الحدث- سوار عبد ربه
تصادف اليوم الذكرى الخامسة لمعركة البوابات الإلكترونية التي خاضها المقدسيون في الرابع عشر من تموز 2017، بعدما أغلق الاحتلال المسجد الأقصى وبوابات البلدة القديمة ومنع إقامة صلاة الجمعة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ احتلال القدس عام 1967.
وفي حينها، عملت قوات الاحتلال على التضييق على المصلين والمارة، كما أغلقت ساحة باب العامود المتنفس الأكبر بالنسبة للمقدسيين، وشنت حملة اعتقالات واسعة بحق الأهالي المتضامنين مع أحياء العاصمة المعرضة للهدم والتهجير القسري.
وفي ذكرى الانتصار الخامسة قال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات لـ"صحيفة الحدث": "هذه الهبة أثبتت أن من يمتلك القدرة والإرادة على الصمود والبقاء يستطيع أن يحقق الإنجاز والانتصار، وهي واحدة من الهبات التي سجل فيها المقدسيون بتلاحمهم وتماسكهم نصرا مستحقا".
وأوضح عبيدات، أن "تلك الهبة ارتبطت بالمسجد الأقصى الذي يعتبر من الخطوط الحمراء لكل أبناء شعبنا، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية، لما له من رمزية دينية وعربية وحضارية وإنسانية، بالنسبة للفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية".
وفي الرابع عشر من تموز 2017، رفض المقدسيون قرارات الاحتلال، فأقاموا الصلوات في الشوارع المحيطة بالأقصى، بالإضافة إلى الاعتصامات المتتالية التي نظموها، وسط انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق المعتصمين، إذ اعتقلت قوات الاحتلال في اليوم التالي نحو 60 مواطنا، من بينهم نشطاء وموظفون يتبعون لدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس.
وأكد عبيدات في مقابلة سابقة مع "صحيفة الحدث" أن المقدسيين استطاعوا أن ينتصروا في المعارك اللاحقة كمعركة مصلى باب الرحمة بين عامي 2018 و2019، كما حققوا انتصارا في الهبات الشعبية التي انطلقت في نيسان وأيار عام 2021، سواء عند محاولة العبث بباب العامود والمسجد الأقصى أو أثناء عمليات التطهير العرقي بحق أهالي الشيخ جراح.
وشدد عبيدات على أن العمل بشكل جماعي وميداني قادر على أن يلحق الهزيمة بالاحتلال مهما كان مدججا بالسلاح، مشيرا إلى أن هذا يتطلب إرادة سياسية على المستوى الرسمي، تتناغم مع الحالة الشعبية الفلسطينية لا أن تشكل نقيضا لها.
وتابع: "هذا الانتصار المستحق تحقق من خلال الوحدة وكذلك بالإسناد من أهالينا في الداخل الفلسطيني المحتل، إذ نفذ آنذاك ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم عملية إطلاق نار في المسجد الأقصى أسفرت عن مقتل عنصرين من الشرطة الإسرائيلية وجرح آخر، قبل ارتقائهم شهداء.
وفي 25 تموز 2017 رضخ المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) لإزالة البوابات الإلكترونية من أمام مداخل المسجد الأقصى، واضعا إجراءات أمنية تكنولوجية متطورة، لكن المقدسيين رفضوا دخول الأقصى حتى عودة الأوضاع لما كانت عليه قبل الهبة، وفي 27 تموز قرر الاحتلال إزالة جميع العراقيل وكاميرات المراقبة التي وضعها عند مداخل المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس.
ولمدينة القدس دور هام في إطلاق الهبات والاحتجاجات في أنحاء فلسطين، خاصة بعد عام 2014 عقب حادثة اختطاف الطفل محمد أبو خضير وإحراقه على أيدي مستوطنين، الأمر الذي دفع باتجاه اندلاع هبة شعبية في القدس انتهت بحرب إسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما شكل مرحلة مفصلية في شكل الاستهداف الإسرائيلي لمدينة القدس.
وحول هذا الدور قال الباحث في جمعية الدراسات العربية مازن الجعبري لـ"صحيفة الحدث"، إن السبب في ذلك يعود للرمزية والمكانة التي تشكلها مدينة القدس التي يتوسطها المسجد الأقصى، في وجدان الشعب الفلسطيني ما يجعلهما مؤشرا مهما ومركزيا في كل قضايا الشعب الفلسطيني الذي ينظر لهذا المكان بشكل مقدس، والذين يرتبطون بشكل كبير في هذا المكان، بالإضافة إلى شعورهم أن قضية فلسطين يمثلها المسجد الأقصى، والاعتداء عليه هو آخر القلاع التي يدافع عنها الفلسطينيون طوال الوقت، فهذا الخط المستقيم من ثورة البراق عام 1929 وتسلسل كل الأحداث كلها كانت بسبب القدس.