الأربعاء  25 أيلول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حين تقتل إسرائيل براءة الطفولة على "الأرجوحة"

2014-07-15 11:57:14 PM
حين تقتل إسرائيل براءة الطفولة على
صورة ارشيفية

 الحدث-غزة

ضم الأب عمر أحمد شيخ العيد (27 عامًا)، طفلتيه سارة (3 أعوام)، ويارا (عام ونصف)، بعد عودته من أداء صلاة التراويح، وأمسك بيد سارة وخرج للجلوس في استراحة تقع بجوار منزله في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتجتمع بها عائلته لقضاء سهرة جميلة كل يوم.
وجلس عمر وشقيقه جهاد (33 عامًا)، على الأرض، بينما ذهبت طفلته سارة مسرعة للعب على "أرجوحة" تبعد لأمتار عدة داخل الاستراحة المغطاة بالقش، وكان الأبُ سعيدًا برؤية طفلته فرحة، لكنه لم يعلم بأن لحظات الفرح هذه سيُنهيها صاروخ استطلاع إسرائيلي، ويفرقهم للأبد.
ونهض الأب ليداعب طفلته سارة على "الأرجوحة" وهي فرحة، وبشكلٍ مفاجئ سقط صاروخ من طائرة إسرائيلية "بدون طيار" على "الأرجوحة"، ليخطف براءة الطفولة، ويفتت جسدها وجسد والدها، ويفرق الجمع، ويدمر المكان، ويحرق الاستراحة، ويقضي على الحياة..!!
وسمع محمد شيخ العيد (23 عامًا)، شقيق المستهدفين صوت الانفجار، واعتقد بأنه بعيد عن منزلهم، لأن تلك الانفجارات تُسمع في كل لحظة وفي كافة المناطق، حتى سمع صوتًا بالشارع المجاور لمنزلهم، وقال بصوتٍ عالِ: "منزل عمر قصفوه.. منزل عمر قصفوه".
وهرع محمد كما يروي لمراسل "الأناضول"، إلى مكان القصف مسرعًا، والنيران مشتعلة بالاستراحة، والدخان وغبار القصف كثيف ويغطي المكان، الأمر الذي منعه من الوصول إلى الداخل، للبحث عن أشقائه وابنة شقيقه.
ووقف يتفحص المكان بعينيه فوجد "سارة" ملقاة أسفل "الأرجوحة" المتفحمة، وملابسها محترقة وممزقة والشظايا نخرت جسدها، فتوجه صوبها مسرعًا وحملها بيديه باكيًا وسلم جثمانها لأحد أقربائه الذين وصلوا إلى المكان، ومن وسط النيران شاهد شقيقه جهاد يحترق وملابسه ممزقة وبترت بعض أطرافه.
ودفع حب محمد الشديد لأشقائه إلى المخاطرة بحياته والدخول إلى الاستراحة من وسط النيران ليخرج بعد دقائق حاملاً شقيقه، ليسلمه إلى أقاربه الذين هرعوا للمكان، قبل عودته للبحث عن شقيقه عمر.
وبعد لحظات، شاهد محمد شقيقه عمر وسط النيران، وملابسه قد احترقت وبترت أطراف من جسده هو الآخر، فخاطر بحياته مُجددًا وسط النيران وسحبه مسافة محدود.
وخرج الشاب الشيخ عيد من النيران مُجددًا، بعدما احترق جزء من يديه وقدميه، وبعد ثوانٍ عاد مُجددًا ليُكمل سحب شقيقه إلى خارج النيران التي كانت لا تزال تلتهم جسده، إلى أن نجح بإخراجه، ونقله لسيارة الإسعاف التي وصلت إلى المكان.
ويقول محمد: "صلينا في المسجد المجاور العشاء والتراويح، وعدنا للمنزل وسط خوف شديد من أن تستهدفنا طائرات (بدون طيار) التي تتبع كل جسم مُتحرك، وما أن وصلنا إلى البيت ذهب جهاد وعمر وابنته سارة لاستراحة نجتمع بها كل ليلة بجوار منزل عمر، وكنت سألحق بهم".
ويضيف: "حدث الانفجار، وكان للأسف القصف مباشرًا عليهم، وارتقوا جميعًا شهداء، دون أي سبب أو ذنب اقترفوه، فكانوا جالسين داخل الاستراحة، في مكان مدني بامتياز، ولا يوجد به أي عمل عسكري يتبع لأي تنظيم فلسطيني ولم تنطلق منه أي صواريخ..".
ويشعر شيخ العيد بالأسى والحزن لما حدث مع شقيقيه، فلم يتوقع يومًا أن يتم قصف الأبرياء، ويقول: "شقيقاي استشهدا وتركا خلفهما أطفالاً، فعمر بقيت له طفلة وهي يارا وعمرها عام ونصف، وجهاد لديه 5 أطفال ابنتان وثلاثة أولاد أكبرهم لا يتعدى 12 عامًا".
ولم يكن وقع خبر مقتل عمر وجهاد بالسهل على والدتهما وزوجتيهما، اللواتي نُقلنّ إلى المستشفى بعد إصابتهم بحالات إغماء غير مُدركات لما حدث، ويبكين بحرقة فراقهما، وأطفالهنّ يصرخون بشكلٍ مؤلم ومحزن جدًا، وأمسكت بعض النسوة بكل واحد منهم، خلال إلقاء نظرة الوداع عليهم قبل أن ينقلوا إلى مثواهم الأخير.
وتعالت صيحات الزوجات والأم، ولحقوا بجثث الضحايا بعد انتهاء لحظات إلقاء نظرة الوداع عليهم قبل أن يسقط بعضهم على الأرض مغشيًا عليه، وألسنتهم تنطق "حسبي الله ونعم الوكيل.. يالله.. يا حبايبي..".
أما الأطفال فلم يتوقفوا عن الصراخ والبكاء على آبائهم تارة وهم يمسكون بجسدهما، وتارة على والداتهم اللواتي سقطن مغشيًا عليهنّ حزناً على فراق أزواجهم، والنساء من حولهم يبكين بشدة، ويصرخن بكلمات غاضبة مستنكرات للجريمة البشعة بحق العائلة.
 
المصدر ( الأناضول)