الحدث الثقافي - ثقافات
يحدث المشهد داخل غرفة، على اليسار منها يقف ثور واسع العين فوق امرأة حزينة تقبض على جسد طفل، حصان متألم، جندي ميت في إشارة إلى الهزيمة، امرأة تحمل فانوسا وتراقب المشهد من النافذة، خناجر بدلا من الألسنة لكل من الحصان والثور والمرأة، تلك هي عناصر الجدارية الشهيرة للإسباني بيكاسو، المعروفة بـ جدارية "جيرنكا".
تعد لوحة "جيرنيكا" للفنان بيكاسو من أشهر اللوحات في العالم، لما تحمله في طياتها من تخليد للمأساة التي حلت بالشعب الإسباني جراء القصف الذي تعرضت له مدينة جيرنكا من طرف طائرات حربية ألمانية وإيطالية في 27/4/1937.
لم يكن بيكاسو سياسيا، ولم تحظ لوحته التي أصبحت اليوم بيانا عالميا حول المعاناة الإنسانية في مواجهة العنف السياسي بردود فعل تذكر بداية رسمها، فبينما كان بيكاسو جالسا في باريس، هاربا من الحرب ومشكلاته الشخصية غارقا في ملذات الحياة، جاء إليه الشاعر الإسباني خوان لاريا وأقنعه بطلب الحكومة الإسبانية له بإنشاء جدارية كبيرة للجناح الإسباني في معرض باريس العالمي عام 1937 للتعبير عن مدينة المدينة التي دمرت تماما، فكانت الجدارية خلال 35 يوما.
بيكاسو لم يكن شاهدا على الحرب، حتى أنه لم يكن متأكدا من شكل المدينة التي دمرت، فاستعان بالصحف الفرنسية وشاهد الصور الكارثية، ولم يستطع إخراجها من رأسه، فكانت النتيجة واحدة من أعظم اللوحات الفنية الإنسانية في تاريخ البشرية ومذكرا دائما في مآسي الحروب.