رولا سرحان
قبل ثلاثة أيام لبيتُ دعوة وجهت لنا في صحيفة الحدث للمشاركة في ورشة عمل حول الريادة وتشغيل الشباب في فلسطين، شارك فيها عدد من الخبراء من فلسطين ومن دول عربية مختلفة نظمت في عمان، هدفها بالأساس تأطير عمل الريادية في فلسطين وتطويره ليكون قشة النجاة للاقتصاد الفلسطيني من خلال المساهمة في حل مشكلة البطالة في صفوف الشباب. ناقشنا وتحدثنا وخرجنا بتوصيات، سيتم رفعها لأولي الأمر كي يتم تنفيذها والإعلان عنها قريباً.
"الريادة" هي "الموضة" الجديدة التي بدأت تجتاح الشرق الأوسط كما فلسطين كحل لمشكلات المنطقة، وهي شبيهة بتفشي ظاهرة الحوكمة وبرامج التنمية والديموقراطية وحقوق الإنسان التي أُطلقت في المنطقة قبل حوالي 15 عاماً، لإنقاذ الشعوب العربية من "حكام السوء" ومن "منظومات الفساد" المستشرية في العالم العربي، والتي فشلت في أغلبها لأنها كانت مفروضة بأجندات غربية خارجية، فظهرت تلك الفجوة بين الشعوب وبين مفاهيم الديموقراطية حتى وصلنا إلى "الربيع العربي" بلا ديموقراطية وبلا شعوب قادرة على تطبيق الديموقراطية.
وهذه الإشكالية هي ذاتها التي تعاني منها برامج الريادية في أنحاء مختلفة من العالم العربي وفي فلسطين، لأن تطبيقها يأتي في الغالب استجابة لبرامج تمويلية خارجية تضخ لدعم الشباب الريادي دون دراسة واعية لاحتياجات السوق المحلي من القطاعات التي هي بحاجة لتركيز في التطوير والتنمية ولتمهير أصحابها. يضاف إلى ذلك، برامج الريادية التي يطلقها القطاع الخاص الفلسطيني، والتي تنتهي غالباً بمراسم احتفالية دون إيمان جدي بأهمية الاستثمار مع الريادي في أفكاره حتى تنجح؛ فتموت الأفكار في مهدها أو أنها إذا انطلقت فإنها تفشل في الديمومة والاستمرارية في السوق.
الريادة ليست شيئاً سهلاً، لا من حيث الاستثمار الصحيح فيها، ولا من حيث طول النفس لإنجاحها، الريادة بحاجة لتدمير شامل للمنظومة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والاستثمارية في فلسطين، لخلق البيئة الصحية الحاضنة لها وإعادة بناء تلك المنظومة على أسس تحفز الريادية والفكر الإبداعي والحر. ولا شك أن علينا أن نبدأ هذا التدمير البناء من مكان كي لا تفشل جهود الريادية كما فشلت جهود الديموقراطية.