الثلاثاء  19 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يعيش سكان القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات الإسرائيلية؟

2015-04-21 12:59:10 AM
كيف يعيش سكان القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات الإسرائيلية؟
صورة ارشيفية
 
الحدث – رائد أبو بكر
 
منذ عام 1967 والفلسطينيون في الضفة الغربية ما يزالون يعيشون صراعاً مع الاحتلال الإسرائيلي، بل ومحرومون من أبسط متطلبات الحياة الطبيعية في المجالين العملي والإنساني، وأكثر الفئات معاناة هم من قدر لهم العيش قهراً على مقربة من المستوطنات، وجدار الفصل العنصري، والحواجز الإسرائيلية، والأبراج العسكرية.
ففي بعض المناطق الفلسطينية في الضفة، تكاد توجد مستوطنة عند كل ربوة لها طريقها الخاص المؤدي إليها، وهي تحاط بالأسوار ونقاط التفتيش، مما يعيق حركة الفلسطينيين، إما عند سعيهم لكسب عيشهم، أو التواصل العائلي، بينما العنف الذي يتعرضون له من قبل المستوطنين بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي، يثني الكثيرين منهم عن الذهاب إلى أراضيهم لزراعتها، أو لرعي أغنامهم، أو جني محصولهم الزراعي، هذا إن أبقى المستوطنون ما يجنونه أو يكسبونه، عدا عن سرقة الآثار والتاريخ لطمس الهوية الفلسطينية، بالإضافة إلى مضايقتهم من أجل تهجيرهم، كرمي نفايات المستوطنات بالقرب من القرى الفلسطينية.
صحيفة الحدث تستعرض في هذا التقرير، معاناة سكان بعض القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات والجدار، بفعل الممارسات اليومية من مضايقات ومحاولة تهجير وغير ذلك.
بيت اسكاريا وسط تجمع من المستوطنات
قرية بيت اسكاريا الواقعة جنوب غرب بيت لحم، تقع وسط مجمع مستوطنات غوش عتصيون، يحيط بها 12 مستوطنة، بالإضافة إلى كاميرات المراقبة المنصوبة في كل اتجاه، وهذه المعاناة منذ عام 1967، يقول الأهالي أنهم يمنعون من البناء رغم محاولاتهم التوسع وتحدي قرارات الاحتلال، إلا أن كل بيت عليه قرار هدم أو محكمة أو تهديد، مع العلم أن بيوت القرية بسيطة مبنية بالطوب وسقفها الزينكو.
يقول محمد إبراهيم، أحد سكان القرية، هناك جملة من الممنوعات المفروضة على الأهالي من قبل الإحتلال من بينها منع رفع الآذان، فكل مرة يأتي الجيش ويصادر مكبرات الصوت بحجة أن المستوطنين يتضايقون، لكن قام مواطنون بتخبئة المكبرات حيث لا ترى، بينما المأذنة لم تبنى منذ إنشاء المسجد عام 1980.
وتطرق إبراهيم في حديثه الى معاناة سكان بيت اسكاريا خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عندما أغلق الاحتلال القرية ومنع الاهالي من الخروج مدة خمس سنوات، إلا للطوارئ وبتنسيق مسبق، خلال هذه السنوات الخمس خسر أبناء القرية أعوامهم الدراسية، حيث كانوا يتلقون التعليم في مدارس القرى المجاورة، قبل بناء مدرسة أساسية عام 2007، مشيراً إلى أن عدد سكان القرية يبلغ 650 نسمة، يعيشون حياة بسيطة، يعملون في الزراعة وتربية المواشي، مؤكداً على تمسك الأهالي بحقهم في الأرض رغم منغصات الاحتلال.
خرب فلسطينية تعاني من بنية تحتية مدمرة
 لقربها من المستوطنات
هناك العديد من الخرب الفلسطينية بنيتها التحتية مدمرة لقربها من المستوطنات، كخربتي امريحا في جنين وحمام في طولكرم، السكان في الخربتين يعيشون إما في خيام أو في بيوت بسيطة سقفها من الزينكو، ففي امريحا الواقعة جنوب غرب مدينة جنين، يقول رئيس لجنتها محمود حمدوني عاش المواطنون ويلات الهجرة عام 1948 قادمين من قرية سينيريا قضاء حيفا، لتلحقهم ويلات أخرى بقرارات هدم من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1987 و2002 و2004، وآخرها كان عام 2007، وما زالوا حتى اللحظة يعانون من ويلات الاحتلال والمستوطنين القاطنين في مستوطنتي مابودوتان وحرميش القريبتين.
