خاص الحدث
تكشف الاتفاقية التي وقعت بين شركة غزة لتوليد الكهرباء وسلطة الطاقة الفلسطينية، والتي وقعت مؤخرا، أن هناك توجها لتحويل المحطة للعمل بالغاز، في محاولة لحل نقص الكهرباء في قطاع غزة عبر ثلاثة مراحل تتمثل في تحويل محطة التوليد من العمل على وقود الديزل الى العمل على الغاز وهو ما تقوم به الشركة حاليا لتكون المحطة جاهزة للعمل على الغاز بمجرد وصوله إلى القطاع.
ومن المهم الإشارة إلى قطـاع غـزة يعاني مـن نقـص حـاد فـي الطاقــة الكهربائيــة حيـث أن القـدرة المتوفرة حاليـاً للقطـاع مـن المصـادر الثـلاث ( شـركة كهربـاء اسـرائيل، محطة التوليـد، ومصـر) تصـل فـي حدهـا الأقصـى الـى 220 ميغا واط تشـكل فقـط 45% مـن احتياجـات القطـاع، مـع العلـم أن الخـط المصـري معطل منـذ بدايـة العـام 2018 وهـو بحاجـة إلـى قـرار سياسـي مـن الحكومـة المصريـة لإعـادة التفعيـل.
التحول إلى الغاز الطبيعي في محطة غزة، بالأساس، كان ضمن استراتيجية الحكومة الخاصة بقطاع الطاقة، والتي تفترض أن السلطة الفلسطينية ستكون قادرة على استغلال الغاز الطبيعي الموجود في بحر غزة من أجل سد احتياجات المحطة، بل وتصدير الغاز بما يضمن وجود دخل إضافي إلى الخزينة العامة. لذلك، وفق هذا الافتراض، فإن تكلفة إنتاج الطاقة ستقلّ بمعدل 30% عندما يتم استخدام الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء بدل الوقود الصناعي.
لكن هذا الافتراض من جانب سلطة الطاقة في خطتها لم يتحقق، وقدرة السلطة على استغلال الغاز الكامن في بحر غزة أصبحت شبه مستحيلة، في ضوء العراقيل الإسرائيلية التي لا زالت تصرّ على منع الفلسطينيين من الاستفادة من حقل الغاز الواقع في المياه الإقليمية لغزة.
ما سبق يعني أن الغاز الذي سيصل إلى محطة توليد الكهرباء في غزة، سيأتي من إسرائيل، وستبقى هي المتحكمة في الأسعار والكميات ولديها القدرة على منع دخوله أو السماح به، وهذا يتناقض نهائيا مع خطة سلطة الطاقة التي تعتبر أنه نظرا للظروف السياسيــة والاقتصاديـة التـي تعانـي منهــا فلســطين، خاصــة ارتفــاع أســعار الكهربــاء المستوردة، إضافــة إلى نــدرة مصــادر الطاقــة التقليديـة وتحكم الاحتلال بقطاع الطاقة الفلسطيني، فإن الحل يكمن في استغلال مصادر الطاقة المتجددة كأحد الحلول المتاحة، لتعويـض النقـص فـي القـدرات المتوفـرة عـلاوة علـى زيـادة نسـبة الطاقة المولدة محليـاً وتقليـل الاعتمــاد علـى المصــادر الخارجيـة وخاصـة إسرائيل.
اللافت أنه رغم الحاجة الماسة للكهرباء في قطاع غزة، والنقص الكبير فيها والذي تصل نسبته إلى 55%، لا زالت سلطة الطاقة تتجه نحو بدائل مرتبطة بشكل أساسي بالاحتلال الإسرائيلي، وتبني افتراضاتها على أهداف لم تتحقق، فلا حقل الغاز تستطيع الاستفادة منه في محطة التوليد، ولا هناك أي توجه نحو تعزيز الطاقة الشمسية التي يُقدّر إنتاجها الحالي في قطاع قطاع غزة حوالي 20 ميغا واط فقط.
في كل مرة واتفاق، يثبت أن سلطة الطاقة تبتعد أكثر عن شعاراتها المتعلقة بمبــدأ الاســتدامة فــي مصــادر الطاقــة مــن خــلال تنويــع مصــادر الطاقــة وتوفير المخـزون الاحتياطي اللازم لضمان الأمــن الطاقــي وبأســعار معقولــة وبخيــارات فنيــة تعــزز الانفــكاك عــن الاحتــلال مــن خــلال زيــادة التوليــد المحلــي.
وخلاصة ما سبق، أن الغاز بالنهاية سيصلنا من إسرائيل وهذا يعزز الارتباط فيها فيما يتعلق بالطاقة، وأن الافتراض الذي بنته سلطة الطاقة حول قدرتها على استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية لم يتحقق، وبالتالي كان من الأولى خلق البدائل أو تعزيز بعضها. لكن ما يجري على أرض الواقع يتناقض مع كل شعارات سلطة الطاقة، التي تفعل عكس ما تقول.