الحدث- محمد مصطفى
بدا موسم حصاد محصول الشعير هذا العام مختلفاً، فالأمطار الغزيرة والمتعاقبة التي هطلت طوال الموسم الشتوي الأخير، منحت المزارعين نباتات ناضجة ممتلئة السنابل، خلافاً لما كان سائداً خلال السنوات الأربع الماضية، التي كان الجفاف السمة الغالبة عليها.
طقوس احتفالية
وتوجهت عائلات بأكملها إلى حقول الشعير المنتشرة في مختلف أنحاء جنوب قطاع غزة، لاسيما المناطق الشرقية، للبدء بحصاد النباتات الصفراء الجافة، وتجميعها في أكوام، وهي عملية تسمى محلياً "تجرين"، تمديداً لجلب ماكينات درس، مهمتها فصل السيقان عن الحبوب.
ويقول المواطن يوسف ماضي، إنه كان ينتظر طوال العام لحظة حصاد المحصول، وقد أكرمه الله بأمطار غزيرة فاقت توقعاته، ما أسهم في نمو النبات بصورة متسارعة، وصولاً لمرحلة النضج الكامل، متوقعاً أن يمنحه المحصول هذا العام إنتاج وفير ومميز، يعوضه خسائر الأعوام الماضية.
وبين ماضي أنه اصطحب معه إلى الحقل كافة أفراد الأسرة، ليعاونوه في الحصاد، وبدؤوا باستخدام المنجل، والأيدي بقطع النباتات وتجميعها في أكوام، وعاشوا أجواء احتفالية جميلة.
وبين أنه يسارع الزمن وصولاً لاكتمال حصاد المحصول، وجلب آلة الدرس، تمهيداً لنقله من الأرض التي تقع بمحاذاة خط التحديد، فبقاء الشعير الجاف في سيقانه أمر بالغ الخطورة، خاصة مع اعتياد قوات الاحتلال على إطلاق قنابل دخانية وحارقة تجاه المحاصيل الجافة في كل عام، ما يتسبب في احتراقها.
ولفت ماضي، إلى انه ينوي بيع جزء من المحصول سواء سيقان أو حبوب، والاحتفاظ بالباقي كأعلاف للحيوانات والطيور.
صنع الفريكة
ولم تمنع الأجواء الخطرة، التي تحيط بالمزارعين والعمال قرب مناطق التماس، جراء إطلاق النار والتواجد الإسرائيلي المكثف، ملاك حقول الشعير من إقامة طقوساً احتفالية معينة، اعتادوا على ممارستها في كل موسم حصاد، من بينها صنع الفريكة، والتي تتطلب عمل دءوب وطريقة خاصة، معظم من يتقنها هم كبار السن.
والفريكة أكلة شعبية من التراث الفلسطيني، ولها فوائد صحية عظيمة، كما أنها تدخل في الكثير من الأكلات، ويزداد طهيها في شهر رمضان الفضيل، مع حساء الضأن، ومع الدجاج والكثير الأطعمة.
ويقول الحاج خليل عيسى، إنه لا يمكن أن يفوت موسم حصاد القمح أو الشعير دون صنع الفريكة، وتخزينها لشهر رمضان، فهي طبق يومي على مائدة الإفطار، يصنع منها الحساء الذي يبدأ به طعامه، نظراً لفائدتها الصحية الكبيرة كما يؤكد.
وأوضح عيسى أن، أنه يعتني ببقعة من المحصول بشكل أكبر، ويرويها على فترات زمنية متقاربة، حتى ينضج المحصول فيها بشكل جيد، وتكبر حبات القمح والشعير، لتكون أفضل وأجود لصنع الفريكة.
وأكد عيسى أن صنع الفريكة كان جزء من طقوس فلسطينية كان يمارسها المزارعون الفلسطينيون وعائلاتهم قديماً في موسم الحصاد، من بينها ترديد أناشيد معينة، وإقامة ولائم خاصة، لكن للأسف هذه العادات بدأت تتراجع، حتى أضحى الأمر مقتصراً على طقوس سريعة.