوفر" قائماً وأحد أسباب التوتر الدائمة في السجن، وتقوم الإدارة حالياً بتوسيع السجن وفتح أقسام جديدة ونأمل أن تنتهي هذه الأزمة قريباً.
ما هي البرامج النضالية القادمة؟ وهل هناك حراك في السجون الإسرائيلية لإنهاض الحالة الوطنية؟
هناك تشاورات جارية بخصوص تدشين برنامج نضالي تصعيدي في نيسان الجاري خصوصاً أن الإدارة تشدد من إجراءاتها العقابية بحق أسرى "حماس" منذ عملية الخطف في الخليل في صيف عام 2014، تمثلت بحرمان الأسرى من زيارات الأهل بشكل منتظم وتخفيف عدد المحطات التلفزيونية الفضائية من 10 قنوات إلى 3 قنوات، وتقليص المبلغ المسموح بإدخاله عبر البريد للكانتين من 1200 إلى 400 شيقل وربما يرتفع إلى 600 شيقل هذا الشهر.
هل حركة "فتح" جزء من هذا التحرك الوطني وبخاصة أن الإجراءات العقابية هي بحق أسرى حماس؟
بالتأكيد تبقى "فتح" رائدة العمل الوطني في السجون رغم اختلافنا مع باقي فصائل العمل الوطني والإسلامي فيما يتعلق بالأسلوب والتوقيت، لكننا نعد الخطط والبرامج النضالية لاستنهاض الحالة الوطنية وتبقى المطالب الأساسية من إدارة الاحتلال قائمة وعلى رأسها، ومن أولوياتنا القضايا الوطنية العامة متمثلة، بإنهاء قضية المعزولين، والسماح للممنوعين أمنياً بزيارة ذويهم وتحديداً أسرى غزة، والتعليم الجامعي، وتحسين ظروف الحياة.
ما هي الرسائل التي توجهونها من سجن "عوفر" للخارج؟
رسالتنا الأولى هي للرئيس أبو مازن حيث أننا نقف إلى جانبه ونسانده في توجهه للأمم المتحدة.
أما رسالتنا الثانية فهي لشعبنا العظيم، حيث نظالبه بالتكرم علينا بمساندتنا والوقوف بجانبنا ودعم قضيتنا في كافة المناسبات وعدم الاكتفاء بالحضور الخجول في المناسبات الخاصة بالأسرى.
أما رسالتنا الأخيرة فهي للشعب الإسرائيلي، ونقول لهم نحن ناضلنا من أجل استرداد حقوقنا وحقنا في تقرير المصير وفق قرارات الشرعية الدولية، ونحن أسرى حرية، والحرية حق مضمون للإنسان لكونه إنسان، فكفى للاحتلال وكفى للسجون قاطعة الحرية وكفى لـ"ليبرمان" الداعي لإعدام الأسرى، لأنكم بذلك تعدمون حريتكم والحرية المنشودة لكافة الشعوب.
هل تأملون بالحرية قريباً؟
دون الأمل الحياة مستحيلة، ونحن ننظر لعام 2015 بتفاؤل شديد عله يحمل في طياته بشائر خير وحرية لكافة الأسرى والحرية لأقصانا الأسير.
يشار إلى أن سجن "عوفر" يقع على أراضي بلدة بيتونيا وقرية رافات قرب رام الله، وقد أنشئ هذا السجن في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وبعدها استمر تحت السيطرة الأردنية حتى احتلال باقي أراضي فلسطين التاريخية عام 1967، ومنذ ذلك الوقت وهو يتبع لمصلحة السجون الإسرائيلية.
ويتكون سجن "عوفر" من معسكر لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والمحاكم الإسرائيلية، هذا عدا عن 6 أقسام للأسرى يتسع كل قسم فيها لـ(120 أسيراً)، وهي أقسام (11,12,14,15,16) إضافة إلى قسم 13 المخصص للأسرى الأشبال من هم دون (18 عاماً).