وأشار إلى أن عدم الاعتراف بها من قبل سلطات الاحتلال جعل الحياة في الخربة صعبة للغاية، لا شوارع فيها ولا مدارس، عدا الماء والكهرباء اللتين تم تمديدهما منذ زمن قريب من قبل بلدية يعبد، موضحاً أن منازل سكان الخربة في نظر الاحتلال غير مرخصة، ومهددة بالهدم بقرار عسكري، وجيش الاحتلال يراقب التحرك العمراني للخربة من خلال ما تسمى دائرة التنظيم، أو التصوير الجوي، كون المنطقة تحت السيطرة الإسرائيلية، وبقي من سكانها 400 مواطن من أصل 700.
وتابع حمدوني حديثه وقال، يوميا تسجل انتهاكات من قبل الاحتلال وخاصة المستوطنين الذين يمارسون شرورهم على السكان وخاصة خلال مرورهم على الشارع الرئيس الذي يقطع الخربة من الوسط، ويؤدي إلى المستوطنات القريبة والى حاجز برطعة القريب من الخربة، عدا عن التدريبات العسكرية شبه اليومية حيث يتخوف السكان من تعرضهم للإصابة من رصاصة طائشة أو قذيفة.
أما خربة حمام التابعة لمحافظة طولكرم، فسكانها يعيشون حياة بدائية لا ماء فيها ولا كهرباء، تقع بين مستوطنتي حورميش ومابودوتان، والاحتلال قبل سنوات صادر أكثر من ألفي دونم لتوسعتهما، وأشار رئيس لجنة الخربة ماجد كتانة، أن حياة السكان مليئة بالمخاطرة والتحدي، حتى أن البعض هجر الخربة لأن الحياة فيها أصبحت لا تطاق.
سبع مستوطنات تطوق وادي قانا وتمنع تأهيله
في منطقة وادي قانا الواقعة بين محافظتي سلفيت وقلقيلية، وبالتحديد خربة عيون كفر قرع، يمنع على الأهالي بناء بركسات لمواشيهم، مصدر رزقهم الوحيد، لتبيت في الكهوف، يقول المزارع أبو رائد، "نجول نهارا في وادي قانا لرعي أغنامنا وأبقارنا من خيرات الطبيعة، أما ليلا فنصعد مع المواشي إلى منطقة الكهوف أبيت وأولادي إلى جانبها لحراستها خوفا من سرقتها من قبل المستوطنين الذين يقطنون في سبع مستوطنات تحيط المنطقة من كل الاتجاهات"، وأضاف " يمنعنا الإحتلال من بناء البركسات بحجة أن منطقة وادي قانا محمية طبيعية، في محاولة من الاحتلال إغلاق كل المنافذ أمام المزارعين لترك الأراضي وهجر المنطقة".
وأشار، لم يتوقف المنع عند بناء البركسات بل وصل الأمر إلى منع السكان من الزراعة، عدا عن ما زرع منذ عشرات السنين من حمضيات وأشجار زيتون، والآن لم تعد الزراعة ممكنة لعدة أسباب، منها بسبب كثافة الأشجار في المنطقة بالإضافة إلى أن الحبوب لن تسلم من الخنازير التي انتشرت منذ مجيء الاحتلال إلى المنطقة، متطرقا إلى الاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين والتي لم تتوقف يوما، فكل يوم يستيقظ الأهالي على قصة جديدة إما الاعتداء على الرعاة خلال رعيهم الأغنام وسرقتها، أو تخريب الأشجار، موضحاً أن سكان الخربة رفعوا أكثر من 30 قضية على المستوطنين، لكن لا حياة لمن تنادي، مؤكداً على إصرار السكان في البقاء على الأرض مهما زاد الاحتلال ومستوطنيه من ممارساتهم العدوانية.
