الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

موظف صابر ولاجئ يطارد / بقلم: سامي سرحان

2015-04-21 11:37:42 AM
 موظف صابر ولاجئ يطارد / بقلم: سامي سرحان
صورة ارشيفية
 
يستحق الموظف في السلطة الوطنية الفلسطينية كل تقدير واحترام لصبره وصموده وتدبير أموره الحياتية بـ60% من راتبه الشهري لخمسة أشهر متواصلة دون أن يشكو حالة العوز أو يتظاهر حتى استقرت الأمور وعادت إلى طبيعتها أو هي تكاد تعود، فيتقاضى الموظف كامل راتبه وجزءاً أو كل المستحقات المتخلفة له في ذمة وزارة المالية عن الأشهر العجاف السابقة.
صبر الموظف وصموده جاء على قاعدة تحدي الاحتلال الاسرائيلي وإسناداً لقرار القيادة السياسية الفلسطينية بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم التي ارتكبوها والتي سترتكب بحق الشعب الفلسطيني خاصة في مجال الاستيطان والحرب الأخيرة على غزة.
لم يتذمر "الموظف في السلطة" عندما رفضت السلطة استلام عائدات الضرائب مع خصم ثلث العائدات رغم ظروفه الصعبة.
معركة رمزية هامة ربحها الفلسطينيون بإصرارهم وعزيمتهم على الصمود في وجه الاحتلال تتطلب إصراراً من السلطة على ملاحقة المحتل الإسرائيلي في كل المحافل والهيئات الدولية على جرائمه التي لا تتوقف منذ أن نشأت دولة إسرائيل.
إن استمرار الاحتلال جريمة ضد الإنسانية، وهدم بيوت المواطنين جريمة ضد الإنسانية، ومصادرة ممتلكات المواطنين وإطلاق النار عليهم وقصف أحيائهم ومدارسهم ومستشفياتهم وأبراجهم هي جرائم ضد الإنسانية لا يجب أن يفلت مرتكبو هذه الجرائم الموثقة من العقاب.
والمتابع لما يجري من قتل ودمار وتهجير لسكان اليرموك على أيدي "داعش" وغيرها من القوى يتذكر على الفور الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، فقد دمر المخيم كما دمرت مخيمات وبلدات القطاع وهام الفلسطينيون من أطفال ونساء وشيوخ على وجوههم في العراء يقتاتون من نبات الأرض وعلى ما يقدم إليهم من مساعدات.
لقد هب أهل الضفة عن بكرة أبيهم لنصرة غزة أثناء المحنة، فقدموا المال والطعام والغذاء والكساء والماء، وهم اليوم وأهل غزة مطالبون بوقفة تضامنية وإسناد لمخيم اليرموك بالمال والغذاء والكساء لمن تبقى من أهل المخيم صامداً فيه ولإعادة إعماره وإعادة سكانه الذين اضطروا إلى مغادرته تحت القصف العشوائي.
إن مخيم اليرموك مثل في الماضي رمزا للصمود الفلسطيني وعاصمة للفلسطينيين في الشتات وفيه يرقد القائد أبو جهاد وآلاف شهداء الثورة الفلسطينية، وما يجري للمخيم الذي زاد عدد سكانه من الفلسطينيين عن 180 ألف فلسطيني، ولم يتبق فيه أكثر من 18 ألفا أي عشر سكانه، يكشف عمق المؤامرة ضد القضية الفلسطينية وبالتحديد ضد اللاجئين وقضيتهم، فهذا التجمع الضخم من اللاجئين في مخيم اليرموك يذكر المجتمع الدولي بمأساة الشعب الفلسطيني المتكررة منذ العام 1948 عندما هجر من وطنه وشرد في بقاع الدنيا يعيش في الخيام وفي بيوت الصفيح.
ليس من حل لقضية مخيم اليرموك ومأساة سكانه وللمخيمات المتناثرة في الدول العربية سوى بحل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار الأممي رقم 194، فلا مأوى للاجئ الفلسطيني سوى في وطنه الذي شرد منه.
واستذكار ما جرى للمخيمات منذ النكبة وحتى اليوم يؤكد ضرورة حل قضية اللاجئين، ففي عام 1967 وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية هجر سكان مخيم عقبة جبر وخيم عين السلطان ومخيم النويعمة ومخيم الفارعة، وأفرغت المخيمات الأخرى جزئيا من لاجئيها. وفي أحداث أيلول ذاقت مخيمات الوحدات والحسين الويلات وفي الحرب الأهلية اللبنانية أزيل مخيم تل الزعتر من الوجود وفتك بأهله كما فتك بسكان مخيم ضبيبة، وارتكبت إسرائيل وعملائها في مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982 أبشع جرائم العصر التي لا تنسى، وفي عام 1985 حوصرت مخيمات بيروت صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة حتى أكل ساكنوها لحم القطط والكلاب.
وفي الحرب الأمريكية على العراق طرد الفلسطينيين اللاجئيين من أماكن تجمعاتهم إلى الحدود العراقية السورية الأردنية، وتركوا في العراء شهودا لا يقبل باستقبالهم أحد، حتى وطنهم منع عليهم دخوله.
ولا تحل اليوم قضية مخيم اليرموك بمجرد التبرع لهم بيوم عمل من الموظفين ويحمله تبرعات في المساجد والأندية والتلفزيونات. وإنما بحل سياسي لمجمل قضية اللاجئين بالعودة إلى ديارهم ليعيشوا هم وأبنائهم في طمأنينة وهدوء.
فهل يعي بنيامين نتنياهو والمجتمع الإسرائيلي والمجتمع الدولي أبعاد قضية اللاجئين ويضعوها على رأس قائمة قضايا الحل النهائي.