الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإسرائيليون ينتخبون... والفلسطينيون يتحسرون| بقلم: نبيل عمرو

2022-07-05 01:47:05 PM
الإسرائيليون ينتخبون... والفلسطينيون يتحسرون| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

يتابع الفلسطينيون الانتخابات الإسرائيلية بعد أن ألغيت انتخاباتهم العامة، وهذه المتابعة لا تنطوي على فضول بل لأن الأمر متصل بحجم وانتشار المؤثر الإسرائيلي في حياتهم من كل جوانبها.

فأينما يتجه الفلسطيني يجد إسرائيل أمامه وليس الأمر متعلقا فقط بالاحتلال الجاثم على الصدور منذ عقود طويلة، ولا بمجرد الاستيطان الذي نهب وما يزال كثيرا من الأرض الفلسطينية الضيقة أساسا، وإنما بلقمة العيش التي تتحكم إسرائيل بمصدرها ومستواها وبالحركة التي بلغت حد صعوبة الانتقال من قرية إلى القرية المجاورة، أو من حي إلى حي آخر في المدينة الواحدة. وبالنزف اليومي للدم الذي قلما مر يوم دون أن تسير في الشارع الفلسطيني جنازة شهيد أو بحصار يغلق غزة من البر والبحر والجو.

بفعل ذلك كله لا تبدو الحياة السياسية في إسرائيل بالنسبة للفلسطينيين كما هي بالنسبة لأي بلد آخر، بل هي شأن داخلي تتحكم تطوراته بتفاصيل ومساحات الحركة والحياة.

الفلسطينيون إذا يتابعون الانتخابات الإسرائيلية كما لو أنها تجري في مجتمعهم ويتعاملون معها بتحديد أفضليات يرغبون بها والمقياس لذلك ثابت لا يتغير وهو كيف ستتعامل الجهة الفائزة في إسرائيل مع الفلسطينيين وتحديدا مع حقوقهم الأساسية وعنوانها ومضمونها الحرية والاستقلال.

الانتخابات الخامسة التي ستجري بعد أشهر قليلة سقفها التعادل بين ائتلافين يتصارعان على تجاوز الحاجز 61، وإذا ما كسر هذا التعادل ولو بصوت واحد، تولد في إسرائيل حكومة يقودها لبيد أو حكومة يقودها نتنياهو.

حكومة لبيد ستكون نسخة طبق الأصل عن حكومة بينيت، إذا ما تواصل طرح شعار "إلا بيبي" كبرنامج لها.

أما حكومة نتنياهو فسوف تكون أكثر وضوحا في تنفيذ السياسات اليمينية إضافة إلى أنها ستتخذ سلسلة من انتقامات رئيسها من كل الذين أسسوا شركة الإطاحة به، بما في ذلك ممثلي العرب الذين كان لهم دور مفصلي في إقصائه وتتويج بديله ولو بصورة مؤقتة.

من الآن وإلى أن تحسم الأمور بعبور حاجز الواحد والستين، سنتفرج على معركة انتخابية تتميز بالاقتتال الشرس على الصوت الواحد والمقعد الواحد، وإذا ما نظر للأمر من زاوية قائدي المعسكرين المتعادلين أو الذي سيتفوق على الآخر بصوت أو أكثر، فإن الفرق بينهما تجاه الفلسطينيين لن يكون كبيرا حد البناء عليه.

لبيد سيتحدث بلغة أكثر طراوة من لغة نتنياهو وسيمضي الأشهر التي ستسبق الانتخابات في عملية تدرب على رئاسة الوزراء، داخليا بالحفاظ على الائتلاف المتداعي الذي أتى به إلى الموقع، وخارجيا بسلسلة زيارات سيبدأها بفرنسا، مع محاولته الاستفادة للحد الأقصى من استقباله لبايدن وإجراء المحادثات معه.

أما خصمه نتنياهو فهو ليس بحاجة للتدرب بعد سنوات طويلة من الاحتراف، غير أنه وهو يدرك بأنه يخوض معركته الأخيرة سوف يستميت في السعي وراء الرقم السحري الواحد والستين حتى لو بلغ به الأمر حد تقبيل ارجل أهل النقب من العرب كي يمنحوه المقعد المنشود.

الفلسطينيون الذين حرموا أنفسهم من الانتخابات العامة، ينظرون بحسرة إلى الانتخابات الإسرائيلية الخامسة التي تجري في أقل من أربع سنوات، ليس إعجابا بديمقراطية الخصم التي لا تستحق الإعجاب، ما دامت مقترنة بالاحتلال والعنصرية وإنما لأن الشعب الفلسطيني الأكثر احتياجا للانتخابات والذي أداها مرتين وكانت مثار إعجاب العالم، فُرض عليه ومن قبل طبقته السياسية المتحكمة والمتشبثة أن يسقط هذا الخيار لمصلحة غموض يثير القلق في الحاضر والرعب على المستقبل.