مخلفات مصانع المستوطنات بالقرب من القرى الفلسطينية
ومن الممارسات العدوانية من قبل المستوطنين بحق الفلسطينيين، رمي مخلفات المصانع والنفايات بالقرب من القرى الفلسطينية، كما يحدث في قرية نزلة الشيخ زيد في جنين، فمستوطنة شاكيد القريبة من القرية أقيمت عام 1981 على مساحة 360 دونما منها 100 دونم أقيم عليها المنطقة الصناعية التابعة للمستوطنة، والتي تحتوي على 17 مصنعا  للجلود والسجاد والبلاستيك والحديد، يقول عضو المجلس القروي سميح زيد، أن المنطقة الصناعية تلقي مخلفاتها ونفاياتها على الأراضي القريبة من قرية نزلة الشيخ زيد، مما يؤثر سلبا على البيئة وصحة الإنسان، فهناك العشرات من المواطنين يعانون من أمراض عدة أبرزها الضيق في التنفس ومرض السرطان، فقد وصل عدد المصابين إلى 233 مريضاً من بينهم 20 مصابا بسرطان الرئة والجلد والدم، عدا عن الخسائر التي تكبدها المواطنون من تدمير للإنتاج الزراعي والأراضي الرعوية، والتي انحصرت في بضع دونمات يزرع المواطنون فيها التبغ العربي، ويرعون مواشيهم في أراضي القرى المجاورة.
استهداف المواقع الأثرية من قبل المستوطنات والجدار
حسب الإحصائيات المستخرجة من الخرائط والمسوحات من قبل وزارة السياحة والآثار، بلغ عدد المواقع والمعالم الأثرية المنتشرة في الضفة الغربية أكثر من 12 ألف موقع، منها 10 آلاف معلم أثري و2000 موقع طبيعي، 90% من هذه المواقع إما تقع خلف جدار الضم والتوسع أو تحت سيطرة المستوطنين وضمن حدود المستوطنات.
ففي قرية الجلمة شرقي جنين يعتبر بئر حسن موقع أثري منذ آلاف السنين التهمة الجدار، يقول خالد أبو فرحة رئيس مجلس قروي الجلمة إن الاحتلال قام بعدة حفريات في البئر وعثر على آثار كثيرة استخرجه من البئر، لكن لم تعرف ماذا تم استخراجه، والاحتلال خلال الحفريات منع الأهالي من الاقتراب حتى الانتهاء من استخراج الكنز، إن صح التعبير، وذلك في عامي 2002 و2003.
وفي تل دوتان حيث تقام عليه مستوطنة مابودوتان القريبة من بلدة يعبد، فقد تعرض هذا التل إلى حفر ونبش حتى هذه اللحظة، ويمنع على الفلسطينيين الاقتراب منه وإلا سيتعرض للاعتقال، وأشار سليم العارضة أستاذ الجغرافيا أن تل دوتان كنز كبير وثروة فلسطينية عظيمة، والمستوطنون لم يرحموا التل لكثرة الحفريات والنبش بهدف استخراج الكنوز منه.
وفي ذات الوقت، يمنع الاحتلال وزارة السياحة والآثار من تنفيذ أي خطط للعناية بالمواقع الأثرية والتاريخية الواقعة في مناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، كمحمية أم الريحان الواقعة خلف الجدار، والمرشحة بأن تكتسب السمة العالمية كإرث طبيعي.
إحصائيات
يبلغ عدد المستوطنين 576000 مستوطن يتوزعون في 14523 مستوطنة مقامة في الضفة الغربية، وذلك حسب تقرير دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الصادر في نهاية عام 2014.
أما انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بحق المواطنين الفلسطينيين، فقد رصد  مركز المعلومات في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 54 اعتداءا في شهر كانون الثاني من العام الجاري، و44 اعتداءا خلال شهر شباط الماضي، و249 انتهاكا خلال شهر آذار من عام 2015.
 بينما في عام 2014 فقد رصد مركز المعلومات 887 اعتداء نفذه المستوطنون و52 عملية دهس راح ضحيتها 4 شهداء، من بينهم إحراق الطفل المقدسي محمد أبو خضير، بالإضافة إلى محاولات الاختطاف المتكررة بحق الأطفال العزل، عدا عن اعتداءات أخرى من مصادرات للأراضي لتوسعة الاستيطان، واقتلاع الأشجار، وغير ذلك من الانتهاكات، مما يؤكد على الحقد والتطرف الذان يتدفقان في عروق المستوطنين وجيش الاحتلال، وهذا يتطلب لموقف سياسي حازم بنقل هذه الملفات والقضايا إلى محكمة الجنايات الدولية، وموقف آخر شعبي بتشكيل لجان الحماية الشعبية لتصدي ممارسات المستوطنين،  كما كانت خلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت عام 1988، وكانت حينها اللجان تضم المئات من أبناء القرى والمخيمات في ظل الهجمات الإسرائيلية المتواصلة.