الحدث- سوار عبد ربه
يثار في وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي، مؤخرا، موضوع مشاركة المقدسيين في انتخابات بلدية الاحتلال المتبقي على موعدها أكثر من عام، كموضوع أساسي يجري العمل على تغطيته بشكل مكثف، في إطار الدعاية والترويج لهذه الخطوة.
وأوضح رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، في لقاء مع "صحيفة الحدث"، أنه في كل عام يجري الترويج لهذه الخطوة ويتم طرحها والنداء لها، لكن ما يعتمده الاحتلال هو سياسة العمل التراكمي، أي أنه ما لم يستطع أن ينفذه مرة واحدة يعيد الكرة ويفتته إلى أجزاء صغيرة ويقوم بتنفيذه.
وبحسب الهدمي، فإن هناك عدة عوامل أسهمت باتجاه الترويج لمشاركة المقدسيين في انتخابات بلدية الاحتلال على هذه الشاكلة، أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان عام 2017 من قبل الإدارة الأمريكية، بالإضافة للواقع الزري للمدينة المقدسة، وفقدان أي أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية، إلى جانب الضعف الذي بدأ يظهر بشكل واضح في الهوية الوطنية الفلسطينية في مدينة القدس لدى المقدسيين، وبحسب الهدمي كل هذا في مواجهة الهبة المقدسية التي حدثت خلال السنتين الأخيرتين التي شكلت خطرا لدى الاحتلال الذي يريد أن يتجاوزها بدمج المقدسيين في إطار العملية السياسية والتمثيل داخل بلدية الاحتلال.
وأوضح رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد أن مساعي الاحتلال في أن يحصل المقدسيون على تمثيل، حتى لو كان شكليا داخل بلدية الاحتلال؛ لإشعارهم أنهم جزء من هذه المنظومة، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف وطأة المواجهة بينهم وبين الاحتلال.
ويرى الهدمي أن أحد أهم الضوابط التي أسهمت في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية في مدينة القدس وعلى ثبات أهلها حتى عام 2017، -أي العام الذي تم الاعتراف فيه بالقدس كعاصمة للاحتلال من قبل الإدارة الأمريكية-، هو عدم مشاركة المقدسيين في الانتخابات ما يعني أنهم يحظون بمكانة قانونية وفق القانون الدولي وهو أنهم شعب تحت الاحتلال، شاء الاحتلال أم أبى. مضيفا أن الأخير يتعامل مع المقدسيين على خلاف ذلك وهو يحاول أن يجعل منهم أقلية هامشية تعيش وسط المجتمع الصهيوني ويحاول أن يعطيهم حقوق الأقليات متناسيا أنهم أصحاب الديار وأن القانون الدولي يعتبرهم سكانا أصليين وشعبا محتلا.
وبحسب الهدمي، فإن قضية الهوية الوطنية والواقع القانوني لأهل مدينة القدس يستند إلى عدة أعمدة، أهمها أن أهل مدينة القدس لا يشاركون في اختيار ممثلين داخل كيان احتلالي، يرغب في تهجيرهم والتخلص من أكبر عدد منهم من أجل أن يصبحوا أقلية هامشية لا تشكل الصورة الحضارية، التي استطاع المقدسيون حتى يومنا هذا أن يحافظوا عليها، وعلى هويتهم في وجه الاحتلال، موضحا أن عملية المشاركة هي تدمير لهذا الواقع القانوني واعتراف ضمني بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وأننا قررنا أن نصبح جزءاً منه.
وفي سياق متصل، ظهرت بعض الأصوات التي تنادي بمشاركة المقدسيين في انتخابات البلدية، بزعم أنهم لا يستطيعون تحصيل حقوقهم، وفي حال المشاركة سيتمكنون من خدمة أنفسهم ومدينتهم بأنفسهم، وهو ما وصفه رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد بـ"الكلام الفاضي"، لأن تجربة مشاركة أهالي الداخل المحتل في الانتخابات ودخول بعضهم إلى "الكنيست" يمكن الاستناد عليها في أنها لم تجلب لهم مكاسب ذات قيمة يمكن الاعتماد عليها في الحفاظ على البقاء المقدسي داخل المدينة.
وكتب المحلل السياسي راسم عبيدات عبر صفحته في فيسبوك، أن قناة عبرية بثت بالأمس تقريرا حول المشاركة المحتملة لسكان القدس الفلسطينيين في انتخابات بلدية الاحتلال، وأجرت لقاءات مع شخوص مرشحين محتملين لتلك الانتخابات.
وتابع عبيدات: يدعي التقرير أن هذه الخطوة تحظى بدعم وإسناد من بعض القيادات في حركة فتح، في حين ترفضها كل من حركتي حماس والجبهة الشعبية.
وأكد ناصر الهدمي أن هناك إجماعا وطنيا يحاول البعض تفتيته وتشتيته بأن المشاركة في الانتخابات خيانة، وهذا الإجماع يجب أن يتم تعميمه والتأكيد عليه والعمل على توعية الشارع الفلسطيني والمقدسي على أن يرفض كافة أشكال المشاركة، موقعا المسؤولية على عاتق القيادات السياسية والشعبية، وكذلك وسائل الإعلام.