الحدث- محمد غفري
أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين وذوي الاختصاص، أن الوضع السياسي الذي تمر به السلطة الفلسطينية أثر بشكل كبير في تنفيذ موازنة العام المنصرم ووضع موازنة العام الجاري، التي لا تعكس ثمن المصالحة الفلسطينية، لأنه لا يوجد فيها زيادة للنفقات، لكنها عرجت على قضية إعادة إعمار غزة بشكل مخطط.
جاء ذلك خلال ندوة عقدت ظهر اليوم الأربعاء في رام الله، بتنظيم من معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، حول تقييم موازنة السلطة الفلسطينية للعام 2014، ومتغيرات السياسة في موازنة 2015.
وتحدث مدير قسم البحوث في معهد "ماس" سمير عبد الله في مستهل الجلسة، حول بعض الأرقام والتفاصيل في الورقة البحثية التي أعدها المعهد.
وشدد عبد الله على ضرورة مقارنة ما هو مخطط وما تم تحقيقه في موازة عام 2014، حتى نرى مدى سلامة تلك الموازنة.
وقال إن الموازنة المالية التي أعدتها الحكومة الفلسطينية، لا تعكس ثمن المصالحة، لأنه لا يوجد زيادة في النفقات، مؤكدا أن الهامش في السلطة بات محدودا فيما يتعلق بوضع الموازنة المالية بسبب الوضع الراهن الذي تمر به.
وتظهر الورقة البحثية التي أعدها معهد ماس، أن إعداد موازنة عام 2015 جاء في ظل معطيات سياسية واقتصادية محلية وإقليمية معقدة وصعبة، انعكست سلبا على الواقع الاقتصادي والمالي في الأراضي الفلسطينية، فقد تعطلت المفاوضات ولجئنا إلى مجلس الأمن والانضمام إلى المواثيق والمعاهدات الدولية، الأمر الذي ردت عليه إسرائيل بحجز العائدات الضريبية كما قام بعض المانحين بوقف وتقليص المساعدات للسلطة والمماطلة في دفع التزاماتهم، كذلك وقعت حرب غزة وغيرها من المتغيرات.
وأدى ذلك كله إلى حدوث انكماش في النمو الاقتصادي في عام 2014، حيث هبط الناتج المحلي الحقيقي إلى 1%، وتراجع الناتج المحلي بنحو 15% في غزة بينما ارتفع بمقدار 4.5% في الضفة الغربية مع حدوث هبوط حاد في الربع الثالث من العام المنصرم.
من جانبه، قال عميد كلية الأعمال والاقتصاد في جامعة بيرزيت يوسف داوود، إن الحكومة الفلسطينية لا تتعلم من أخطاء الماضي، لأن الايرادات دائما فيها بالسالب.
وتحدث داوود عن التحسن الذي طرأ على نظام التحصيل الضريبي الذي تقوم به السلطة، وخصوصا ما يتعلق بالعائدات الضريبية التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة، وعزى ذلك إلى التحسن في نظام المحاسبة المعمول به، مؤكدا ضرورة حصول التحسن الجذري فيها.
وفي هذا السياق، أكد داوود أن تحسن التحصيل الضريبي، يجب ألا يتبعه رفع في قيمة الضرائب والعبئ الضريبي على المواطن، لأن تحسن الكفاءة لا يعني رفع الرسوم.
من جهته، قال رئيس مجلس سوق التجارة الفلسطيني "بال تريد" إبراهيم برهم، إن ما يهم القطاع الخاص هو أن تكون الحكومة مستقرة، وتكون الموازنة المالية سليمة حتى تلبي الالتزامات المطلوبة منها، مؤكدا أن نسبة النمو كانت بالسالب خلال آخر عامين وهو أمر مقلق لهم كقطاع خاص يعمل في البلد.
وأوضح برهم أن نظام تحصيل المقاصة من إسرائيل، ليس بالنظام السليم وإن حصل عليه بعض التحسين في الآونة الأخيرة خصوصا في آخر عامين، ويعزي ذلك إلى كون نظام التحصيل قائم على أساس ما يقدم من القطاع الخاص لوزارة المالية وهو بذلك نظام ظالم لنا كفلسطينيين.
وتابع برهم، أن الحكومة الفلسطينية لا تملك القدرة على التدخل المباشر في الوضع الاقتصادي، لأنها تستطيع أن تتحكم في الضرائب لكن لا سلطة لها على أشياء أخرى، كالعملة مثلاً، ووضع الموازنة المالية يكون بناء على حجم التحصيل الضريبي.
ومن أجل زيادة الإيرادات للحكومة، أكد برهم ضرورة زيادة المشاريع التطويرة والانفاق عليها، لما لها من أهمية من تقليل نسبة البطالة وتحسين نسبة التصدير ورفع الايرادات المحلية.
وفرق برهم بين زيادة نسبة الضريبة وقدرتها على رفع قيمة الإيرادات، وبين الانفاق على المشاريع التطويرة وقدرتها المضاعفة في تحسين الايرادات إذا ما قورنت مع رفع قيمة الضريبة.
وعلى الجانب الآخر، تحدث مدير عام الموازنة المالية في وزارة المالية فريد غنام، "بشيء من التوضيح حول أهم الأرقام التي جاءت في الموازنة".
وقال غنام إنه بناء على القانون الفلسطيني، يجب تقديم موازنة مالية مع نهاية كل عام وكحد أقصى مسموح لغاية ثلاثة شهور، لكن حجز إسرائيل للعائدات الضريبة وما تمثله من 70% من حجم الإيرادات لصندوق السلطة، دفعنا لوضع ميزانية الطوارئ.
وأوضح غنام أن ميزانية الطوارئ لم توضع على أساس كم تحتاج كل وزارة بشكل دقيق، وإنما بناء على حجم ما تحتاج الحكومة من نفقات بشكل عام.
وأكد أنه تم التطرق إلى قضية إعادة اعمار غزة، وتم تخصيص مبلغ 800 مليون دولار لهذا الشأن من موازنة عام 2015، وبحساب حاجة غزة لثلاث سنوات اعمار بناء على خطة إعادة الاعمار، يتم وضع 800 مليون دولار لكل
عام، وبالتالي نصل إلى المبلغ المطلوب، على افتراض وفاء المانحين والجهات المتعهدة بالتزاماتها.
أما على صعيد المشاريع التطويرة، أكد أهمية هذه المشاريع لذلك وضعت الحكومة لها ميزانية 300 مليون دولار يتم توفيرها من قبل الجهات المانحة، و20 مليون مساهمة من خزينة السلطة.
واستطرد غنام، "تم عرض هذه الموازنة واقرارها من قبل مجلس حكومة التوافق الوطني، ومن ثم عرضت على القوائم البرلمانية في المجلس التشريعي والتوقيع عليها، ثم عرضت على الرئيس محمود عباس الذي صادق عليها وتم اعتماداها".