سامي سرحان
الجديد الذي يمكن أن يسجل على جولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المرتقبة ما تناقلته مصادر إسرائيلية من استعدادات لعقد اجتماع مشترك يجمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللذين لم يلتقيا منذ فترة، وكان الرئيس عباس قد أعلن منذ فترة قريبة أنه لا يمانع في عقد مثل هذا اللقاء إذا كان هناك جديد للتباحث فيه وإقراره بدفع عملية السلام قدما. والجديد الثاني، أن الملك عبد الله الثاني سوف يستضيف في مدينة العقبة الأردنية قريباً لقاء يجمعه والرئيس عباس والوزير كيري ورئيس الوزراء نتنياهو. والجديد الثالث، أن الوزير كيري يعكف حالياً على صياغة وثيقة تفاهمات إسرائيلية- فلسطينية تمهيداً لعرضها على الجانبين نهاية الشهر الجاري. وهي أول مرة يجري الحديث فيها عن وثيقة مكتوبة تفصيلية ستقدم للطرفين بعد أن تخلف الوزير كيري عن تسليم الجانب الفلسطيني مثل هذه الوثيقة لتقديمها لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية الأخير.
فحوى هذه الوثيقة، بدأ يتسرب من أوساط إسرائيلية مسؤولة تبدي ضيقها منها ورفضها لها، وتقلل من شأنها فهي ستتضمن أفكاراً عامة تكتنفها الضبابية حول الترتيبات الأمنية في الأغوار وقضية القدس واللاجئين والحدود. غير أن المدقق في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين يصل إلى خلاصة مفادها أن صياغة كيري لوثيقة التفاهمات محدودة وتفصيلية بعيدة عن العمومية والغموض وهو أمر أثار حفيظة هؤلاء المسؤولين الذين تناولوا الوزير كيري والإدارة الأمريكية بالتجريح الشخصي والجهل السياسي، فوصف وزير الجيش الإسرائيلي موشي يعلون كيري بتبشيري مسيحي مهووس تجاوز السبعين يلهث وراء نيل جائز نوبل للسلام. الأمر الذي أدى إلى إحراج القيادة الإسرائيلية، وإحراجه شخصياً وأضطره إلى تقديم اعتذار واضح بعد أن وصفت الإدارة الأمريكية هذه التصريحات بالعدائية وفي غير محلها. غير أن أيلون عاد مجدداً وانتقد الإدارة الأمريكية هذه المرة بسبب مقترحاتها المتعلقة بالأمن في غور الأردن. وقال إن الطائرات بدون طيار والأجهزة الإلكترونية لا يمكنها أن تشكل بديلاً لتواجد الجيش الإسرائيلي للحفاظ على أمن إسرائيل، ولا يمكن الاعتماد على طرف ثالث ليفي بهذا الغرض، وعليه يجب على إسرائيل التمسك بزمام الأمور الأمنية في الغور لفترة طويلة. ويوافق أيلون على إدخال وسائل تكنولوجية لمساعدة الجيش الإسرائيلي على ضبط الأمن والتي لا يمكن أن تشكل بديلاً له.
واستباقاً لجولة كيري الجديدة ووثيقته، تعالت أصوات الليكود، حزب رئيس الحكومة نتنياهو، تعارض خطوات كيري من مسألة الانسحاب من غور الأردن والقدس واللاجئين ومعارضة بشدة الانسحاب إلى حدود 1967 وتريد الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الأربعة الكبرى في الضفة.
سلفان شالوم، الوزير متعدد الحقائب في حكومة نتنياهو والمرشح المحتمل لرئاسة الدولة خلفاً لشمعون بيريس قال صراحة من الإمارات العربية المتحدة: « في حال فرضت واشنطن مثل هذا الإطار فإن المفاوضات ستنفجر».
ولعل المفاوضة الإسرائيلية ليفني التي طارت إلى واشنطن بصحبة اسحق مولخو للقاء كيري لتمهيد لقائه مع نتنياهو في دافوس حملت معها رفضاً أو تعديلات للخطة المتبلورة واعتذاراً لتبريد الأجواء وهي الحريصة على علاقة مميزة مع أمريكا التي ترعى أمن إسرائيل. كل هذه المواقف الإسرائيلية المتشنجة دفعت الرئيس الأمريكي أوباما إلى خفض سقف توقعاته بنجاح كيري إلى أقل من %50.
والجديد الرابع، قبل جولة كيري المرتقبة هو الدور الأردني وما رافق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السرية للأردن ولقائه بالملك عبد الله الثاني. فقد بدا الدور الأردني غائباً عن وسائل الإعلام في الأشهر الستة الماضية. وبالتالي، عن مجرى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وجولات كيري رغم اللقاءات المتكررة التي تجمع الرئيس محمود عباس والملك عبد الله الثاني، والتي لا يمكن أن تغيب عنها التفاصيل المتاحة من الأفكار والمقترحات التي يطرحها الوزير كيري في جولاته ولقاءاته بالرئيس عباس.
ولم يستيقظ الإعلام الأردني إلاّ بعد الزيارة السرية لنتنياهو إلى الأردن، وبعد بلورة كيري لخطته التي سيعرضها في اللقاء المفترض في العقبة الأردنية. ولا شك أن الأردن ينظر ويتابع ويدقق في مسيرة المفاوضات ونتائج جولات كيري، وإن الأردن معني بتسوية نهائية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. فهو أكثر الدول تأثراً إيجاباً وسلباً بهذا الصراع، وإن قضايا الحل النهائي؛ القدس الشرقية والأماكن المقدسة فيها واللاجئين والحدود والأغوار والمياه وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 هي مصلحة أردنية كما هي مصلحة فلسطينية.
ولن تغير زيارة نتنياهو أو اجتماع العقبة أو التهويل الإسرائيلي من خطر المعابر على الأمن من هذه الحقائق ومن سعي الجانبين الفلسطيني والأردني إلى حلول جذرية ونهائية عادلة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وأطراف الصراع