الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عن داعش "والداعشية"/ بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2015-04-21 10:36:36 AM
عن داعش
صورة ارشيفية

الشيء  المؤكد أن القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" سوف يتحقق في فترة زمنية على الرغم من التضحيات الكبيرة في الأرواح التي سوف تزهق أثناء ذلك. المعارك التي تدور في محافظات نينوى والأنبار في العراق، وعمليات الجيش السوري في الرقة، وإدلب، وحلب وفي الجنوب السوري وكذلك على أطراف دمشق مثل مخيم اليرموك والحجر الأسود تشير إلى ذلك. قد تختلف التقديرات حول الفترة الزمنية التي سوف تأخذها هذه العملية، هناك تقديرات أن ذلك سوف يتحقق في العام 2015، وهناك من يعطي فترة زمنية أطول، لكن الجميع متفقون أن ذلك سوف يتحقق في نهاية المطاف وتحديداً حيث تدور أشرس المعارك في الأماكن المذكورة أعلاه.
هل يمكن أن يستريح البعض على هذه النتائج المتوقعة أم أن في الأمر أشياء أخرى؟َ!
نتحدث عن ظاهرة في الدول الإسلامية عموماً ولا نتحدث عن حالة سياسية عارضة في هذا القطر أو ذاك، وإذا كان الأمر كذلك فإن الموضوع يخرج عن دائرة الحسم العكري المؤقت في هذا القطر أو ذاك، ولأن هذه الظاهرة أصبحت عالمية في أندونيسيا في الشرق إلى نيجيريا وتشاد في الغرب، فإن معالجة الموضوع وتحقيق تقدم في التخلص من هذه الظواهر الشاذة في التاريخ الإنساني تصبح أكثر تعقيداً وأطول زمنياً.
"داعش" وكذلك "النصرة" وكافة المجموعات التكفيرية ليست حزباً بالمعنى التقليدي للأحزاب السياسية، فهي تفتقد إلى الهرم القيادي من الرأس إلى القاعدة ولا تأتمر بالقواعد الحزبية الهرمية المتعارف عليها، فهي اتجاهات فكرية تقوم على "فكرة" التكفير أولاً والعمل المباشر في التغيير واتباع وسائل القتل ثانياً والوصول إلى "الهدف" ثالثاً، وهو إقامة الخلافة الإسلامية. ما يجمعها هو هذه النقاط، ولذلك فإن فكرة القيادة السياسية المركزية غير موجودة أصلاً وهو لا يرتبط بوجود الشخص القائد أو "الأمير"، ولذلك فإن هذه الظاهرة من التطرف لم تنته بعد عملية اغتيال أسامة بن لادن بل نرى أنها ازدادت كما أنها لن تنتهي إذا تم الوصول إلى أيمن الظواهري أو البغدادي وغيرهم من "الأمراء"، ولا إذا ما تم دحر هذه المجموعات المنتشرة كالفطر في أكثر من بلدٍ عربي أو إسلامي.
نبحث عن أصول الظاهرة منذ قيام حركة "الخوارج" ما بعد الخلاف بين سيدنا علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان حيث إن هذه المجموعة "الإسلامية" قامت بتكفير علي ومعاوية، وربطت بين القول والعمل من حيث أسلوب التغيير، وقد تمكنت من قتل سيدنا علي وفشلت في قتل معاوية. ما يجب ألا يمر مرور الكرام، ما تركه ابن تيمية قبل أكثر من ستمئة عام عندما قام بتكفير كل المجموعات الإسلامية في حينه، وحلل عملية القتل في الوصول إلى الغايات، وهو منبع الفكر السني المتشدد "وما يسمى بالمعتدل"، وهو المصدر الرئيس لانتشار الطائفية بين المدارس الإسلامية. إن متابعة الوصول إلى الفكر التكفيري لا يمكن أن تقفز عما تركه الداعية محمد ابن عبد الوهاب قبل قرنين من الزمن بذات الاتجاه التكفيري لابن تيمية "وما نطلق عليه بالمدرسة الوهابية".
قضايا تتبع ينابيع الفكر التكفيري واتباع أأساليب القتل بقطع الروؤس لكل من يختلف مع أصحاب هذا الفكر هي موضع بحث وتحليل منذ سنوات، لكن المشاهدات اليومية تفيد بأن ممارسة "الداعشية" تتم كل يوم وكل ساعة وهي بين ظهرانينا ونشاهدها في مناهجنا المدرسية وفي سياسة التعبئة التكفيرية بين أبناء الجيل من الأطفال والشباب وفيما يسمى بلجان الدعوة من الرجال والنساء الذين يجوبون بيوت العزاء ويدخلون إلى بيوت الناس مثل "الداعيات" كما نسمعها من بعض رجال الدين في المساجد وهم يكفرون النصارى واليهود ومن سماعات المساجد وبشكل علني، فهم يرفضون كل جديد ومتطور ولا يتحدثون إلا عن بضعة عقود من بواكير الدعوة الإسلامية دون تمعن بالظروف السياسية والاجتماعية وطبيعة الصراعات التي ظهرت في تلك السنوات الأولى.
لا بد هنا من إعلاء قيمة العقل والتفكير المنطقي واستثمار آليات الحداثة لكل جوانب حياتنا حتى يتوقف سيل الدماء وعمليات التدمير الذاتي والخراب الاقتصادي، حتى تتحول خيرات أرضنا وما تحتها إلى أبنائها، وحتى نواجه الأطماع الاستعمارية والتمدد الصهيوني فلا بد وأن نقف وقفة مراجعة، ومواجهة كل عوامل التخريب والدمار، وأن نبني أسلوب عمل يقوم على فهم التاريخ بحركته المتطورة واحترام العقل... حينها يمكن القول أننا قد انتصرنا على "داعش والداعشية". أمر لن يتحقق لعدة سنوات وربما يحتاج لعدة عقود؟!!كأكث